د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
برنامج المواد العشر ومستقبل إيران والمنطقة
في خضمّ الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بإيران، تطرح السيدة المناضلة، مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، رؤيةً بديلةً لتأسيس نظام ديمقراطي يضمن الحرية والعدالة للشعب الإيراني، ويُسهم في استقرار المنطقة. تتلخّص هذه الرؤية في "الخطّة العشرية" التي تشكّل برنامجاً سياسياً شاملاً لمستقبل إيران بعد سقوط نظام الملالي.
تم تقديم خطة مريم رجوي المكونة من 10 نقاط لمستقبل إيران لأول مرة في ديسمبر 2006، خلال اجتماع في مجلس أوروبا. تمثل هذه الخطة جوهر مطالب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لإيران المستقبلية، حيث تدعو إلى إقامة جمهورية تعددية تستند إلى الفصل بين الدين والدولة، والمساواة بين الجنسين، وإلغاء عقوبة الإعدام، وترسيخ قيم السلام والتعايش، والقضاء على الاضطهاد المزدوج للأعراق والقوميات الإيرانية، وإيران خالية من الأسلحة النووية.
وقد حظيت هذه الخطة بالاعتراف مرارًا وتكرارًا، من خلال قرارات صادرة عن الكونغرس الأمريكي وبعض البرلمانات الأوروبية، وكذلك من قبل شخصيات دولية، باعتبارها خارطة طريق نحو إيران حرة.
تتضمن خطة مريم رجوي عشرة مبادئ أساسية، أبرزها:
1. لا لولاية الفقيه. نعم لحكم الشعب في جمهورية تعددية بأصوات حرة للشعب.
2. حرية التعبير وحرية الأحزاب وحرية التجمع وحرية الصحافة وحریة الفضاء السيبراني.
تفكيك قوات الحرس، وقوة القدس الإرهابية، وشبيحة النظام، وقوة الباسيج، ووزارة المخابرات، ومجلس الثورة الثقافية، وجميع الدوريات والمؤسسات القمعية في المدن والقرى وفي المدارس والجامعات والدوائر والمصانع.
3. ضمان الحريات والحقوق الفردية والاجتماعية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحلّ أجهزة الرقابة وتفتيش المعتقدات، ومقاضاة المسؤولين عن مجزرة السجناء السياسيين، وحظر التعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام.
4. الفصل بين الدين والحكومة وحرية الأديان والمذاهب.
5. المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومشاركة المرأة المتساوية مع الرجل في القيادة السياسية، وإلغاء جميع أشكال التمييز، والحق في حرية اختيار الملبس، والزواج، والطلاق، والتعليم والعمل. وحظر استغلال المرأة تحت أي ذریعة.
6.استقلال السلطة القضائية ونظام قضاء مستقل، وفقاً للمعايير الدول لدولية القائمة على مبدأ البراءة، والحق في الدفاع، والحق في المقاضاة، والحق في التمتع بمحاكمة علنية، والاستقلال الكامل للقضاة. وإلغاء قوانين نظام الملالي «الشرعیة» ومحاكم الثورة الإسلامية.
7. الحكم الذاتي ورفع الاضطهاد المزدوج عن القوميات والإثنیات الإيرانية على غرار مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران.
8. العدالة وتكافؤ الفرص في التوظيف والأعمال والتجارة والسوق الحرّ لجميع الإيرانيين. وإحقاق حقوق العمال والفلاحين والممرضين والممرضات والموظفين والتربويين والمتقاعدين.
9. حماية وإحیاء البيئة التی تدمرت في حکم الملالي.
10. إيران غير نووية خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتحقيق السلام والتعايش والتعاون الاقليمي والدولي.
تأثير خطة السيدة مريم رجوي ذات المواد العشر على المنطقة: الآمال، والتحديات
تُعد خطة المواد العشر التي طرحتها السيدة مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، حجر الزاوية في الرؤية المستقبلية لإيران ما بعد نظام الملالي. وقد أثارت هذه الخطة اهتمامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والحقوقية على مستوى المنطقة والعالم، لما تتضمنه من مبادئ ديمقراطية، علمانية، ومُلهِمة لشعوب تتوق للحرية. في هذا المقال، نسلط الضوء على أثر هذه الخطة على منطقة الشرق الأوسط، والتحديات التي تواجهها.
التأثير الإقليمي للخطة
إذا تحققت هذه الرؤية، لن تشهد إيران تحوّلاً داخلياً فحسب، بل سينعكس ذلك إيجاباً على المنطقة بأكملها:
- بداية جديدة لإيران: إذا ما تحققت هذه الخطة، فإنها ستحول إيران من دولة مصدّرة للتطرف الطائفي إلى نموذج ديمقراطي مدني، ما سيغيّر موازين القوى في المنطقة.
- تحفيز شعوب المنطقة: تُعد الخطة مصدر إلهام للشعوب المضطهدة في دول المنطقة، حيث تقدم مثالًا عمليًا لانتقال سلمي للسلطة وإقامة نظام قائم على المواطنة.
- كبح التوسع الإيراني: من شأن تطبيق هذه الخطة أن يُنهي المشروع التوسعي للنظام الإيراني في لبنان، وسوريا، والعراق واليمن، مما يمهّد الطريق للاستقرار الإقليمي.
- تحسين العلاقة مع الغرب: تعهد إيران المستقبلية بعدم السعي للسلاح النووي والتعاون مع المجتمع الدولي، سوف يُحدث تقاربًا دوليًا واستثمارات اقتصادية تُنعش المنطقة.
التحديات أمام تنفيذ الخطة
رغم وضوح الرؤية، تواجه خطّة السيدة مريم رجوي تحديات، منها:
- معارضة القوى المحافظة داخلياً وخارجياً.
- القبضة الأمنية لنظام الملالي: ما زال النظام الإيراني يحتفظ بجيش، حرس ثوري، وأجهزة استخبارات تَقمَع أي حراك نحو التغيير، ما يُعقّد إمكانية التطبيق الفوري للخطة.
- صعوبة تحقيق الانتقال السلمي في ظلّ قمع النظام الحالي.
- تشكيك بعض القوى الإقليمية والدولية في جدواها.
- غياب الدعم الدولي الكافي: رغم التعاطف الدولي، لم تقدِم الدول الكبرى بعد على اعتراف رسمي بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل شرعي للنظام، وهو ما يؤخر الانتقال السياسي.
- التأثير السلبي للوبيات المؤيدة للنظام الإيراني: هناك لوبيات إعلامية وسياسية واقتصادية في الغرب تعمل على تشويه صورة المقاومة الإيرانية والتشكيك في الخطة.
- خطر الفوضى بعد سقوط النظام: التخوّف من الفوضى أو الحرب الأهلية ما بعد إسقاط النظام يُقلق بعض الجهات، ويجعلها تتردد في دعم أي تغيير جذري.
الخاتمة
رغم التحديات، تبقى خطة المواد العشر التي تقودها السيدة مريم رجوي أحد أبرز الطروحات البديلة الجادة لنظام ولاية الفقيه. فهي تضع تصورًا واضحًا لدولة مدنية ديمقراطية حديثة، تُلهم شعوب المنطقة وتطرح بديلًا واقعيًا للنظام الحالي. ما تحتاجه هذه الخطة اليوم هو دعم سياسي دولي، وتضامن شعبي إيراني، وحراك إقليمي يُسهم في فتح الطريق نحو التغيير الحقيقي.
تمثّل خطّة مريم رجوي العشرية أملاً للشعب الإيراني الذي يتطلّع إلى الحرية، كما تُقدّم حلولاً عملية لأزمات المنطقة. ورغم التحديات، فإنّها تبقى إطاراً مرجعياً لأي نقاش حول مستقبل إيران بعد نظام الملالي. نجاحها مرهون بدعم الشعب الإيراني والتضامن الدولي مع نضاله من أجل التغيير.