د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

إجماع نادر في واشنطن… ورسالة حاسمة إلى طهران

تحول نوعي في الموقف الأمريكي يشكل الدعم ثنائي الحزبين في مجلس الشيوخ الأمريكي لخطة السيدة مريم رجوي ذات النقاط العشر تطوراً سياسياً بالغ الدلالة، يتجاوز حدود التعاطف الرمزي مع المقاومة الإيرانية إلى مستوى الاعتراف السياسي ببديل ديمقراطي متكامل. هذا الإجماع النادر بين الجمهوريين والديمقراطيين يعكس قناعة متنامية بأن نظام الملالي لم يعد قابلاً للإصلاح، وأن استمراره يشكل تهديداً بنيوياً للأمن الإقليمي والدولي.

فشل بنيوي لنظام الملالي

 لم يعد توصيف النظام الإيراني بوصفه سلطة استبدادية محل جدل، بل بات حقيقة موثقة بسجله في القمع المنهجي، والإعدامات الجماعية، وتصدير الإرهاب، وزعزعة استقرار الجوار. وعلى مدار أربعة عقود، أثبت هذا الرژيم عجزه الكامل عن التحول إلى دولة طبيعية تحترم مواطنيها أو تلتزم بالقانون الدولي. من هنا، فإن أي مقاربة سياسية تتجاهل ضرورة تغيير بنية السلطة إنما تكرس الأزمة بدل حلها.

خطة النقاط العشر: إطار دولة لا شعار معارضة

تقدم خطة السيدة مريم رجوي رؤية واضحة لدولة حديثة تقوم على فصل الدين عن الدولة، والانتخابات الحرة، والمساواة بين المرأة والرجل، واستقلال القضاء، وحرية التعبير، وإلغاء عقوبة الإعدام. ما يمنح هذه الخطة ثقلها ليس بعدها القيمي فحسب، بل كونها برنامجاً انتقالياً عملياً يستجيب لمتطلبات الداخل الإيراني ويطمئن المجتمع الدولي في آن واحد.

دلالات الخطاب الأمريكي الداعم تعكس كلمات أعضاء مجلس الشيوخ الداعمين للخطة إدراكاً استشرافياً بأن الرهان على "سلوك معتدل" من قبل الرژيم الإيراني هو وهم استراتيجي مكلف. فقد ركز المتحدثون على أن الشعب الإيراني هو صاحب المصلحة الأولى في التغيير، وأن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية في دعم تطلعاته بدل مهادنة جلاديه. هذا الخطاب يضع حداً لسياسات الاحتواء الفاشلة التي لم تنتج سوى مزيد من العدوان.

المسؤولية الدولية: من الإدانة إلى الفعل

إن الاعتراف بخطة ديمقراطية بديلة يفرض على المجتمع الدولي الانتقال من خطاب الإدانة إلى سياسات داعمة للتغيير. فاستمرار الصمت أو الاكتفاء بالعقوبات غير المرتبطة بإستراتيجية تغيير واضحة يمنح الرژيم وقتاً إضافياً لإعادة إنتاج أزماته داخلياً وتصديرها خارجياً.

قرارات براتيكية وعملية من قبل الأجهزة الدولية المعنية:

1.     الاعتراف السياسي العلني بخطة النقاط العشر بوصفها إطاراً شرعياً لمرحلة انتقالية في إيران.

2.     ربط أي مفاوضات أو تخفيف للعقوبات بتحسينات ملموسة في ملف حقوق الإنسان، لا بوعود شكلية.

3.     محاسبة قادة الرژيم على الجرائم ضد الإنسانية عبر آليات دولية مستقلة.

4.     الاعتراف بحق الدفاع المشروع للشعب الإيراني ووحدات المقاومة في مواجهة قوات حرس نظام الملالي وأجهزة النظام القمعية الأخرى.

 

الخاتمة: لحظة قرار تاريخية

إن الدعم ثنائي الحزبين لخطة مريم رجوي لا يمثل مجرد موقف سياسي عابر، بل مؤشراً على نضوج رؤية دولية بديلة تجاه إيران. لم يعد التغيير موضع نقاش نظري، بل تحدياً عملياً يتعلق بكيفية إنجازه وتحديد لحظته الفاصلة. إن كل تأخير في دعم البديل الديمقراطي يعني عملياً إطالة عمر النظام الذي فقد شرعيته داخلياً وخارجياً، ودفع كلفة أعلى على حساب أمن المنطقة والعالم. كما أن أي شكل من أشكال المهادنة والمساومة مع نظام الملالي المعادي للبشرية، لا يساهم في بقاء هذا النظام فحسب، بل يفرض على الشعب الإيراني دفع ضريبة ذلك من دمائه وتقديم المزيد من الضحايا.