حرب الانقلاب في اليمن..

لماذا يخشى الحوثيون من العميد «أحمد علي عبدالله صالح»؟

العروض العسكرية التي أقامتها الميليشيات في الحديدة وصنعاء مؤخّراً تعكس حالة من الخوف لديها من أي تحرّك شعبي ضدّها نتيجة الوضع الإنساني المأساوي

العميد احمد علي عبدالله صالح الدبلوماسي اليمني ونجل الرئيس اليمني الراحل - أرشيف

نصر محسن
كاتب صحافي متعاون مع صحيفة اليوم الثامن
صنعاء

لم تمض سوى أيام قليلة على هجوم شنته قناة الهوية الحوثية، على السفير اليمني السابق وقائد قوات الحرس الجمهوري العميد أحمد علي عبدالله صالح، حتى خرج الأخير، ليشن هجوما هو الأول له، منذ من حروب صعدة التي شاركت فيها قواته بفاعلية في القتال ضد الاذرع الإيرانية.

السبت الماضي، كانت صحيفة اليوم الثامن قد نشرت تقريرا بعنوان "الحوثيون يعمقون الأزمة اليمنية بموقف حاد ضد السفير «أحمد علي»، في اعقاب تهديدات حوثية بمنعه من العودة إلى اليمن ولو كان ذلك كمواطن وليس كسياسي أول مسؤول حكومي أو عسكري.

لم تكن علاقة العميد احمد علي عبدالله صالح بالحوثيين، على ما يرام، رغم التحالف الهش بين حزب المؤتمر الشعبي العام والاذرع الإيرانية، والذي أدى إلى قتل الحوثيين لوالده الرئيس السابق علي عبدالله صالح في أواخر العام 2017م.

فقائد الحرس الجمهوري سبق لقواته وشاركت في حروب صعدة الستة، ولعل أبرز دور لتلك القوات ان تقضي على الحوثيين في الحرب الأخيرة في العام 2009م، لولا التدخل القطري الذي اوفد لجنة إلى صنعاء لإيقاف الحرب.

وخلال حروب صعدة الأخيرة، قادت قطر وساطة بين حكومة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح والحوثيين، انتهت تلك الوساطة بوقف القتال وتقديم الدوحة تمويلا للحوثيين تحت عنوان "إعادة اعمار صعدة"، غير ان الحوثيين لم يلتزموا بالاتفاق وشرعنوا تحركهم صوب صنعاء باجتثاث الجماعات السلفية في بلدة دماج بصعدة وصولا إلى عمران ومنها إلى صنعاء العاصمة.

وتشير تقارير الى تورط الدوحة في مقتل علي عبدالله صالح، على يد الحوثيين في أواخر العام 2017م، غير ان الدور القطري يظل محل رفض واسع في اليمن، على اعتبار ان لها ارتباطات بإيران.

وسبق لدول الخليج ان أعلنت مقاطعتها لنظام الدوحة على خلفية تورطها في دعم الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.

وتبنت قطر موقفا سياسيا مناهضا للرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، لم يتغير هذا الموقف حتى بعد مقتله، الأمر الذي باتت المواقف الحوثية مبنية على موقف قطري، يرفض أي شكل من اشكال عودة "عائلة صالح للسلطة العسكرية في اليمن مجددا".

وهذه هي المرة الأولى التي يشن فيها العميد أحمد علي عبدالله صالح هجوما عنيفا على الحوثيين ومشروعهم السلالي، حيث قال – في بيان صحفي حصلت اليوم الثامن على نسخة منه – "إن الثورة اليمنية الـ26 من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين، وُجِدت لتبقى وإن على من يريدون إعادة عجلة التاريخ للوراء تحت ستار الحكم السُلالي العنصري البغيض، أو الذين يدورون في فلكهم، مراجعة حساباتهم فثورة السادس والعشرين من سبتمبر عند اليمنيين هي ثورة حياة وتقدم وهي من أقدس وأغلى إنجازاتهم الوطنية، والحفاظ عليها واجب على كل يمني شريف مؤمن بالحرية والعدالة والمساواة".

وقال "إن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، لم تكن ثورة ضد الاستبداد فقط، لكنها ثورة إنسانية مستمدة من روح الإسلام الحنيف الذي جاء للعدالة والمساواة بين الناس والحفاظ على الحقوق والحريات العامة والخاصة، وشاركت فيها كل شرائح المجتمع اليمني، ضد الحكم الرجعي الإمامي المتخلف، ضد الجهل والفقر والمرض، وإن الارتداد عن أهداف هذه الثورة العظيمة، هو ارتداد عن الحياة والإنسانية والكرامة واعتساف لنضالات شعبنا وتضحياته، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إلى عصر الظلمات والكهنوت والتخلف".

ودعا السفير اليمني الأسبق "أبناء شعبنا اليمني إلى المحافظة على أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة وإنجازاتها الوطنية الكبيرة والاصطفاف لمواجهة الخطر الإيراني الذي يحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والسيطرة والهيمنة على اليمن والمنطقة من خلال أدواته واذرعه في المنطقة العربية وفي اليمن المتمثلة بالعصابة الحوثية التي لم تالُ جهداً في محاولة القضاء على أهداف ثورة 26 سبتمبر العظيم ومحو كل منجزاتها".

وقال مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام لصحيفة اليوم الثامن "ان الحوثيين عرفوا عن العميد أحمد علي مواقفه الحاسمة، فهو لا يتكلم ولكنه يفعل على الأرض، وحديثه بهذه اللغة لأول مرة، هو تأكيد على الوضع لم يعد يحتمل كثيراً، بعد ان بغت الميليشيات الحوثية كثيرا وحاربت الشعب اليمني في قوت يومه".

وأكد المصدر "ان العميد أحمد علي لا يقدم نفسه على انه نجل الرئيس اليمني السابق، بل هو قائد عسكري يحترم العسكرية وقد كان أول من تنازل عن قيادة الحرس الجمهوري وقبل قرار تعيينه سفيرا لليمن لدى دولة الامارات العربية المتحدة حين اقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، لم يتمرد ولم يرفض قرار اقالته على الرغم من انه قادر يفعل ذلك، ولكن يحترم الشرف العسكري".

وأكد المصدر "أن قائد الحرس الجمهوري السابق كان يمتلك قوات عسكرية ضخمة وقوية وهو يرتبط بشكل وثيق بكل منتسبي تلك القوات ويستطيع ان يوجه لهم دعوة وسيأتونه لأنهم ذهبوا إلى منازلهم، لذلك يخشى الحوثيون من أي دور مستقبلي لأحمد علي عبدالله صالح، الذي اذا عاد إلى قيادة الحرس الجمهوري يستطيع ان يجمع قواته مرة أخرى".

ويبدو ان الدور الإماراتي العسكري وهزيمة الحوثيين في كل الجبهات التي أشرفت عليها أبوظبي، تركت لدى الأذرع الإيرانية هاجسا، من ان تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة، بالدفع بالجنرال أحمد علي عبدالله صالح مرة أخرى الى المشهد العسكري، خاصة في ظل رفض الحوثيين كل مبادرات السلام الإقليمية والدولية والأممية.

وخلال الثلاثة الأعوام الماضية أطلق يمنيون حملة للمطالبة برفع العقوبات عن العميد أحمد علي عبدالله صالح، والمفروضة عليه منذ العام 2011م، الذي قد يعول عليه كثيرا في استعادة صنعاء من قبضة الاذرع الإيرانية التي أمعنت مؤخرا في إهانة القبيلة اليمنية في طوق صنعاء، الأمر الذي يعني ان أي معركة حقيقية لاستعادة صنعاء لن يصمد الحوثيين امامها كثيرا وقد تنهار ميليشياتهم خاصة وان القوات الجنوبية قد اثبتت هشاشة تلك الميليشيات التي تعتمد على الاخوان في تحقيق مكاسب عسكرية ميدانية لكن بالمواجهات كانت القوات الجنوبية على بعد امتار من استعادة ميناء الحديدة لولا التدخل الأممي الذي أوقف تلك العمليات العسكرية.

من ناحية أخرى، قالت تقارير صحافية إن الحوثيين الموالين لإيران أنقفوا مليارات الريالات على ما يسمّونه “المجهود الحربي” ويراكمون الثروات سواء في شكل أموال أو عقارات وأراضي أو شركات خاصة، يعاني المواطنون في مناطق الميليشيات من فقر مدقع وعوز يصل لانعدام تام للقمة العيش وانعدام أبسط الاحتياجات الأساسية للحياة، إذ تستغل الميليشيات ذلك في تركيع المواطنين، ودفعهم إلى الزجّ بأبنائهم إلى جبهات القتال مقابل الحصول على مساعدات غذائية ومبالغ قليلة.

ومع دخول الحرب عامها الثامن في اليمن، لا تزال الأزمة في هذا البلد تصنّف واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من ثلثي السكان (23 مليون شخص) إلى المساعدة الإنسانية وسط مخاوف حقيقية للغاية من حدوث مجاعة خصوصاً في ظل النقص الحاد في تمويل الاستجابة الإنسانية وتقدّر منظّمات دولية أن نحو 19 مليون شخص أي أكثر من 60% من سكّان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويعاني 18 مليوناً من السكّان من عدم القدرة على الحصول على المياه المأمونة أو الصرف الصحي.

ومثّلت المساعدات الغذائية المقدّمة من المنظّمات المختلفة وجه من أوجه تخفيف معاناة المواطنين في مناطق الميليشيات، إلا أن الميليشيات لم تسمح بصرفها للمواطنين إلا وفق سياستها وللموالين لها مقابل التحشيد إلى الجبهات لصالح الميليشيات، وعلاوة على ذلك نهبت الميليشيات بالقوة تلك المساعدات وفرضت على المنظّمات تسليم نسبة كبيرة منها على شكل مبالغ نقدية مقابل السماح لتلك المنظّمات بالعمل والتواجد في مناطق سيطرتها.

وفي الوقت الذي يعاني فيه الموظّفون في مناطق الميليشيات من انقطاع الرواتب، وكذا تعاني الأسر من انعدام مقوّمات الحياة الأساسية، وبدلاً من توجّه الميليشيات لصرف الرواتب إلا أنها خصّصت مبالغ طائلة ومهولة من الأموال المنهوبة من إيرادات المؤسّسات المختلفة لصالح تمويل العروض العسكرية الاستعراضية التي تقيمها، بل وتكيل الاتهامات بالخيانة والعمالة لكل من يطالب بحقّه في الراتب والخدمات الأساسية والمعيشة الكريمة.

وأوضح تقارير صحافية أن سريان وتجديد الهدنة التي توسّطت فيها الأمم المتحدة منذ 2 أبريل الماضي يعتمد على تنفيذ شروط أهمها تخصيص إيرادات الموانئ والمشتقّات النفطية لصالح صرف رواتب الموظّفين، إلا أن الميليشيات استغلّت تدفّق المشتقّات النفطية وسيطرتها على السوق السوداء لصالح تمويل عروضها العسكرية، غير آبهة باحتياجات ومعاناة الموظّفين والمواطنين، بل كثّفت من التعبئة والحملات الإعلامية لتحميل التحالف والشرعية مسؤولية صرف الرواتب وتفاقم معاناة المواطنين بمناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

ورأت منصات إخبارية يمنية أن العروض العسكرية التي أقامتها الميليشيات في الحديدة وصنعاء مؤخّراً تعكس حالة من الخوف لديها من أي تحرّك شعبي ضدّها نتيجة الوضع الإنساني المأساوي، إذ تعمل بكل الوسائل الممكنة لإرهاب الموطنين وتخويفهم وتصفية كل من ينادي ويتكلّم في موضوع الرواتب وما تصفية القاضي محمد حمران إلا دليل بسيط على ذلك.

واعتبروا أن العروض العسكرية التي تقيمها الميليشيات الحوثية في مختلف المناطق والتصرّفات اللاأخلاقية التي قامت بها تجاه المواطنين والموظّفين العسكريين والأمنيين القدامى لحضور تلك العروض، عزّزت من قناعة المواطنين في مناطق سيطرتها بفساد الميليشيات وبأن الوضع بات يتهيّأ لثورة شعبية ضدّها في المرحلة المقبلة.