شهريار كيا يكتب لـ(اليوم الثامن):

خامنئي يواجه الانهيار بالإعدامات اليومية

الانهيار الحتمي لنظام الملالي في إيران: اعتراف من داخل أروقة السلطة

حتى الأصوات القادمة من داخل النظام باتت تعترف بانهيار منظومة بُنيت على القمع والفساد والخداع.

لقد أحاط الانهيار الحتمي بالنظام الثيوقراطي الحاكم في إيران من كل جانب. وليس ذلك صدفة أو مفاجأة، بل نتيجة مباشرة لستةٍ وأربعين عاماً من الاستبداد والتمييز والفساد. النظام الذي كان يروّج شعارات "العدالة" و"الروحانية"، يغرق اليوم في مستنقع العجز وفقدان الثقة العامة.

حتى داخل أروقة الحكم، ترتفع الأصوات ـ لا طلباً للإصلاح ـ بل كشهودٍ مترددين على سقوطٍ يقترب. فما يسمّونه "إصلاحاً" ليس إلا اعترافاً ضمنياً بأن نظام ولاية الفقيه لم يعد يملك سوى القمع والخراب وتكرار الفشل.

في 11 أكتوبر، نقلت قناة البرلمان الإيراني على تطبيق تلغرام عن النائب روح‌الله موسوي (عن لردغان) قوله:

"قال الدكتور حسابي ذات مرة إنّ الدولة التي لا تستطيع تأمين حياة كريمة لمتقاعديها، ليس لها مستقبل مشرق."

هذه العبارة الاقتصادية في ظاهرها هي في جوهرها اعتراف بالهزيمة. وأضاف موسوي متسائلاً:

"كيف سيسجّل التاريخ هذه الأيام القاتمة؟ وكيف سيتذكرنا نحن المسؤولين؟"

سؤال بلاغي يحمل جوابه في طيّاته: فالتاريخ لا يذكر الطغاة إلا بالسواد. وفي لحظة نادرة، قال موسوي صراحة:

"نحن اليوم نقف في ذروة الضغوط على الشعب."

هذه الجملة تختصر كل إرث النظام الديني في إيران، الذي بنى سلطته على مواجهة شعبه. حتى ممثلوه يعترفون اليوم بأنّ القمع هو إنجازهم الوحيد.

وحين حاول موسوي تلطيف نبرته باستحضار مقولة للدكتور محمد مصدق:

"عندما تكون معيشة الشعب في خطر، فإن التساهل مع الفاسدين خيانة وطنية."

إلا أنه تجاهل أنّ النظام نفسه هو المأوى الطبيعي لهؤلاء الفاسدين، إذ إنّ الفساد في نظام ولاية الفقيه ليس استثناءً بل قاعدة.

وفي اليوم نفسه، كشف نائب آخر هو هادي غوامي في حديثٍ لإذاعة "راديو فرهنگ" عن اعترافٍ جديد، قائلاً:

"القوانين والمؤسسات المتكررة لدينا تحولت إلى بيئة خصبة للفساد والسخط العام، ويجب إغلاق قنوات الفساد هذه."

لكن هذا الكلام ليس وصفة إصلاح بل شهادة على مرضٍ مستفحل. فهذه "القنوات" ليست هامشية بل هي أساس بنية النظام نفسه. واعترف غوامي بأنّ:

"خمسين بالمئة من استياء الناس مصدره الجهاز القضائي."

وهذا ربما الاعتراف الأوضح: فالقضاء الذي يُفترض أن يجسد العدالة أصبح في الواقع أداة بيد خامنئي يقطع بها كل معنى للقانون والحقوق والإنصاف.

اليوم، حتى الموالون يشتمّون رائحة التعفّن، لكن الاعتراف بالفساد لا يعني إدراك طريق الخلاص. فما زالوا يعتقدون بوهم الإصلاح من داخل نظامٍ أثبت فشله طيلة ستةٍ وأربعين عاماً.

إنّ الطريق إلى المستقبل لا يمر عبر هذا الإطار الفاسد، بل عبر إرادة الشعب الإيراني نفسه؛ إرادة الرجال والنساء الذين يستعيدون الأمل من رماد الاستبداد عبر المقاومة المنظمة وأعمال التحدي اليومية.

الإعدامات اليومية... وسلاح خامنئي للبقاء

وفي ظلّ هذا الانهيار، لجأ علي خامنئي إلى سياسة الإعدامات اليومية وسفك الدماء كوسيلة لترهيب المجتمع ومنع اندلاع انتفاضةٍ شاملة. فكلّ عملية إعدام جديدة ليست تطبيقاً للقانون، بل رسالة رعب موجهة إلى شعبٍ لم يعد يخشاه. النظام الذي يفقد السيطرة في الداخل ويحاصر دولياً، لم يعد يملك سوى حبل المشنقة لإطالة عمره. لكن هذا السلاح الدموي لن يمنع سقوطه المحتوم.

الخلاص بيد الشعب

المستقبل لا ينتمي إلى من يقفون "في ذروة الضغط على الناس"، بل إلى من يقفون "في ذروة الإيمان بالحرية".
إنّ سقوط نظام ولاية الفقيه بات مسألة وقت، لأنّ الشعوب التي تُحكم بالمشانق لا يمكن أن تبقى سجينة إلى الأبد.