د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
تلك هي سياسة الغرب تصنع أبطالا من نمور من ورق!!!
نظاماً ميكيافيلياً متهرئا في إيران بالكاد يكون نمرا ورقيا؛ صنع منه الغرب بطلاً ورقماً.. وهذا هو الغرب وتلك هي سياساته في الشرق الأوسط وما أفضت إليه في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وما تسبب في إحداثه من دمار أصاب القضية الفلسطينية برمتها ودمر غزة وأباد وشرد أهلها وها هي تصل إلى درجة الفناء.. نعم تلك هي سياسات الغرب ونظامه العالمي سياساته التي لم ينتج عنها رشدا سواء في حقبة الدكتاتورية الشاهنشاهية أو حقبة دكتاتورية الملالي وشريكهم الأسد الهارب الذي حكم بلدا لا ينتمي إليه.. لذلك هرب في أهون المواجهات وتركه خلفه لا يعنيه في شيء بعد أن استنزف موارده وها هو يستنفع بها في منفاه.. وتلك هي صنائع الغرب التي ستستمر لطالما أستمرت صنائعه السياسية بالمنطقة.
بات من الواضح تماما أن نظام الملالي الحاكم في إيران ليس هو المستهدف في تلك المواجهات العبثية وإنما الهدف هو هدم الدول على رؤوس شعوبها لترويضها واذلالها فيما بعد؛ والبنية الطبيعية لهم في هذا السياق هي وضع أنظمة هدامة كهذه الأنظمة على رأس الحكم في إيران والعراق وسوريا.. وإنهاك الشعوب بما لا تطيق ومن ثم تسهل الإملاءات عليها..
الغرب تديره الشركات الرأسمالية الكبرى.. والشرق الأوسط تحركه أطماع هذه الشركات وبالتالي العمل على إبقاء الولي الفقيه في حكم إيران هو خدمة لمصالحها.. لكن المفاجآت التي لم تكن في الحسبان عندما أسقط ثوار سوار نظام الأسد وولى هاربا هي نفس المفاجآت التي قد تُحدِثها وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وعندما يتصاعد المد الثوري للشعوب تتكسر تحت أقدامها كل المخططات وإن تعاظمت في تدابيرها وكلفتها.. وعلى العالم الحر أن يعي ذلك.
لسنا ممن ينخدعون بجملة أو بفيض من الشعارات ونعلم ونقرأ ما يدور خلف الكواليس، وقد يصنع الغرب من نظام الملالي ويهيئ له الظروف ليصبح بطلا إقليميا في أعين المخدوعين لكنه يبقى في أعيننا وأعين العارفين نمراً من ورق.. وليعلم الجميع أن الضحايا التي تقع على يد نظام الملالي الطاغوتي في إيران ودول المنطقة من جراء حملات قتل حكومي وإخفاء قسري وتمدد وهيمنة إقليميين تفوق بعشرات الأضعاف حصيلة الخسائر البشرية نتيجة تلك الحروب العبثية التي حولت ملالي الظلام في إيران من نمور ورقية إلى أبطال يعلنون التمرد على كل شيء ويفرضون القنبلة النووية الإيرانية كأمر واقع، وكل ذلك نتاجاً لسياسة المهادنة والاسترضاء الغربية؛ هذاإن لم مخطط ٌ له.. في حين أنه كان بالإمكان دعم نضال الشعب الإيراني ومقاومته التقدمية بدلا من محاصرتها وتقييدها...
كم تمنينا أن يتخلى الغرب عن سياسة المهادنة وعن تشجيع نظام الملالي الفاشي في إيران على نهج الحروب والفتن واختطاف الرهائن والابتزاز؛ لكننا ندرك تماماً أن يعلم موقن بأن سلاح الملالي النووي لن يكون إلا وسيلة تركيع للمنطقة فقط ولن يضر الغرب في شيء فجدران مفاعل ديمونة لم تتعرض لطلقة واحدة منه رغم أنهم حرق الميناء على رأسه قبل حرب الـ 12 يوماً، وقتلوا له خيرة قادته في خروج لن يتكرر عن السيناريو المألوف بتوجيه من المخرج...
في الوقت الذي نجد فيه خطاب وسياسات الغرب بهذا المسار الخاطئ، ونهج نظام الملالي بهذا المسار التدميري نجد أن البديل الديمقراطي بقيادة السيدة مريم رجوي لا يرحب بوقف إطلاق النار في هذه الحرب العبثية فحسب بل يدعو إلى إنهائها ولا سبيل لإنهائها إلا بإسقاط النظام الحاكم في إيران، ووفقا لهذه الرؤية تقول السیدة مريم رجوي بأن إنهاء الحرب يُعدّ خطوة إلى الأمام نحو الحل الثالث: وفق شعار لا للحرب ولا للمساومة، وتضيف دعوا الشعب الإيراني يقرر مصيره بنفسه، ويقوم بإسقاط خامنئي ودكتاتورية ولاية الفقيه في معركته المصيرية، ولقد رفض الشعب الإيراني في نضاله المتواصل منذ عقود طوال، ومن خلال انتفاضاته المتكررة ودفعه لأثمان باهظة ودماء كثيرة.. رفض دكتاتوريتي الشاه وولایة الفقیه على حد سواء.. إننا نريد جمهورية ديمقراطية غير نووية تقوم على فصل الدين عن الدولة، وعلى المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وكذلك على الحكم الذاتي للقوميات في إيران.. وهذا هو ما سيحقق السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والاستقرار والإعمار والصداقة والتعاون والتنمية الاقتصادية للمنطقة والعالم أجمع.
ما أوضح الفارق في الرؤية والنهج بين من يريد ويسعى إلى إيجادِ حلٍ واقعي وحقيقي ممكن على الأرض وبين من يناور محافظاً على بقاء الأزمات وتبعاتها.. ومن لا يستطع قراءة الأحداث التاريخية وما يجري على الأرض لن يخرج عن إطار تسليم عقله وإرادته بملء إرادته لنظام الملالي والمخادعين ممن يعملون على حرق الشرق الأوسط ومن فيه، ويبقى قيام إيران ديمقراطية موحدة وغير نووية تحترم كامل الحقوق لكافة مواطنيها هو الأمل الوحيد لخلاص الشعب الإيراني والتهدئة في المنطقة
د. محمد الموسوي/ كاتب عراقي