حسن محمودي يكتب لـ(اليوم الثامن):

أزمة المياه في إيران: كارثة تهدد الحياة وتُنذر بانتفاضة

في خضمّ الأزمات المتلاحقة التي تُثقل كاهل الشعب الإيراني، تبرز أزمة المياه كواحدة من أخطر التحديات التي تهدد حياة الملايين. مع اقتراب الصيف، تُفاقم هذه الأزمة، التي تتزامن مع انقطاع الكهرباء، معاناة الإيرانيين، وتُحوّل الحياة اليومية إلى جحيم لا يُطاق. كإيراني عاش عقودًا تحت ظل نظامٍ نهب ثروات البلاد، أرى أن هذه الكارثة ليست وليدة الطبيعة، بل نتاج مباشر لسياسات النظام وسيطرة الحرس الملالي على موارد البلاد.

تُظهر التقارير الإعلامية حجم الكارثة بوضوح. في طهران، أعلنت السلطات أن المياه لن تصل إلى الطوابق العلوية في الصيف، بينما في همدان، يعاني السكان من ضعف شديد في ضغط المياه. أما في مناطق مثل سيستان وبلوشستان، فقد تحولت الأزمة إلى مأساة إنسانية، حيث يضطر الناس لحمل المياه بالدلاء من مسافات بعيدة. صحيفة "فرارو" حذرت من أن "أزمة المياه في الصيف ستكون خطيرة"، واصفةً صيف 2025 بـ"الجحيم". وأشارت "اقتصاد أونلاين" إلى أن أكثر من 50% من سدود إيران تحتوي على أقل من 40% من سعتها، مع استنزاف شبه كامل للمياه الجوفية.

النظام يروّج باستمرار لرواية كاذبة، مُحمّلاً الجفاف والعوامل الطبيعية مسؤولية هذه الأزمة. لكن الحقيقة التي يعرفها كل إيراني مظلوم هي أن جذور هذه الكارثة تكمن في نهب الموارد من قِبل خامنئي والحرس الايراني. الصناعات العملاقة المستهلكة للمياه، مثل "فولاد مباركة"، والمجمعات الصاروخية ومصانع الطائرات المسيرة، تستهلك كميات هائلة من المياه. إضافة إلى ذلك، تسببت عمليات بناء السدود العشوائية وحفر الآبار العميقة غير القانونية، التي يُشرف عليها الحرس لتحقيق أرباح طائلة، في جفاف الأنهار واستنزاف الخزانات الجوفية. حتى مسعود بزشكيان، رئيس النظام، اضطر للاعتراف في 21 مايو/أيار 2025 بأن استمرار حفر الآبار يُدمّر البيئة بشكل كارثي.

من هو هذا "نحن" الذي يتحدث عنه بزشكيان؟ إنه الحرس الإيراني، الذي يسيطر على كل مفاصل الاقتصاد والموارد في إيران. صحيفة "فرهيختگان" أكدت أن مشاريع بناء السدود غير العلمية هي السبب الرئيسي لنقص المياه، بينما يُشير الخبراء إلى أن حفر الآبار غير القانونية دمّر الموارد الجوفية بشكل لا يمكن تعويضه حتى خلال قرن. من غير الحرس الخامنئي يملك القدرة على تنفيذ مثل هذه العمليات؟ فخامنئي سمح لقادة الحرس بحفر الآبار غير القانونية ونقل المياه إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك مثل مصانع الفولاذ، وذلك لضمان ولاء الحرس كدرع لحماية النظام.

تتجاوز آثار أزمة المياه مجرد نقص المياه المنزلية. فقد دمّرت "مافيا المياه"، التي يقودها الحرس، الزراعة التقليدية، مما ألحق ضررًا بالغًا بمعيشة المزارعين وأمن إيران الغذائي. انقطاع المياه أدى إلى توقف الزراعة في مناطق واسعة، مما أجبر العديد من المواطنين على الهجرة الداخلية، وتحوّل إيران إلى بلد يعتمد على استيراد أبسط المنتجات الزراعية التي كانت تُنتجها محليًا. علاوة على ذلك، تسبب استنزاف المياه الجوفية في هبوط خطير للأراضي، مما يهدد البنية التحتية والسلامة العامة.

تُعدّ أزمة المياه، إلى جانب انقطاع الكهرباء، ضربة قاصمة لأبسط مقومات الحياة في إيران. هذه الأزمات، التي تُفاقمها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، جعلت الحياة اليومية للمواطنين شبه مستحيلة. لكن هذه ليست سوى بداية الكارثة. فمع حلول الصيف، ستتفاقم الأوضاع لتصل إلى ذروتها. المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حذّر مرارًا من أن سياسات النظام تدفع البلاد نحو الانهيار، مشيرًا إلى أن نهب الموارد هو جوهر هذه الأزمات .

هذه الأزمات ليست مجرد مشاكل إدارية، بل نتاج حكم استمر أربعة عقود في نهب ثروات إيران. النظام، بقيادة خامنئي والحرس، حوّل البلاد إلى مستنقع من الفساد والقمع. لكن الشعب الإيراني، الذي عانى طويلاً، لن يظل صامتًا. فالضغوط المتفاقمة، كما أشارت منظمة مجاهدي خلق ، تُنذر بانفجار اجتماعي هائل. هذه الانتفاضة، التي تلوح في الأفق، ستكون منظمة وحازمة، تستهدف إسقاط النظام الذي جلب الخراب لإيران.

كإيراني، أؤمن أن الحل يكمن في دعم المقاومة الشعبية. المجلس الوطني للمقاومة دعا إلى تمكين الشعب الإيراني لمواجهة الحرس الخامنئي. لا حاجة لتدخل عسكري أجنبي، بل للاعتراف بحق الشعب في المقاومة. إيران حرة وديمقراطية هي الضمانة الوحيدة لاستعادة الموارد المنهوبة وإنهاء هذه الأزمات. اليوم، بينما نقف على شفا كارثة المياه، يجب على العالم أن يسمع صوت الشعب الإيراني ويدعم نضاله من أجل الحرية والكرامة.