د. اشجان الفضلي تكتب لـ(اليوم الثامن):
من وحي إبراهيم الفقي.. مفتاح السعادة والنجاح بين يديك
لطالما ألهمنا الدكتور إبراهيم الفقي، رحمه الله، بكلماته العميقة ونصائحه التي لامست جوهر النفس البشرية. كان الفقي رائدًا في التنمية البشرية، وقدم لنا أدوات بسيطة لكنها قوية لإدارة مشاعرنا، التعامل مع تحديات الحياة، وتحقيق أقصى إمكاناتنا. أتذكر بوضوح كيف كانت كتبه نقطة تحوّل في حياتي عندما كنت في الثلاثين من عمري. لقد ساهمت في ترتيب أفكاري، بناء استراتيجيات حياة قوية، وأكّدت لي أنني كنت على المسار الصحيح في أغلب ممارساتي الحياتية وأسلوب تفكيري، مؤكدةً لي أنني سيد مشاعري . في هذا المقال سنتعرف على ان كل مبدأ هو "مفتاح" أو "أداة" نحو هذا الهدف الأسمى
أنت سيد مشاعرك
من أبرز ما علّمنا إياه الفقي هو أننا الوحيدون القادرون على التحكم في مشاعرنا. يقول: "لا أحد يستطيع أن يغضبك أو يحبطك بدون إذنك." هذه الفكرة جوهرية؛ فما نشعر به في داخلنا ليس بالضرورة نتيجة مباشرة لما يحدث حولنا، بل هو بسبب تحليلنا نحن للأمور. إذا غيرت طريقة تحليلك للحدث، ستتغير مشاعرك وانفعالاتك تجاهه.
لنفترض أن أحدهم وجه إليك كلمة جارحة. إذا حللت الأمر بأنه إهانة وانتقاص من قدرك، فستشعر بالغضب والإحباط. لكن الفقي يدعونا إلى تبني منظور مختلف: "حلل الأمر أن الشخص الذي تتعامل معه ربما يمر بظروف صعبة في حياته جعلته يقول هذا الكلام، فتشعر بالشفقة عليه." هذا التغيير البسيط في التحليل يحول مشاعر الغضب إلى تعاطف، ويحميك من الدخول في دوامة سلبية.
تقبل ما لا يمكن تغييره وركز على ما تملكه
الحياة مليئة بالتحديات التي لا يمكننا التحكم بها. نصحنا الفقي بأن "نتعلم أن نتقبل ما يستحيل تغييره وأن نركز على ما نستطيع التأثير فيه." هذه الحكمة تحررنا من إهدار طاقتنا في مقاومة ما لا يمكننا تغييره، وتوجهنا نحو استثمار جهودنا في الجوانب التي نملك القدرة على إحداث فرق فيها. سواء كانت ظروفًا قاهرة أو تصرفات الآخرين، تقبل الواقع هو الخطوة الأولى نحو السلام الداخلي والقدرة على المضي قدمًا.
لا يوجد فشل بل تجارب
واحدة من أقوى رسائل الفقي التي تبعث على الأمل هي قوله: "اعلم أنه لا يوجد شيء اسمه فشل، وإنما توجد تجارب في الحياة." هذه النظرة الإيجابية تحول الإخفاقات من نهايات مؤلمة إلى محطات تعليمية قيمة. كل "فشل" هو في الواقع فرصة للتعلم، التطور، وإعادة المحاولة بأسلوب مختلف. عندما نرى الحياة كسلسلة من التجارب، نفقد الخوف من المحاولة ونصبح أكثر جرأة في استكشاف إمكاناتنا.
طريق الحكمة: القراءة والتفاعل
ختامًا، قدم لنا الفقي مفتاحين أساسيين لزيادة حكمتنا: "هناك أمران سيجعلانك أكثر حكمة: الكتب التي تقرأها والأشخاص الذين تتعامل معهم." القراءة توسع آفاقنا المعرفية، تعرضنا لأفكار وثقافات مختلفة، وتثري عقولنا. أما التفاعل مع الأشخاص، خاصة أولئك الذين يملكون خبرات ووجهات نظر متنوعة، فيمنحنا فهمًا أعمق للحياة والعلاقات الإنسانية.
رحم الله الدكتور إبراهيم الفقي الذي ترك لنا إرثًا عظيمًا من النصائح التي لا تقدر بثمن. كلماته ليست مجرد عبارات جميلة، بل هي مبادئ عملية يمكننا من خلالها تحسين جودة حياتنا وتصحيح مسارنا نحو السعادة والنجاح. شكرًا لكل من ترك لنا أثرًا طيبًا، وشكرًا للفقي على إلهامه الدائم.