محمد الدليمي يكتب لـ(اليوم الثامن):
مرحبا دولة الجنوب العربي
بعد أن أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي عن سيطرته التامة وفرض حالة الامن والاستقرار على كامل تراب جنوب اليمن بات مطلبا ملحا وعاجلا استكمال هذا النصر العسكري بانجاز سياسي يتمثل في اعلان دولة الجنوب العربي لتنظم الى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كدعامة للامن القومي العربي والاستقرار في منطقة القرن الافريقي.
ان اعلان دولة الجنوب العربي ليس اصطناع او تأسيس كيان سياسي جديد مستغرب انه فقط استعادة شرعية وجيوسياسية لدولة جنوب اليمن العربي ذي التاريخ المجيد والحضور المؤثر لها في كل مسار التاريخ العربي والإسلامي.
اليمن في التاريخ لم يكن موحدا سوى في فترات محدودة من التاريخ القديم في ممالك سبأ وحمير واجزاء غير كاملة وقعت تحت سيطرة الاحباش.
اتحدى من ياتي بدليل واحد على ان اليمن كان دولة واحدة عدا لقطات من التاريخ الموغل في القدم ولو اننا طبقنا هذا المنطق فان عالم عربي باكمله سيذوب تحت لافتة التاريخ منذ عهد الامويين والعباسيين والعثمانيين وسواهم من الاقوام الاجنبية الغازية للارض العربية.
نحن ابناء اليوم وشعب الجنوب العربي من عدن الى المهرة يتطلع بشغف الى استعادة دولته المسلوبة تحت شعارات ومزايدات سياسية بعيدة عن الواقع.
اذا كانت السياسة كما يقال تتعاطى مع الوقائع وليس التمنيات فان هناك واقعا حاضرا يفرض العمل بجد واخلاص على المساعدة العربية على استعادة شعب الجنوب لدولته السليبة والتي انتزعت منه بقوة السلاح.
ان من يقول ان هناك وحدة يمنية ويجب الحفاظ على هذا المكسب فهو تزييف للواقع وقفز فوق الأحداث اليمنية فالوحدة اليمنية كانت محاولة سياسية عام 1999م جاءت نتيجة ضغوط ومصالح حزبية واقليمية واستمرت فقط اربعة سنوات وانتكست واعلن الجنوب انفصاله من جديد وكل ما جرى بعده هو عبارة عن فرض واقع الطرف المنتصر بقوة الصواريخ ومدافع الدبابات الشمالية التي غزت أرض الجنوب وطبقت عليه تقاليد الغزو في العصر الجاهلي.
وعلى الاقل انا كاتب هذا المقال قد عشت في اليمن خلال تلك الفترة القاسية عشرة سنوات وشاهدت تساقط الصواريخ في صنعاء مثلما كانت طائرات الرئيس الشمالي الراحل علي عبدالله صالح تدك الجنوب دكا حتى دخلت قواته ومعها الوية الاخوان المسلمين تحت مظلة حزب الاصلاح لفرض الهيمنة على شعب جنوبي مغلوب على امره.
ان المنطق السياسي الواقعي يقول ان بقاء وضع الجنوب على هذا النحو لا هو دولة مستقلة ولا هو جزء من دولة موحدة يحمل مخاطر جسيمة على حالة الامن والاستقرار الاقليمي والدولي بحكم الموقع الاستراتيجي لجنوب اليمن بجزره واطلالته على خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي كما أن غياب سلطة يمنية فعلية ايضا هو مشكلة اخرى وان وجود مجلس قيادة رمزي يحكم عبر قنوات الاعلام فقط وليس له أي اثر على الارض يمثل تحديا اخر يضع اليمن بين انياب الحوثي أداة ايران وبين قوى اخرى طامعة في اليمن.
انها لحظة الحقيقة وان تكرار مقولات الوحدة قد عفا عنها الزمن وهي مجرد تكرار للفشل العربي وقد حدثت محاولات وحدوية عربية من قبل واخفقت مثل الوحدة المصرية السورية عام 1958م ايام حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتجارب وحدوية تلفزيونية في عهد الزعيم الراحل العقيد معمر القذافي وكذلك مشروع وحدة سورية والعراق وكلها باتت في متحف التاريخ واننا لسنا ضد قيام الوحدة العربية وقد كتبنا سابقا الى جانبها ولكن للواقع اشتراطات وهو الجدار الصلب الذي ترتد اليه كل احلام اليقظة والشعارات.
ابناء الجنوب العربي قد اكتووا بنيران الحروب وسحقتهم الشعارات والمزايدات فهم اليوم يتطلعون الى تحكيم العقل والمنطق ودعم قيام دولة الجنوب العربي كقوة عربية سوف تسهم بعد اعلانها في الانضمام الى جهود تحرير صنعاء وكل شبر من شمال اليمن من هيمنة حكم الحوثي الطائفي والسلالي الذي دمر شمال اليمن.
ان ما قامت به قوات المجلس الانتقالي هو استجابة لطموحات أهلنا الكرام في جنوب اليمن العرب الاصلاء والأوفياء.


