د. عمر الزيود يكتب لـ(اليوم الثامن):
الحل الثالث؛ طريق الشعب الإيراني نحو الحرية والديمقراطية
كانت إرادة الشعوب على مر العصور المحرك الأساسي لتشكيل أنظمة الحكم.. فالشعوب بحرية اختيارها هي التي تحدد مسار المستقبل السياسي لأوطانها.. وأي نظام يفرض نفسه بالقوة أو القمع يفتقر إلى الشرعية الشعبية وبالتالي يكون مصيره الفشل؛ التاريخ يعلمنا أن الأنظمة القمعية مهما طال عمرها ستواجه مقاومة شعبية لا تتوقف حتى تحقيق التغيير، وفي هذا السياق تبرز قضية إيران كمثال واضح لتطلعات شعب يناضل من أجل الحرية والديمقراطية.
في إيران يعاني الشعب من نظام ديكتاتوري يرفضه بشدة.. وقد تجلى هذا الرفض في الانتفاضات المتكررة التي شهدتها البلاد حيث قدم الشعب الإيراني آلاف الضحايا في سبيل الحرية، ولا يرغب الشعب في تمددات إقليمية أو حرب خارجية كما حدث في الصراع الذي استمر 12 يومًا بين إسرائيل والنظام الإيراني، ولا يقبل بالتساهل مع النظام الحاكم.. إنه يطمح إلى نظام ديمقراطي يعبر عن إرادته الحرة، ويتماشى هذا الطموح مع رؤية المقاومة الإيرانية التي طرحت منذ عقود فكرة "الحل الثالث".. يقوم هذا الحل على دعم مقاومة الشعب ضد الدكتاتورية سواء كانت دكتاتورية الشاه سابقًا أو دكتاتورية نظام الملالي الحالي.. والشعب الإيراني الذي أطاح بالشاه في ثورة 1979 يواصل نضاله اليوم ضد النظام الديني القمعي، وقد أثمر هذا النضال الذي استمر لعقود عن وعي شعبي يرفض العودة إلى أي شكل من أشكال الاستبداد، ويسعى إلى إقامة حكومة ديمقراطية علمانية.
تعكس رؤية الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هذه التطلعات؛ فهي تدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وفصل الدين عن السلطة، وضمان حرية التعبير، تحقيق المساواة بين الجنسين، وإقامة إيران خالية من الأسلحة النووية.. وتؤكد هذه المبادئ أن المقاومة لا تسعى إلى الانتقام بل إلى بناء مجتمع حر وعادل.
التساهل مع النظام الإيراني لم يكن يومًا حلاً فعالاً.. ولقد أثبت التاريخ أن التنازلات الدولية عززت بدورها من قدرات النظام على القمع الداخلي ودعم الإرهاب وتطوير برامجه النووية؛ كما أن التدخل العسكري الخارجي كما رأينا في تجارب العراق وأفغانستان يؤدي إلى الفوضى ويخدم النظام الذي يستغل الشعارات القومية والطائفية لقمع المعارضة، وكلا الخيارين "التساهل أو الحرب" لا يتماشيان مع إرادة الشعب الإيراني.
"الحل الثالث" هو الخيار الذي تتبناه المقاومة ويدعمه الشعب.. ويعتمد على تمكين الشعب الإيراني من تقرير مصيره عبر دعم مقاومته المنظمة، وقد أكدت السيدة رجوي مرارًا أن المقاومة الإيرانية لا تحتاج إلى أموال أو أسلحة.. بل تحتاج إلى حياد دولي وتأييد لحق الشعب في المقاومة، ويتماشى هذا الحل مع مبدأ تقرير المصير، ويتطلب من المجتمع الدولي مواقف صريحة وشفافة، وضغوط دبلوماسية وفرض عقوبات على مؤسسات القمع.
في عالم يواجه تهديدات التطرف والإرهاب يقدم الحل الثالث نموذجًا للديمقراطية كبديل للدكتاتورية، واعتماد هذا الحل واسناده ليس مجرد واجب أخلاقي بل ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي، وقيام إيران ديمقراطية لن تكون لصالح شعبها فحسب بل ستسهم في استتباب السلم والازدهار بالمنطقة.
كلمة أخيرة
يعكس نضال الشعب الإيراني لأكثر من قرن.. من ثورة المشروطة إلى احتجاجات اليوم.. يعكس حلمه بالحرية وقيام دولة يسودها القانون والعدل.. والحل الثالث الذي يقوم على تمكين الشعب ودعم مقاومته هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الحلم بقيام إيران حرة.. ديمقراطية ومستقلة.