الابتكار الاجتماعي..
اليمن: شراكة القطاع الخاص والدولي تُسدل الستار على “مختبر الابتكار الاجتماعي” في تعز
يرتبط مختبر الابتكار الاجتماعي بأهداف استراتيجية تتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية المجتمعية، وتحديات تمكين الشباب في ظل أزمة بطالة يقدر معدلها محلياً بنحو 45%، فضلاً عن الحاجة إلى رفع جودة الخدمات التعليمية في المناطق الحضرية والريفية

23 فريقاً شبابياً يتنافسون في “مختبر الابتكار الاجتماعي” بدعم هائل سعيد أنعم والاتحاد الأوروبي
اختتمت جامعة السعيد في مدينة تعز باليمن فعاليات النسخة الثانية من «مختبر الابتكار الاجتماعي 2025» الذي امتد على مدار أربعة أيام بمشاركة 23 فريقاً شبابياً من سبع محافظات يمنية. ترعى المختبر مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، بشراكة فنية مع مؤسسة ديب روت، وتنفيذية مع مؤسسة رواد، ومدعومة من قِبل الاتحاد الأوروبي، في إطار مبادرات التنمية الاقتصادية للقطاع الخاص.
شهد الحفل الختامي حضور مدير عام مكتب التخطيط والتعاون الدولي بمحافظة تعز، نبيل جامل، ورئيس فريق العمل في إقليم اليمن لمجموعة هائل سعيد أنعم، نذير الشميري، ورئيس جامعة السعيد، سامح العريقي، إلى جانب ممثلين عن جامعة تعز والتعليم الفني وممثلين عن الشركاء المحليين والدوليين.
عرضت الفرق مشاريعها التعليمية أمام لجنة التحكيم التي منحت ستة فرق جوائز مالية قيمتها 5,000 دولار لكل منها، إضافة إلى جائزة خاصة بقيمة 1,000 دولار لفريق من ذوي الاحتياجات الخاصة من محافظة الحديدة، ليبلغ إجمالي الجوائز 36,000 دولار. وأوضح الشميري أن هذه الجوائز تمثل «دعماً تأسيسياً لتحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع عملية»، مضيفاً أن مجموعة هائل سعيد أنعم تتابع مراحل الاحتضان الفني والتشغيلي للمشروعات لضمان استدامتها وربطها بشركاء القطاعين العام والخاص.
من جانبه، أكد جامل أن السلطة المحلية ستسهل إجراءات الدعم الإداري واللوجستي للمشروعات الفائزة، مشيراً إلى أهمية توسيع تجربة المختبر لتشمل محافظات أخرى وتفعيل دور المؤسسات الحكومية في تبني هذه المبادرات ضمن خطط التنمية المحلية.
وتتضمن مرحلة الاحتضان، التي تمتد ثلاثة أشهر، تقديم الدعم الفني والمالي والتدريبي للمشاريع الفائزة. وتعمل مؤسسة رواد على توفير برامج لتنمية قدرات الفرق في إعداد دراسات الجدوى وخطط العمل واستراتيجيات التسويق، فيما تضطلع مؤسسة ديب روت بتنفيذ ورش عمل حول منهجيات التعلم التجريبي وتصميم النماذج الأولية.
يرتبط مختبر الابتكار الاجتماعي بأهداف استراتيجية تتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية المجتمعية، وتحديات تمكين الشباب في ظل أزمة بطالة يقدر معدلها محلياً بنحو 45%، فضلاً عن الحاجة إلى رفع جودة الخدمات التعليمية في المناطق الحضرية والريفية. وتهدف الجهات الداعمة إلى بناء آليات للاستثمار في الأفكار الريادية كجزء من حلقة تنموية متكاملة تشمل القطاعين الرسمي وغير الرسمي.
أظهرت نتائج المختبر اهتماماً خاصاً بالابتكار الشامل؛ فتخصيص جائزة لفريق من ذوي الاحتياجات الخاصة يعكس توجهاً لإدماج الفئات الأكثر هشاشة في مسارات ريادة الأعمال الاجتماعية. وفي هذا السياق، قال العريقي إن «جامعة السعيد ستتيح مساحة لاختبار المشاريع على أرض الواقع من خلال تطبيقات تجريبية في بعض أقسامها الأكاديمية».
ويقتضي دعم نجاح هذه المبادرات التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لإدراج بعض النماذج الواعدة ضمن برامج تجريبية في المدارس الرسمية، بالإضافة إلى وضع أطر قانونية وتشريعية مبسطة لتسجيل المؤسسات الاجتماعية الصغيرة وتسهيل حصولها على الحوافز الضريبية والتمويل المستدام.
يأتي المختبر في سياق مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، التي تعمل في قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية والخدمات، عبر وحدة مبادرات التنمية الاقتصادية التي تتبنى مبدأ توجيه جزء من الأرباح لدعم المشاريع المجتمعية. ويعد الاتحاد الأوروبي أحد أهم المانحين للقطاع التنموي في اليمن، حيث يقدم المنح التقنية والتدريبية تحت معايير تتعلق بالحوكمة وحقوق الإنسان. أما مؤسسة رواد فتمتلك خبرة في تأسيس وتسريع الشركات الاجتماعية، ومؤسسة ديب روت متخصصة في التعليم التجريبي والتنمية الريفية.
من المتوقع أن يشهد المرحلون الجدد من الاحتضان مراحل تقييم دورية بناءً على مؤشرات أداء تشمل عدد المستفيدين والإيرادات والخدمات المقدمة. وتشمل التوصيات رفع مستوى التمويل طويل الأجل عبر إنشاء صندوق استثماري تنموي مشترك، وتفعيل لجنة مشتركة مع الجهات الحكومية لوضع سياسات داعمة لريادة الأعمال الاجتماعية، وتوسيع الشراكات مع حاضنات دولية لتمكين فرق المختبر من الوصول إلى أسواق جديدة.
سيظل نجاح المختبر مرهوناً بمدى قدرته على تأسيس بيئة مؤسسية تضمن استمرارية المشاريع بعد انتهاء فترة الدعم الأولي، والتنسيق الفاعل بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والممولين الدوليين. وعليه، تبرز أهمية المتابعة المستمرة من قِبل مكتب التخطيط والتعاون الدولي ووزارة التربية والتعليم، بما يضمن دمج الابتكار الاجتماعي ضمن خطط التنمية المحلية، وقياس أثره على المدى المتوسط والطويل.