أبوظبي تطالب الشركاء التقليديين بضمانات أمنية صريحة..

الإمارات تحذر من اقتصار العلاقات بالخليج والسعودية تتهم دول غربية بطرح مطالب غير منطقية

وجهت دولة الإمارات رسالة صريحة وواضحة للشركاء الأوروبيين بضرورة تغيير نهجهم في التعاطي مع دول الخليج، وتبني مقاربة أكثر شمولية للعلاقات بين الطرفين، وليس حصرها في مصالح جزئية نابعة من حاجات ظرفية، كما هو واقع الحال الآن.

دول الخليج تضغط من أجل اتفاق أقوى يعالج مخاوفها إزاء صواريخ إيران الشيعية.

أبوظبي

أعربت الإمارات العربية المتحدة عن ترحيبها بالخطوات الأوروبية التي وصفتها بـ”المشجعة” لتعزيز التواصل مع الدول الخليجية، لكنها حذرت من اقتصار العلاقات على الجانب المعاملاتي، وهو ما لا يخدم جهود بناء علاقات إستراتيجية، طويلة الأمد.

وتحولت دول الخليج خلال الأشهر الأخيرة إلى مركز جذب للقوى الغربية، وخصوصا الأوروبية، في محاولة لتخفيف تداعيات الأزمة الأوكرانية، لاسيما في علاقة بأسواق الطاقة.

وتوافد عدد من المسؤولين الأوروبيين على المنطقة الخليجية لتأمين إمدادات النفط والغاز بعيدا عن روسيا، أكبر مصدر للطاقة سابقا، بعد أن فرض الغرب عقوبات على موسكو بسبب العملية العسكرية المستمرة منذ فبراير الماضي في أوكرانيا.

دول الخليج تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى مركز جذب للقوى الغربية، في محاولة لتخفيف تداعيات الأزمة الأوكرانية

وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، خلال مؤتمر السياسات العالمي في أبوظبي “ما نسمعه، خاصة من الألمان وغيرهم، حول إعادة الانخراط مع الخليج مشجع بالنسبة لي، لكنني أحذر من أنه لا ينبغي أن يكون الأمر معاملاتيا”.

وأضاف المسؤول الإماراتي الكبير “أعتقد أن اللهجة مدفوعة جزئيا بمصالح خاصة. محاولة العثور على مزودي غاز جدد وموردي نفط جدد… نحن بحاجة إلى رؤية أفعال… يجب أن تكون طويلة المدى وإستراتيجية”.

وكرر قرقاش دعوته إلى الحصول على ضمانات أمنية “صريحة” من الحلفاء الغربيين التقليديين، لاسيما في التعامل مع التهديد الذي تشكله الطائرات الإيرانية المسيّرة الذي حذرت دول الخليج منه منذ مدة طويلة.

وقال قرقاش إنه لم يتم “إلقاؤها” في دائرة الضوء حتى “دخلت (هذه الأسلحة) إلى الساحة الأوكرانية” و”فجأة اكتشف العالم هذه القضية”. واتهمت دول غربية روسيا باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية لمهاجمة أهداف في أوكرانيا، وهو ما تنفيه طهران وموسكو.

ولطالما ضغطت دول الخليج على القوى العالمية لمعالجة مخاوفها بشأن برامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الإيرانية، في إطار الجهود المتوقفة حاليا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع الجمهورية الإسلامية، والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018.

وقال قرقاش “إنها فرصة لنا جميعا أن… نعيد النظر في المفهوم برمته”، في إشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني.

وكان موقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية حيال تعرض المملكة العربية السعودية والإمارات لهجمات من قبل الحوثيين الموالين لإيران دون المستوى المطلوب، الأمر الذي أثار غضب الدولتين الخليجتين اللتين شعرتا بخذلان من شركائها التقليديين، وعزز قناعتهما بأهمية مسار تنويع العلاقات مع باقي القوى العالمية.

وقاومت دول الخليج الضغوط الغربية لقطع العلاقات مع روسيا، العضو في تحالف أوبك+ للدول المنتجة للنفط، الذي وافق في أكتوبر على تخفيض أهداف الإنتاج.

كما تصدت الدول الخليجية لمحاولات غربية، ولاسيما أميركية، لثنيها على تعزيز العلاقة مع الصين، وكان أحدث رد الاستقبال الحافل الذي حظي به الرئيس الصيني خلال زيارته إلى السعودية في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث تم خلالها الإعلان عن صفقات بمليارات الدولارات، فضلا عن إتاحة المجال لتعزيز العلاقات بين بكين والفضاء العربي.

وقال قرقاش إن بعض الدول تحمل العلاقات “بنظريات أخلاقية ومصالح أخرى”، مضيفا أن السياسة يجب أن تكون “أكثر واقعية إذا كنت تريد نتائج”. ولم يحدد قرقاش تلك الدول.

وحذر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود الأحد من أن دول الخليج ستتحرك لتعزيز أمنها إذا امتلكت إيران أسلحة نووية.

وتوقفت في سبتمبر محادثات أميركية - إيرانية غير مباشرة لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، والذي انسحبت منه واشنطن في 2018.

وعبّر مدير عام وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة عن قلقه إزاء إعلان طهران في الآونة الأخيرة عن تعزيز قدرتها على تخصيب اليورانيوم.

وأوضح وزير الخارجية السعودي على هامش مؤتمر السياسات العالمي في أبوظبي ردا على سؤال بشأن هذا السيناريو “إذا حصلت إيران على سلاح نووي جاهز للعمل، سيكون من الصعب التكهن بما سيحدث”.

وأضاف “نحن في وضع خطير للغاية في المنطقة (…) يمكنك أن تتوقع أن دول المنطقة ستدرس بالتأكيد كيفية ضمان أمنها”.

وتعثرت المحادثات النووية وسط اتهام القوى الغربية لإيران بطرح مطالب غير منطقية، فضلا عن تحول التركيز إلى الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى جانب الاضطرابات الداخلية في إيران إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد احتجاز شرطة الأخلاق لها.

ورغم أن الرياض ما زالت “متشكّكة” تجاه الاتفاق النووي الإيراني، قال الأمير فيصل بن فرحان إنها تدعم جهود إحيائه “شريطة أن يكون نقطة انطلاق وليس نقطة النهاية” لاتفاق أقوى مع طهران.

وتضغط دول الخليج العربية السنية من أجل اتفاق أقوى يعالج مخاوفها إزاء صواريخ إيران الشيعية وبرنامجها للطائرات المُسيرة وشبكة وكلائها في المنطقة.

وقال الأمير فيصل بن فرحان إن “المؤشرات في الوقت الراهن ليست إيجابية للغاية للأسف”.

وأضاف “نسمع من الإيرانيين أنه ليست لديهم مصلحة في برنامج للأسلحة النووية، سيكون من المريح للغاية إذا استطعنا تصديق ذلك. إننا بحاجة إلى مزيد من الضمانات بهذا الشأن”.

وأشار المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش السبت إلى أن هناك فرصة لإعادة النظر في مفهوم الاتفاق النووي “برمّته” في ظل التركيز الحالي على أسلحة طهران واتهام دول غربية لروسيا باستخدام طائرات مٌسيرة إيرانية لمهاجمة أهداف في أوكرانيا. وتنفي إيران وروسيا هذه الاتهامات.