د. باسم المذحجي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ماهي القصة الحقيقية وراء جريمة اغتيال افتهان المشهري في اليمن؟
في أحدث تقرير دولي عن الجريمة المنظمة ،صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي(WEF)، ومقره الرئيسي " جنيف"، صنف اليمن في المركز الرابع، ضمن الدول الأخطر في العالم بعد السلفادور، وفنزويلا ،ونيجيريا .
واستند التقرير في تصنيفه إلى عدة مؤشرات مهمة، وهي مستوى الأمن الاجتماعي للمواطنين القاطنين، ومستوى الجريمة والسرقة، بالإضافة إلى النزاع المسلح والجريمة والتهديدات الإرهابية.
في المقابل، منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الاموال في اليمن (P.T.O.C. Yemen)،لم تقدم قائمة سوداء بالمجرمين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ونجد أنفسنا أمام علامة استفهام كبيرة خُصوصًا ،وأن مساعد مدير أمن تعز لشؤون الأحياء السكنية بمحافظة تعز العقيد سمير الأشبط، سبق و صرح لـ«26 سبتمبر» في 22 مارس/آذار 2022، بأن هناك جماعات مسلحة تسير في نفس خط الميليشيا الانقلابية ،وإن كانت تدعي أنها لا توافقه..
فقط توفرت لدينا قائمة وزارة الداخليةالسوداء بالمطلوبين أمنيًا رقم ( 1 )، بمحافظة تعز ،بتاريخ 1 ديسمبر/ أيلول 2020 ،حيث ضمت القائمة (39 )مطلوب أمنيًا ،وجُلهم من منتسبي ألوية عسكرية ،كان أبرزهم غزوان .
نُذكر الجميع بأن يوم الخميس 21 أغسطس/ آب 2025 حمل خبر اغتيال المقدم عبدالله النقيب، مدير أمن مديرية التعزية،وهو بالمناسبة (قائد الحملة الأمنية الأسبق والمشرف على تعقب مجرمي القائمة السوداء) وضع تحتها خطين، حيث قُتل إثر انفجار العبوة الناسفة التي كانت مزروعة في مركبته ،أثناء توقفها في جولة العواضي ،وسط مدينة تعز.
والبارحة تفاجئنا ،أن يوم الخميس 18 سبتمبر/ أيلول 2025 ، حمل الينا خبر اغتيال افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة بمحافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، برصاص مسلحين في جولة سنان، اتضح بأنهما لؤي جسار ومحمد صادق.
ونُعيد التذكير لمن نسى، بأن مسلحاً في يوم الجمعة ٢١ يوليو/ تموز 2023 ،كان يستقل دراجة نارية، قام بإطلاق النار مباشرة على مسؤول برنامج الغذاء العالمي في محافظة تعز، مؤيد حميدي، أثناء تناوله الغداء في مطعم بمدينة التربة الواقعة جنوب تعز، قبل أن يلوذ المسلح بالفرار.
ثُم لاحقًا ؛اغتال مسلحون مجهولون،العقيد عدنان المحيا، في يوم الثلاثاء 15 اغسطس/ آب 2023، عضو اللجنة المشتركة للتحقيق في جريمة اغتيال المسؤول الأممي مؤيد حميدي، وسط مدينة تعز جنوب غربي اليمن، وعلى أثر ذلك طالبت لجنة التحقيق بإعفائها من مهامها.
بالرجوع الى جريمة اغتيال المسؤولة( افتهان المشهري) في عز النهار، علمًا أنها تولت إدارة صندوق النظافة والتحسين في تعز قبل نحو عامين في أكتوبر 2023 تحديدًا، وكانت كتلة من النشاط والحماس والحيوية، وحاولت تُثبت أن المرأة اليمنية قادرة على صنع الفارق.
وقبل ذلك كانت هي مديرة إدارة المكتبات في جامعة تعز ، وإحدى القيادات الإدارية البارزة في الجامعة، حيث تقلدت خلال مسيرتها العملية عدة مناصب إدارية أسهمت من خلالها في خدمة الجامعة، وتطوير العمل الإداري فيها بكل تفان وإخلاص.
كما كشفت مصادر خاصة عن سبب اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، افتهان المشهري، مشيرة إلى أنها كانت تعمل على ملف مالي حساس يتعلق بإيرادات الصندوق، التي تتجاوز 300 مليون ريال شهريًا، وتُتهم جهات نافذة في السلطة المحلية والأمنية والعسكرية بالسيطرة عليها وتقاسمها خارج الأطر الرسمية.
ووفقاً للمصادر، فإن المشهري كانت على وشك استكمال تحقيق موسّع بشأن ما وُصف بـ”العبث بالإيرادات”، وشرعت في خطوات عملية تهدف إلى استعادة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى الحساب الرسمي للصندوق لدى البنك المركزي
وأفادت المعلومات بأن المشهري اقتربت من إنهاء المراحل الأخيرة لكشف الجهات المتورطة ،وضمان تثبيت موارد الصندوق، ما جعلها في مرمى الاستهداف.
وسؤالنا اليوم: من هي الجهات النافذة في السلطة المحليةوالأمنية والعسكرية؟
أن اغتيال افتهان المشهري ضربة مزدوجة لتعز ،وللمرأة اليمنية في صناعةالقرار، وتكمُن الإشكالية الأخرى ،بأنها ضمن سياق جريمة منظمة ،وشبكات إجرامية تمارس الأدلجة والتجنيد العسكري للجريمة، وتطورت معها العلاقة بين الطرفين لعلاقة تبادل منفعة ومصالح تركز على الشحن الأيديولوجي، وترويع المرأة والمواطنين.
بالفعل ؛جريمة اغتيال (افتهان المشهري) اختلف فيها الفرقاء والأعداء على ألف شيء، لكنهم اتفقوا على المشترك المهم الوحيد بينهم_ اغتيال الامن والاستقرار والتنمية في تعز _وبالتالي اغتيال الدولة في تعز.
وتبقى جواب سؤال عنوان موضوعنا ،ليتضح بأنه سؤال أخر مجهول، ويحتاج الإجابة :
من هي الجهات النافذة في السلطة المحلية والأمنية والعسكرية التي تقف خلف الجريمة المنظمة في تعز؟
الجواب: العصابات أصبحت دولة.. تعز بحاجة لمعركة تحرير جديدة
وبالتالي هؤلاء ليسوا مدمني مخدرات و حشيش، وبلاطجة فقط، بل هم وحدة قتالية متقدمة. بالفعل كثير من المناطق المحررة ، بعد تحريرها، سيطرت عليها جماعات مسلحة.
هذه الجماعات وضعت يدها على الموارد، وتشرف على جبايتها بنفسها ،وتتقاسمها ، وبمرور السنين أصبحت السيطرة على هذه الموارد حق بالنسبة لهذه الجماعات ، وأصبحت تملك القدرة ماديًا على بناء تشكيلات مسلحة تحمي هذه المصالح.
للتذكير في العاصمة عدن عانت من هذه المشكلة بعد تحريرها ، وتم انتزاع المصالح الإيرادية من هذه الجماعات بمعارك عنيفة.
من يتذكر وضع عدن بعد تحريرها في 2015 ، كانت معظم المؤسسات الايرادية تحت سيطرة جماعات مسلحة من كل شكل ولون.
في تعز الحبيبة الوضع مختلف جدًا ؛هذه الجماعات أصبحت هي الدولة بعد أن نصبت نفسها ، وامتلكت القرار العسكري والأمني في المدينة ، وأصبحت تملك غطاء لاستحواذها على الموارد ، وعندما تشعر أن هناك شخص وطني نزيه بدأ يقترب من هذه المصالح والموارد ، لن تتردد في تصفيته ، وتستخدم هولاء البلاطجة للقيام بهذه المهمة ، وهم أداة متقدمة لتصفية من حاول الاقتراب من هذه المصالح بكشف فسادها ، ولن تسمح لأي كان الحاق الضرر بلوبي هكذا مصالح.
التعامل مع جريمة أغتيال المشهري على أنها جريمة جنائية، ويجب القبض على مرتكبيها هذا ضحك على الذقون .
القضية اكبر من هذا الطرح بكثير
تعز بحاجه لتعيين محافظ مسنود بحاضنة شعبية لها وزنها ، وإسناده بقوه عسكرية ضاربة " مكافحة الارهاب" من خارج كل الوحدات الموجودة الآن داخل تعز ، ويخوض هذا القائد المحافظ معركة تحرير جديدة لمدينة تعز، ثم ينتزعها من أيدي هذه العصابات، بل مافيا عصابات.