ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الناتو العربي.... حلمٌ  ام وهم

الامة العربية او ما يعرف بالشرق الاوسط ,تعرضت المنطقة لعديد الغزوات والحملات على مدى التاريخ ,تفاوتت مدد الاحتلال, لكنها احدثت شرخا كبيرا في علاقة ابناء المنطقة فيما بينهم, الدولة العثمانية رغم انها اسلامية ورحب بها العرب الا انها عاملتهم بشيء من الدونية فرضت عليهم الضرائب والرسوم او ما يعرف بالميري,وشيدت بها المباني والقصور في تركيا, بينما ظلت البلاد العربية, مجرد مستعمرات, يجند ابنائها من قبل العثمانيين للغزو والقرصنة وكسب الاموال.لهذا السبب قامت الثورة ضد الحكم العثماني ومحاولة الانفصال عن بمساعدة الانجليز ولفرنسيس وفق اتفاقية سايكس- بيكو وتمت اعادة الاحتلال من قبل الغرب.

تاريخ العرب المعاصر بعيد نيلهم الاستقلال عن الغرب, كانت هناك محاولات لتوحيد الامة وحفظها من التشرذم ,المؤكد ان ما يسمى بوعد بلفور كان الجرح العميق الذي لم يندمل باقتطاع جزء من ارضه, بل يمثل قلبه النابض, ليستوطنه شذاذ الافاق, لإقامة دولة دينية صهيونية لهم ويتم تشريد شعبها الأصلي ليعيش في الشتات.

في منتصف القرن الماضي, تكون حلف السنتو او ما عرف بحلف بغداد, وشمل كل من ايران وتركيا والعراق برعاية بريطانية لمنع التمدد الشيوعي بالمنطقة لكن خروج بغداد باكرا منه ادى الى واده في المهد.

محاولات الوحدة بين الاقطار العربية لم يكتب لها النجاح بسبب التدخلات الخارجية ,واصرار بعض الزعامات على ان تقود المرحلة, وكانت وحدة مصر وسوريا واستمرارها لعامين كاملين, الأمل المنشود لكل عربي غيور, وحدث الانفصال الذي حطم الآمال.

فكرة الناتو العربي او الناتو العربي الاسلامي تم تداولها في العديد من المؤتمرات والقمم المشتركة لأجل الخروج من الوضع الاقليمي الراهن الذي جعل من العرب لقمة سائغة بيد جيرانهم, لكن الفكرة لم تتبلور على مدى عقود من الزمن, فالخليجيون بالمجمل لا يرغبون في ان تكون ايران وتركيا ضمن الحلف, عقب الضربة الجوية الصهيونية الاخيرة على قطر ,وبدل ان تعيد تقييم علاقاتها مع امريكا التي لها قاعدة بها لأجل حمايتها, نجدها تجدد اتفاقية التعاون العسكري والدفاع المشترك معها (لا ملجأ منك الا اليك),في حين عمدت السعودية على توقيع اتفاقية مع الباكستان للتعاون والدفاع المشترك, بينما تسعى مصر الى اقامة تعاون عسكري مع تركيا, بعد الايماءات من دول الخليج بعدم رغبتهم في تولي مصر قيادة المنظمة العسكرية "الناتو العربي" .

هكذا هم غالبية الرؤساء العرب لا يعملون لصالح بلدانهم بل لصالح انفسهم لأجل استمرارهم في الحكم ,تحالفات الخليجيين مع امريكا لأجل الدفاع عنهم ضد العدو الوهمي(ايران) الذي اختلقته لهم, لكن الضربة اتت من ابن امريكا المدلل والذي تقيم معظم دول الخليج معه علاقات وطيدة في مختلف المجالات.

قطاع غزة يتعرض ولعامين متتاليين الى ابادة جماعية والحكام العرب يتفرجون بل وللأسف يمدون الصهاينة بالمؤن ابان ازمة البحر الاحمر من قبل اليمنيين. العرب الذين اجتمعوا في الدوحة استنهاضا للهمم ,لم يجرؤوا على سحب السفراء من الكيان المحتل او الطلب إلى سفراء العدو لديهم بالمغادرة, بل اكتفوا كعادتهم بالتنديد والاستنكار والاستهجان, كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا ترجع حقا استلب, بل تجعل الاعداء يتمادون في اعمالهم الشنيعة, من المخجل ان نجد بعض الدول الغربية تقطع علاقاتها السياسية والعسكرية مع الصهاينة مثل اسبانيا, بينما الحكام العرب متمسكون بالعلاقت مع الصهاينة مهما حدث. 

الناتو العربي حلم كل عربي ليكون للامة شان, خاصة وان الدول العربية تمتلك المقدرات الاقتصادية والبشرية, لان تكوّن تنظيما سياسيا عسكريا يحفظ لها امنها واستقرارها ,ولكن بعض الزعماء العرب المتمسكين بكراسيّهم يجعلون من ذلك الحلم وهماً يخيم على ابناء الوطن لتستمر المعاناة.