إعلام النظام الإيراني في مواجهة انتفاضة الشعب..

صحف إيرانية تتحدث عن نصر مزعوم لـ "نظام الملالي" واخرى تُحذر من الغليان الشعبي

حذرت صحيفة جمهوري اسلامي الحكومية في 25 ديسمبر / كانون الأول من الطريقة المستفزة التي يحاول النظام من خلالها قمع الاحتجاجات، إذ تقول :" أوقفوا هذه الفكرة الساذجة القائلة بأن الإعدام والقمع والتعذيب سيكون كفيلاً بحل المشكلة وإنهاء هذا الأمر ".

الحرب بين كبار المسؤولين الإيرانيين مؤشر على تراجع خامنئي

مهدي عقبائي
طهران

استمرت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران لمدة 125 يوم متتالية، ومع غياب أية بوادر إصلاحات اجتماعية واقتصادية أو سياسية في الأفق، لا توجد توقعات بتخفيف حدة الغليان في الشارع الإيراني.

حيث انطلقت شرارة الاحتجاجات بعد الموت المأساوي للشابة مهسا أميني في مركز الاحتجاز لدى ما يسمى بشرطة الأخلاق، وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى ما يعتبره الكثيرون ثورة شعبية، حيث قاوم الناس القمع الوحشي للنظام بصلابة أذهلت الرأي العام العالمي .

إن تصميم الشعب الإيراني الذي لا يتزعزع على إسقاط النظام بأي ثمن، ودور المعارضة الإيرانية المنظمة كقوة دافعة للانتفاضة، قد أحبط بالفعل محاولات قوات الأمن لإخماد الانتفاضة، وبعد عجز النظام عن إيجاد وسيلة لامتصاص غضب الشعب والسيطرة على الانتفاضة، يواصل إعلام السلطة التطبيل بخطاب النصر المزعوم.

وزعمت صحيفة إيران اليومية، وهي الصحيفة الرسمية الحكومية، في 24 كانون الأول (ديسمبر) أن "أعمال الشغب انتهت في البلاد".

وكتبت صحيفة وطن امروز اليومية الحكومية في هذا الصدد في 22 كانون الأول (ديسمبر): "انتهى خريف 2022 المرير دون أن يحقق [المنشقون] الكثير من النجاح".

بالإضافة إلى ذلك، وعدت صحيفة جوان، المرتبطة بقوات الحرس، قوات الأمن بـ "فشل أعمال الشغب". ومن الجدير بالذكر أن القائد العام لحرس الملالي، حسين سلامي، تباهى مرارًا وتكرارًا بـ "إنهاء" الاحتجاجات بنجاح، فقط لتندلع جولة أخرى من المظاهرات، أحيانًا بعد ساعات من تصريحاته.

ومهما ارتفعت وتيرة جهود المسؤولين لرفع معنويات قواتهم المحبطة، فإنهم أخيراً يحصدون الأوهام فقط، حيث تزيل الحقائق الساطعة على الأرض أي شك حول مستقبل النظام المظلم مع استمرار الانتفاضة.

وفي يومي الجمعة والسبت الماضيين فقط، تشير التقارير التي جمعتها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، إلى انطلاق العشرات من المظاهرات المناهضة للنظام في جميع أنحاء إيران.

إلى جانب ذلك، قام الشباب المتحدي في عدة مدن، مثل بابل وأصفهان وساوه وتبريز، بإضرام النار في رموز النظام وقواعد الباسيج شبه العسكرية التابعة لحرس الملالي.

وشهدت عدة أحياء في طهران وشيراز، يوم السبت، احتجاجات مناهضة للنظام، حيث ردد الناس شعارات مثل "الموت للدكتاتور" و "الموت لخامنئي" تندد بالنظام ومرشده الشرير علي خامنئي.

وواصل المواطنون البلوشيون الشجعان في محافظة سيستان بلوشستان احتجاجاتهم يوم الجمعة، حيث أظهرت النساء مساهمة أكثر حيوية على نحو متزايد.

وهتفت هؤلاء النساء الشجاعات اللائي يرتدين الشادور الأسود: "بالحجاب أو بدونه، إلى الأمام نحو الثورة"، مما أوقف جهود النظام في الاستخفاف بمطالب النساء الإيرانيات بإلغاء الحجاب الإلزامي.

وحاولت صحيفة "إيران اليومية" الحكومية التي باتت تتبنى خطاباً غاضباً ومنفعلاً، تصوير هؤلاء النساء على أنهن عميلات أجنبيات، إذ تقول : "وردد عدد قليل من النساء شعارات مخالفة للقواعد. هؤلاء المتظاهرين المأجورين يحاولون زيادة الوجود النسائي في الاحتجاجات في زاهدان ".

وبعد أربعة أشهر من الوحشية، وقتل أكثر من 750 متظاهرًا بريئاً واعتقال كثيرين آخرين، وجد دكتاتور إيران خامنئي نفسه ونظامه في مأزق خانق.

لقد وصل الوضع إلى نقطة حيث تحذر السلطات ووسائل الإعلام الحكومية الخاضعة للرقابة المشددة من مستقبلهم المشؤوم مع استمرار الثورة.

الحرب بين كبار المسؤولين الإيرانيين مؤشر على تراجع خامنئي

وكتبت صحيفة فرهيختغان الحكومية في 25 ديسمبر / كانون الأول: "هذه الحوادث مقيدة ومتعددة وجهات النظر. يجب ألا يرتكب المسؤولون هذا الخطأ المتمثل في أن كل شيء تحت السيطرة وأن الأمور تعود إلى مسارها الصحيح. لا تضيعوا وقتكم بالادعاءات والخطابات الزائفة".

وحذرت صحيفة جمهوري اسلامي الحكومية في 25 ديسمبر / كانون الأول من الطريقة المستفزة التي يحاول النظام من خلالها قمع الاحتجاجات، إذ تقول :" أوقفوا هذه الفكرة الساذجة القائلة بأن الإعدام والقمع والتعذيب سيكون كفيلاً بحل المشكلة وإنهاء هذا الأمر ".

حسين أنصاري راد، النائب السابق والمسؤول الكبير، حذر خامنئي في رسالة في 25 ديسمبر / كانون الأول من خطورة الأوضاع، بينما اعترف بالكراهية العامة للنظام، إذ قال :" لقد فشلت الجمهورية الإسلامية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، لقد زعمت أن دولاً أجنبية تقف وراء هذه الاحتجاجات، ولكن كما كان العديد من الخبراء يصرحون، تسبب سوء الإدارة الكارثي للاقتصاد والثقافة والسياسة في حدوث هذه الاحتجاجات الغاضبة مع العديد من الضحايا وآلاف السجناء وعدد لا يحصى من المآسي التي تؤلم القلوب، إن هذه [الانتفاضة] هي شعلة صغيرة من نار أكبر من الغضب والتعاسة وانعدام الثقة بسبب سوء الإدارة الفاسدة التي تركت مطالب الناس الحيوية دون معالجة أثناء محاولتهم السيطرة على حياتهم الشخصية، هذه الاحتجاجات يدعمها ما لا يقل عن 85٪ من السكان، الذين يريدون حياة بدون تعذيب وترهيب، إذا لم نتحرك الآن، فسيحدث انفجار هائل، لذا من فضلكم أوقفوا التعذيب والإعدام لإنقاذ النظام".

بالطبع، لن يوقف خامنئي موجة القتل، حيث أكد مراراً وتكراراً أن التراجع سيؤدي إلى انهيار نظامه على الفور. يشعر أنصاري راد بالقلق على مستقبل النظام بينما يحاول ذرف دموع التماسيح على الناس.

من الواضح أن الوضع لن يكون كما هو، والمطلب الأساسي للشعب الإيراني هو تغيير النظام وإقامة حكومة ديمقراطية وعلمانية.

لذلك، فإن المطلب المشروع وحق الشعب في تقرير المصير والدفاع عن النفس في مواجهة القمع الوحشي، يجب أن يتم إقرارهما والاعتراف بهما من قبل المجتمع الدولي.