د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

دور النظام الإيراني في دعم جماعة الحوثي باليمن

يُعد النظام الإيراني من أبرز القوى الإقليمية التي تلعب دورًا رئيسيًا في الصراع اليمني من خلال دعمها المستمر لجماعة الحوثي. هذا الدعم الذي يعود إلى أواخر الثمانينات، تعزز بشكل لافت بعد انهيار الحكومة اليمنية المركزية في أوائل العقد 2010، ولا سيما عقب استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في عام 2014. يقدم النظام الإيراني لجماعة الحوثي دعمًا شاملًا يمتد عبر الجوانب العسكرية، المالية، واللوجستية، بما في ذلك تزويدهم بأسلحة متطورة مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، إلى جانب التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية وأدوار استشارية ميدانية.

تكمن الدوافع الاستراتيجية لإيران في هذا الدعم في مواجهة النفوذ السعودي المتزايد في المنطقة وتعزيز نفوذ طهران الجيوسياسي. إذ تستخدم إيران الحوثيين كأداة ضغط لزعزعة الاستقرار في اليمن وتشكيل تهديد مباشر للمملكة العربية السعودية، الخصم الإقليمي الرئيسي لطهران، وكذلك للحد من نفوذ حلفاء الغرب في الخليج. تعكس علاقة إيران بالحوثيين أبعادًا سياسية يتمثل أبرزها في كون طهران الدولة الوحيدة التي تعترف رسميًا بحكومة الحوثي في صنعاء.

على الصعيد العسكري، استُخدمت التكنولوجيا التي تزودها إيران لجماعة الحوثي في شن هجمات عدة على منشآت سعودية مهمة وممرات الشحن الاستراتيجية كالخط الملاحي عبر مضيق باب المندب. كما وردت تقارير عن تواجد مستشارين عسكريين من الحرس الثوري الإيراني يوجهون العمليات العسكرية الحوثية، مع تقارير متباينة عن سحب بعض القوات الإيرانية لتفادي تصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة.

دوليًا، أثار دعم إيران للحوثيين إدانات واسعة من الأمم المتحدة والدول الغربية، التي فرضت عقوبات على إيران لخرقها قرارات دولية تهدف إلى حفظ السلام في اليمن. الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا هم من بين الدول التي تتهم إيران بالإمداد المستمر للأسلحة والتدريب لحركة الحوثي، كما نفذت الولايات المتحدة ضربات عسكرية ضد مواقع للحوثيين بحجة ارتباطهم بإيران.

ومن الجانب المالي، كشفت تقارير حديثة عن عمليات معقدة جرت في بنك العراق بصنعاء تحت سيطرة الحوثيين، تضمنت ضرب عملة نقدية جديدة في محاولة لاستقرار النقد المحلي في مواجهة الأزمة المالية. جاء ذلك في ظل محاولة البنك المركزي المعترف به في عدن وطرف التحالف الخليجي طباعة كميات ضخمة من العملة بدون غطاء مالي، ما أدى إلى زعزعة الأسواق المالية في مناطق صنعاء. هذه الخطوة من صنعاء بهدف التخفيف من أزمة السيولة دون التسبب في تضخم حاد، لكنها أدت إلى تصعيد مالي وسياسي بين الطرفين، مع تهديد من البنك المركزي في عدن واتحاد دول الخليج بإجراءات عقابية ضد مستخدمي العملة الجديدة. يعكس هذا الصراع المالي كيف أن النظام الإيراني لا يقتصر على الدعم العسكري والحربي فقط، بل يمتد إلى التحكم في الأبعاد الاقتصادية، مستغلاً ضعف اليمن في مواجهة التحديات المتعددة.

في الختام، يبرز دعم النظام الإيراني لجماعة الحوثي كأحد أبرز النتائج لتعقيد الصراع اليمني وتداخلاته الإقليمية، حيث تستثمر طهران في الحوثيين كذراع إيراني له القدرة على إحداث تغييرات جيوسياسية مهمة بالمنطقة. توازياً مع الدعم العسكري والتدريبي، فإن السيطرة المالية والاقتصادية تشكل محورًا إضافيًا في استراتيجية إيران لتعزيز نفوذها وتحقيق أهدافها السياسية في مواجهة خصومها الإقليميين والدوليين. هذا الدعم المستمر، رغم الضغوط والعقوبات الدولية، يؤكد أن الأزمة اليمنية ليست محلية بحتة، بل جزء من صراع إقليمي أوسع.

د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي