الجنوب بين التصعيد والتهدئة..

الانتقالي يؤكد الانفتاح على الترتيبات ووزير الدفاع السعودي يطالب بسحب القوات من حضرموت

يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كلاعب محوري يواجه ضغوطًا متزايدة من التحالف العربي، وسط محاولات حثيثة لاحتواء التوتر وضبط إيقاع التصعيد في محافظتي حضرموت والمهرة. وبينما تتمسك الرياض بضرورة نزع فتيل الأزمة من خلال الحوار والامتثال للترتيبات المتفق عليها، يسعى المجلس إلى تثبيت حضوره الميداني وتأكيد شرعية تحركاته بوصفها دفاعًا عن الأمن والاستقرار.

القيادة التنفيذية بالمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها

عدن

في ظل تصاعد التعقيدات العسكرية والسياسية في اليمن، شددت القيادة التنفيذية العليا في المجلس الانتقالي الجنوبي، خلال اجتماعها الدوري الذي عُقد السبت برئاسة القائد عيدروس الزُبيدي، على انفتاح المجلس على أي ترتيبات تضمن حماية الجنوب وأمنه واستقراره، بما يصون وحدة وسلامة أراضيه ويعبّر عن تطلعات شعبه نحو الحرية والعيش الكريم. الاجتماع الذي حضره نائب رئيس المجلس عبدالرحمن المحرمي، ناقش التطورات المتسارعة في محافظات الجنوب، مشيدًا بما وصفها بـ"الإنجازات" التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في إطار عملية "المستقبل الواعد"، الهادفة إلى تفكيك بؤر الإرهاب، والتصدي لخطوط تهريب السلاح الإيراني إلى المليشيات الحوثية، وترسيخ الأمن وحماية مؤسسات الدولة.

وأكد بيان المجلس أن اللقاء ثمّن الجهود السعودية والإماراتية في تهدئة التباينات، وتوحيد الرؤية المشتركة في مواجهة التهديدات التي تمس أمن الجنوب والمنطقة عمومًا، مجددًا تأكيده على الالتزام الكامل بالشراكة في إطار التحالف العربي، واستعداده للتجاوب مع أي آلية تضمن الحفاظ على استقرار الجنوب ورفع كلفة الفوضى على الفاعلين خارج إطار الشرعية.

في الوقت ذاته، يواصل المجلس الانتقالي تفعيل حضوره الشعبي على الأرض، مستندًا إلى ما وصفه بالالتحام الجماهيري الواسع في ساحات الاعتصام والاحتجاج على امتداد محافظات الجنوب، من المهرة إلى سقطرى، دعمًا لقرارات القيادة السياسية والعسكرية التي يتخذها الزبيدي لتأمين الجنوب، بحسب وصف البيان. كما أشار الاجتماع إلى المواقف المعلنة من المؤسسات والوزارات التي عبّرت عن تأييدها للإجراءات الميدانية الأخيرة.

لكن في مقابل هذا التصعيد، جاءت تصريحات وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان لتعيد التأكيد على أهمية التهدئة والحوار. الوزير دعا المجلس الانتقالي إلى التجاوب مع الجهود السعودية-الإماراتية الهادفة إلى إنهاء التوتر في حضرموت والمهرة، وسحب القوات من المعسكرات وتسليمها لقوات درع الوطن والسلطة المحلية. وأكد أن القضية الجنوبية لن تُغفل أو تُهمّش في أي تسوية سياسية شاملة، لكنها ينبغي أن تُحل بالتوافق لا عبر فرض الأمر الواقع أو استخدام السلاح. كما شدد على أن اتفاق الرياض يشكّل الإطار الضامن لمشاركة الجنوب في السلطة، ويوفر قاعدة لحل عادل يُتفق عليه من جميع الأطراف.

على خطٍ متوازٍ، أعلنت قيادة قوات التحالف العربي استعدادها للتعامل مع أي تحركات عسكرية من شأنها إرباك جهود خفض التصعيد في حضرموت، مؤكدة أن حماية المدنيين تمثل أولوية قصوى. المتحدث باسم قوات التحالف أوضح أن التصعيد الميداني يهدد بتقويض المساعي المستمرة التي تبذلها الرياض وأبوظبي للحفاظ على التوازن في المشهد اليمني، والحؤول دون انزلاق الأوضاع نحو مواجهة شاملة.

من جانبها، أعلنت الحكومة اليمنية دعمها الكامل للوساطة الثنائية بين السعودية والإمارات، مؤكدة على لسان رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ضرورة اتخاذ التدابير العسكرية اللازمة من قبل قوات التحالف لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، في ظل تزايد التوتر الميداني على أطراف جغرافية حساسة.

وبينما تتزايد الدعوات الدولية والإقليمية إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة الحوار، يواصل المجلس الانتقالي التأكيد على انفتاحه على التنسيق مع الشركاء الإقليميين بما يخدم أمن الجنوب ووحدة أراضيه، وعلى التزامه بالتصدي للتهديدات التي تفرضها الجماعات الإرهابية وشبكات تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وهي مبرراته الرئيسية للحراك العسكري الميداني الذي تقوده قواته في المحافظات الجنوبية. في هذا المشهد المترنح بين الحسم الميداني والمراهنة السياسية، يبدو أن التحدي الأكبر لا يكمن في الحضور على الأرض، بل في القدرة على ترجمة هذا الحضور إلى صيغة سياسية توافقية تُبقي الجنوب شريكًا في الحل لا جزءًا من المشكلة.