"اليوم الثامن" تبحث في خفايا دعم قطر لإخوان اليمن في تمرد عتق..

الابعاد الاستراتيجية لمعركة شبوة.. انقلاب عسكري وعلاقته بمشروع التقاسم بين الدوحة وطهران

على مدى سنوات الحرب السبع، حاصرت الاتهامات الإخوان (التنظيم الحاكم) بالتواطؤ مع الحوثيين، خاصة بعد ان سلمت سبع ألوية عتادها العسكري المقدم من التحالف العربي

متظاهرون جنوبيون يطالبون بالاستقلال واستعادة الدولة السابقة - أرشيف

عدن

تمهيد: لم تكن قطر راضية عن "الانتقال السلمي للسلطة في اليمن"، من الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، إلى مجلس القيادة الرئاسي[1]، رحبت على استحياء لكنها منحت ادواتها الإعلامية الضوء الأخضر لوصف عملية "نقل صلاحيات الرئيس إلى مجلس قيادة رئاسي"، بانها عملية انقلاب على هادي الذي كان يحكم اليمن من مقر اقامته الاختياري في العاصمة السعودية الرياض، قبل ان تجبره القوى اليمنية والجنوبية على التنحي، وذلك في اعقاب إصراره على التمسك بتنظيم الإخوان كحاكم فعلي، ناهيك عن تورطه في تسليم أسلحة التحالف العربي للحوثيين، وتورطه أيضا في مؤامرة كان هدفها "استهداف القوات السعودية[2]" في مطار عتق، في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2021م.

وعلى مدى سنوات الحرب السبع، حاصرت الاتهامات الإخوان (التنظيم الحاكم) بالتواطؤ مع الحوثيين، خاصة بعد ان سلمت سبع ألوية عتادها العسكري المقدم من التحالف العربي[3].

 

تمرد وانقلاب شبوة.. قطر في الواجهة

 

لم تكن العلاقة بين قطر والسعودية وجيرانها على "ما يرام"، فالدوحة سبق لها وقدمت تمويلا للحوثيين خلال بداية التمرد في صنعاء، تحت ذريعة "إعادة اعمار صعدة"، التي لم تعمر إلى اليوم.

وقد تطورت الخلافات بين السعودية والإمارات ومصر والبحرين مطرف، وقطر من الطرف الأخر، الى اعلان الدول الأربعة مقاطعة الأخيرة، على خلفية تورطها في تمويل الحوثيين والتنظيمات الإرهابية[4]"؛ الإخوان والقاعدة وداعش.

وعلى الرغم من ان الرياض قد وقعت اتفاقية مصالحة مع الدوحة، الا ان الأخيرة استمرت في خطابها الإعلامي المناهض للتحالف العربي، ولم يحدث أي تغيير، بل ان مصالحة "قمة العلا"[5].

وعلى الرغم من ان الرياض كانت تدرك جيداً أن الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، كان يخدم عن طريق "تنظيم الإخوان"، الاجندة الإيرانية، وهو ما انعكس بشكل كبير وواضح على سير جهود الحرب ضد الحوثيين، حيث لم تسجل القوات المحلية المدعومة من الرياض أي مكاسب عسكرية ميدانية ضد الحوثيين طوال سبع سنوات، بل على العكس خسرت الكثير من الأسلحة والمدن لمصلحة الاذرع الإيرانية[6].

وعلى الرغم من ان هادي[7] أصبح بعيداً عن السلطة بشكل رسمي، بعد ان ظل رئيساً صوريا لسنوات، الا ان الإخوان وعن طريق إعلام الدوحة كشف عن رفضه لإجراءات نقل السلطة، وهو الذي ظل لسنوات يطالب بعزل هادي، واستبداله بمجلس قيادة رئاسي، وحين تحقق ما كان يسعى له التنظيم "رفضه"، والسبب ان بعض اعضاء مجلس القيادة الرئيسي يشكلون خطورة على مستقبل احتلال التنظيم لوادي وصحراء حضرموت واجزاء من أبين وشبوة[8].

لنحو ثلاثة أعوام، حكم إخوان اليمن، محافظة شبوة، عقب السيطرة عليها بدعم من إخوان مأرب[9]، لكن سيطرتهم سرعان ما تم تفكيكها استجابة لرفض شعبي عارم، وقد أدت الإصلاحات في شبوة الى تعيين السلطان عوض بن محمد الوزير، محافظا لشبوة، واقالة محمد صالح بن عديو، الذي انتقل إلى الإقامة في العاصمة الأردنية عمان، لكن هذه الخطوة تبعتها خطوات "إصلاحية" نحو تفكيك منظومة الإخوان[10] التي استحوذت على القرار السياسي والعسكري وجيرته لمصلحة الحوثيين الموالين لإيران.

وعلى الرغم من أن أبن الوزير، حاول العمل من خلال الشراكة، الا ان الاخوان سرعان ما رتبوا صفوفهم لعملية انقلاب نفذت في أواخر يوليو (تموز) المنصرم، قبل ان تدشن تلك القوات هجماتها العسكرية على قوات النخبة في مطلع (أغسطس/ أب) الجاري، ليخرج محافظ شبوة بإصدار جملة من القرارات التي نصت على اقالة القيادي في مليشيات إخوان اليمن، عبدربه لعكب الشريف، المصنف على الحوثيين أكثر من الاخوان، لتطلق جماعة الاخوان عدوانها، لتتوسع الاشتباكات حتى تدخلت قوات العمالقة الجنوبية التي وضعت حدا لمحاولة الانقلاب تلك، ليصدر مجلس القيادة الرئاسي قرارات أفضت إلى تأكيد ودعم قرارات محافظ شبوة، لتصبح قيادات الميليشيات الإخوانية خارج التشكيل الرسمي بقرارات من أعلى سلطة في عدن.

لكن تنظيم الإخوان أعلن تمرده ورفض قرارات مجلس القيادة الرئاسي التي تضمنت إقالة كل الأطراف التي تسببت بالمواجهات المسلحة التي شهدتها مدينة عتق، حيث بدأ بمخطط انقلابي جديد يسانده فيه تنظيم القاعدة الإرهابي وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران إلى جانب العناصر التي تم استقدامها من سيئون ومأرب والبيضاء وأبين.

وعكست هذه الأنشطة المشبوهة في محافظة شبوة حجم التخادم بين الميليشيات الإرهابية الاخوانية والحوثية التي تقاتل في صفوف ميليشيا الإخوان وتساندهم في تمردهم على قرارات الشرعية بهدف السيطرة على محافظة شبوة النفطية. 

الأحداث الأخيرة في شبوة تعتبر معركة مؤجلة تستعد لها ميليشيا الإخوان منذ الإطاحة بالمحافظ المخلوع محمد صالح بن عديو، بعد ثبات خيانته وتخادمه مع المشاريع الدولية التي تستهدف الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية.

وشهدت محافظة شبوة منتصف العام الماضي تسليم مديريات بيحان للميليشيات الحوثية دون أي مقاومة بعد انسحاب الألوية العسكرية الإخوانية من مواقع تمركزها في عسيلان وبيحان والعين[11].

 

الابعاد الاستراتيجية لمعركة شبوة

 

منذ وقت مبكر، نشرت صحيفة اليوم الثامن سلسلة تحليلات وتقارير، كلها أكدت وجود مشروع تقاسم بين الحوثيين وإخوان اليمن، وهو ما تبين خلال السنوات الأربع الماضية، والتي تم فيها حرف مسار الحرب صوب الجنوب[12]، "إن يذهب اليمن الشمالي لإيران وأذرعها جماعة الحوثي، والجنوب[13] لقطر وأذرعها "إخوان اليمن"، غير ان هذا المشروع تم ضربه في المهد".

المتغيرات التي طرأت عقب عزل هادي، دفعت الإخوان الى التحضير لانقلاب عسكري في شبوة للإطاحة بالمحافظ عوض الوزير المعين من قبل الرئيس المتنحي عبدربه منصور هادي، لكن المحافظ المدعوم من المجلس الانتقالي الجنوبي، كان أكثر حسما في مواجه انقلاب عسكري[14] كان يهدف الى تجريد المحافظ عوض الوزير من كل أدوات القوة.

وكما هو واضح، فالانقلاب العسكري أفشل في المهد، على الرغم من ان مأرب دفعت بكل ثقلها نحو شبوة لمساندة ميليشيات التمرد الانقلابية، ورغم إدراك الاخوان بان المعركة في شبوة انتهت بهزيمة مذلة، الا ان التدخلات القطرية وتدخلات التنظيم الدولي، تدفع نحو المزيد من التصعيد، هو ما انعكس على تصاعد الخطاب الإعلامي للمنصات الممولة من الدوحة، لكن تظل كل خيارات الحرب محسوبة للقوات الحكومية التي تمتلك حاضنة شعبية في شبوة، على عكس ميليشيات الإخوان التي ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في شبوة.

 

الخلاصة 

  • إن الرفض الإخواني لقرارات مجلس القيادة الرئاسي، يمثل انقلابا وتحديا، وهو ما يعزز قدرة الجنوب على المضي في الحرب، على الرغم من خيارات تأجيلها لمواجهة الحوثيين أولا، والعصيان لقرارات مجلس القيادة، دليل أضافي على ان الاخوان في اليمن باتوا أدوات للتنظيم الدولي وداعمته قطر.
  • التمرد الإخوان في شبوة، يؤكد على التبعية الإخوانية لنظام قطر، وأصرار الأخيرة على ضرورة صنع نوع من التحالفات السرية.
  • الدعم القطري المقدم لإخوان اليمن في تمردهم على مجلس القيادة الرئاسي، دليل على ان الدوحة ماضية في تحقيق مشروع التقاسم مع طهران "إن يذهب اليمن الشمالي للحوثي والجنوب للإخوان"؛ وحلم إقصاء القوى الجنوبية الوطنية التي ترفض بشكل قاطع أي تواجد للإخوان والحوثيين في جغرافية "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية".
  • بات التعويل اليوم في شبوة على الجنوبيين في دعم خيارات المحافظ ومجلس القيادة الرئاسي في القضاء على التمرد الإخواني في عتق وبما يضمن استقرار المحافظ النفطية.
  • تبدو الحاجة ملحة الى ضرورة وضع الإخوان في التصنيف الإرهابي مع الحوثيين الموالين لإيران، حيث انه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في ظل وجود "تشكيلات مسلحة وسياسية موالية لإخوان اليمن".
  • يبدو ان التمرد قد وضع الإخوان في موضع الانتكاسة الكبيرة التي لم يكن معالجتها على المدى القريب. 

 

هوامش
 

[1]أنظر تقرير: "هادي" ينقل السلطة لمجلس قيادة مشروطا بالسلام مع الحوثيين الخميس ٠٧ أبريل ٢٠٢٢

اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[2]أنظر تحليل: كيف قررت "السعودية" ضرب مشروع التقاسم" في اليمن الإثنين ٠١ نوفمبر ٢٠٢١ اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[3]أنظر: إعلام إخوان اليمن يفتح النار على "السعودية".. ويحملها مسؤولية تسليم محافظة الجوف للحوثيين؟ السبت ٢١ مارس ٢٠٢٠ اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[4]أنظر تحليل: حلم قطر والإخوان.. قلب النظام في السعودية - الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧ اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[5]تحليل: قطر مجددا بصف إيران وتركيا.. هل نُسفت المصالحة الخليجية؟ - الخميس ١٩ ديسمبر ٢٠١٩ - اقرأ المزيد من اليوم الثامن 

[6]تحليل: أنظر: تحليل عبدربه منصور هادي.. رئيس اليمن من السعودية بإدارة قطرية - الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠١٧ اقرأ المزيد من اليوم الثامن (صالح أبوعوذل)

[7]تحليل: تدخل تركي في الجنوب.. محاصرة السعودية بـ"شرعية هادي"- الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠١٩- اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[8]أنظر: مأرب تدفع بتعزيزات صوب أبين.. من منحها الضوء الأخضر- الجمعة ٢٠ مارس ٢٠٢٠ - اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[9] أنظر: تقرير: مأرب اليمنية.. معقل الإخوان بعيدة عن حكومة هادي - الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨ - اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[10]أنظر: كيف أصبحت "الشرعية" خنجرا في خاصرة التحالف العربي؟- الخميس ٢٥ يناير ٢٠١٨- اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[11]تحليل: لماذا تأخر الحسم العسكري في شمال اليمن؟ الإثنين ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧ - اقرأ المزيد من اليوم الثامن 

[12]أنظر تقرير: قطر الإرهاب.. من القاعدة إلى الحوثي إلى إيران- السبت ١٥ سبتمبر ٢٠١٨- اقرأ المزيد من اليوم الثامن  

[13]أنظر «الحوثيون والإخوان».. مساعٍ لفرض مشروع تقاسم السلطة وثروات الجنوب - الثلاثاء ٢٨ يونيو ٢٠٢٢ - اقرأ المزيد من اليوم الثامن

[14]تقرير: تقاسم نفوذ في اليمن بين إيران وقطر.. السعودية خارج الملعب - الخميس ١٣ مايو ٢٠٢١- اقرأ المزيد من اليوم الثامن