أيمن نجيب المدانات يكتب لـ(اليوم الثامن)/
النظام الإيراني؛ نمر ورقي يتقاسم الهيمنة وصناعة الأزمات بالشرق الأوسط
النظام الإيراني الحاكم، بقيادة ولاية الفقيه كيانٌ ورقي هلامي يظهر كقوة مهيمنة في المنطقة بفضل دعم الغرب واسترضائه له؛ لكنه الحقيقة ما هذا النظام إلا نمرًا ورقيًا جعلوا منه قوة من خلال انسياقهم لأطماعهم وحماقاتهم السياسية، ولا يخفى على أحد نظام الملالي الحاكم في إيران قد صُنع بدعم غربي وتغاضٍ سياسي على مر أكثر من أربعة عقود ونصف لخدمة مصالح الشركات الرأسمالية الكبرى.. وتلك هي سياسات الغرب في الشرق الأوسط التي شهدناها في العراق وسوريا واليمن ولبنان.. ولم تُنتج سوى الدمار والفوضى، تدمير القضية الفلسطينية، وتحويل غزة إلى ركام، وتهجير أهلها وقيادة المنطقة إلى حافة الهاوية.
رغم ادعاءه بالوقوف إلى جانب مساعي الحرية والديمقراطية وتحقيق قيم حقوق الإنسان لم يقف الغرب إلى جانب الشعوب دعما لنضالها من أجل الحرية بل اختار الوقوف إلى جانب الرجعية واتباع سياسة المهادنة مع نظام الملالي مما عزز هيمنة هذا النظام إقليميا، وسمح له بفرض مشروعه النووي كأمر واقع، واستمر هذا النظام وفقا لذلك في المضي قدما بسياسة القمع والقتل الحكومي والإخفاء القسري وقتل المعارضين وتعذيب السجناء والتنكيل بهم وبذويهم، ونعلم ويعلم الجميع اليوم أن هدف الغرب من إقامة هذا النظام الدكتاتوري أو السعي لتكرار مثيله الشاهنشاهي المخلوع لم يكن بناء دولة قوية بل استنزافها واستنزاف وإنهاك شعوب المنطقة وتركيعها.. ومثال ذلك ومثيلٌ له نظام الأسد في سوريا الذي استنزف موارد البلاد ومقدرات العباد ثم هرب عند أول مواجهة تاركًا بلاده في حالة خراب ومصير مجهول.
على الرغم من تلك المخططات غير الشفافة والتحديات الجسام فإننا نرى أن الشعب الإيراني بقيادة المقاومة المنظمة وعلى رأسها منظمة مجاهدي خلق قد أثبت أن الإرادة الشعبية قادرة على قلب المعادلات.. ولقد أسقط ثوار سوريا نظام الأسد، وهذا يعكس إمكانية أن تحدث وحدات المقاومة الإيرانية مفاجآت مماثلة، فالمد الثوري للشعوب يكسر المخططات السياسية غير الشفافة مهما كانت معقدة أو مكلفة.
وبدلاً من أن يدعم الغرب نضال الشعب الإيراني يواصل سياسة الاسترضاء التي تخدم مصالحه الاقتصادية غير آبهٍ بما يجري من كوارث في الشرق الأوسط، ولقد أظهرت الأحداث أن دعم نظام الملالي لا يؤدي إلا إلى المزيد من الحروب والفتن؛ بينما كان بالإمكان دعم المقاومة الإيرانية التقدمية التي تقودها السيدة مريم رجوي وبرنامجها برنامج المواد العشر الذي سيؤدي في نهاية الأمر إلى استقرار إيران واستتباب الأمن في المنطقة.. واستنادا لمسيرتها النضالية لا تسعى هذه المقاومة فقط إلى وقف الحروب العبثية الدائرة فحسب بل تدعو وتعمل على إنهائها وليس وقفها عبر إسقاط النظام الحاكم في إيران.
تقدم السيدة مريم رجوي رؤية واضحة لحل الأزمة من خلال: "لا للحرب ولا للمساومة"، وإن دعم الشعب الإيراني ليقرر مصيره بنفسه هو الطريق نحو إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه، ولقد رفض الشعب الإيراني من خلال انتفاضاته المتكررة على مدى عقود دكتاتوريتي الشاه والملالي، وسعى إلى إقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية تقوم على فصل الدين عن السلطة، وتضمن المساواة بين الجنسين والحكم الذاتي للقوميات.
هذه الرؤية هي الأمل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وإن إيران ديمقراطية موحدة تحترم حقوق مواطنيها ستكون خطوة كبرى نحو إعادة الاستقرار والتنمية والتعاون الإقليمي، وبينما يواصل الغرب سياساته الخاطئة فإن البديل الديمقراطي الذي تقدمه المقاومة الإيرانية هو الحل الحقيقي الذي سيغير وجه المنطقة، ويعيد الأمل لشعوبها المكلومة.
– نائب برلماني أردني سابق