نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
انتقال النظام الإيراني من الإدارة الأمنية إلى القمع العسكري السافر
في الوقت الذي تتسع فيه جغرافية الاحتجاجات في إيران يومياً، تشير التغييرات الأخيرة في المستويات العليا للقيادة العسكرية وتصاعد العنف في المدن الطرفية إلى دخول النظام في مرحلة جديدة من المواجهة مع المجتمع. إن أحداث الأيام الأخيرة، ولا سيما مقتل أحد المتظاهرين في مدينة "فسا" والتعيين ذو الدلالة لأحمد وحيدي نائباً للقائد العام للحرس الثوري، هما قطعتان من أحجية واحدة: "الانسداد السياسي الكامل والاعتماد المطلق على آلة الحرب من أجل البقاء".
فسا؛ استمرار استراتيجية "القبضة الحديدية" في المناطق الطرفية
تشير التقارير الميدانية من محافظة فارس إلى اشتباكات عنيفة في مدينة "فسا". لقد أظهر مقتل أحد المتظاهرين في هذه المدينة مرة أخرى أن جهاز القمع يلجأ إلى استخدام الرصاص الحي بسرعة أكبر عند التعامل مع بؤر الاحتجاج الأصغر. محافظة فارس، التي كانت دائماً أحد المراكز الاستراتيجية للمقاومة المدنية، تحولت الآن إلى ساحة للمواجهة المباشرة بين الشعب والقوات التي لا تتوانى عن إراقة الدماء في الأطراف للحفاظ على استقرار المركز.
هذه الواقعة ليست مجرد صراع محلي؛ بل هي انعكاس لنمط سلوكي بنيوي يُعتبر فيه "حق الحياة" للمواطنين فاقداً لأي قيمة قانونية أو إنسانية مقابل "حفظ النظام".
أحمد وحيدي؛ عودة "ظل الإرهاب" إلى هيئة القيادة
في خضم هذه الاضطرابات، يُعد إصدار أمر علي خامنئي بتعيين أحمد وحيدي نائباً للقائد العام للحرس الثوري رسالة واضحة للمجتمع الدولي وللمحتجين في الداخل. وحيدي ليس مجرد مسؤول عسكري-سياسي عادي؛ إنه رمز لـ "دبلوماسية القنابل" و"القمع الممنهج".
نظرة على سجل وحيدي توضح سبب هذا الخيار الاستراتيجي:
مؤسس فيلق القدس: هو مهندس الذراع الخارجي للحرس الثوري الذي يلعب منذ عقود دوراً رئيسياً في مشاريع زعزعة الاستقرار في المنطقة.
المتهم الأول في قضية "آميا": لا يزال وحيدي مطلوباً من قبل الشرطة الدولية (الإنتربول) بموجب "نشرة حمراء" بسبب دوره المباشر في تفجير المركز الثقافي اليهودي في الأرجنتين (١٩٩٤).
سوابق وزارية: منحه توليه منصبي وزارة الدفاع ووزارة الداخلية إشرافاً منقطع النظير على اللوجستيات العسكرية والهيكل الأمني-الشرطي داخل البلاد.
دلالة تعيين وحيدي: الانتقال إلى مرحلة القمع النهائي
إن تعيين شخص بسوابق وحيدي في منصب نائب القائد العام للحرس الثوري يتجاوز كونه تغييراً في الموظفين. يجب تحليل هذه الخطوة من ثلاثة جوانب:
أ) توحيد قيادة القمع: بفضل خبرته الإدارية في وزارة الداخلية (مجلس أمن البلاد) وتخصصه العسكري في الحرس الثوري، يمثل وحيدي حلقة الوصل بين القوات الشرطية والعسكرية لقمع الانتفاضة بشكل موحد. إنه شخص لا يتردد في استخدام العنف السافر وغير القانوني.
ب) رسالة ترهيب للمحتجين: يسعى خامنئي، من خلال تعيين شخص يُعرف في الرأي العام بأنه "قاتل سيئ السمعة"، إلى بث الخوف في المجتمع. فاسم وحيدي مرتبط في الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني بأسماء كبار منتهكي حقوق الإنسان.
ج) الطريق المسدود سياسياً والاعتماد على "جنرالات الإرهاب": يثبت هذا التعيين أن النواة الصلبة للسلطة في إيران قد تخلت عن أي حل سياسي أو إصلاحي، وترى المخرج الوحيد من أزمة الشرعية عبر فوهات بنادق الجنرالات الذين أثبتوا ولاءهم سابقاً في العمليات الإرهابية الدولية.
الخاتمة: صراع الإرادات
إن الحقائق الميدانية، من الدماء المراقة في "فسا" إلى عودة أحمد وحيدي إلى مركز ثقل القوة العسكرية، تشير إلى "تشكيلات حربية" شاملة ضد مجتمع لم يعد ينظر إلى الوراء.
لقد بدأ نظام طهران مقامرة كبيرة بتعيين وحيدي. إن استخدام شخص مطلوب دولياً لإدارة الأزمات الداخلية لا يؤدي فقط إلى تفاقم العزلة الدولية للنظام، بل يقرب الغضب العام من نقطة الانفجار ضد هيكلية توكل مهام قمع مواطنيها لـ "إرهابيين دوليين". في هذه المعركة، تواجه آلة قمع وحيدي عقبة كبرى: "الإرادة الجماعية لشعب دفع ثمن الحرية من دمه في شوارع فسا وجميع أنحاء إيران".


