الإسلام الديمقراطي في مواجهة ولاية الفقيه..
من العراق إلى اليمن.. مجاهدو خلق يرصدون أذرع التمدد الإيراني
تبرز منظمة مجاهدي خلق كواحدة من أكثر الحركات التي تعرضت لحرب شرسة على صورتها ومشروعها، رغم جذورها الثورية وفكرها الإسلامي الديمقراطي المناهض للاستبداد.

منظمة مجاهدي خلق: ثبات فكري وصمود نضالي في مواجهة الاستبداد

مقدمة: الوعي والتوجهات السياسية
عاملا الوعي، بأبعاده السلبية والإيجابية، والتوجهات السياسية، سواء المعادية أو الشفافة، يلعبان دورًا حاسمًا في بناء أو هدم أي كيان، أو عرقلة تقدمه وتشويه صورته. وفي حالة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي تتميز بفكرها التقدمي المنضبط بالقيم الإسلامية الديمقراطية، والتي يخشاها نظام خميني، لم يكن بإمكان النظام الإيراني، المدعوم غربيًا كبديل لنظام الشاه، أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه المنظمة. هذا الواقع دفع النظام إلى اعتماد سياسة قمعية إبادية تصاعدية ضد المجاهدين، تزامن معها نهج إعلامي مضلل مدعوم بحملات إعلامية ضخمة داخل إيران وخارجها، حيث رُصدت مليارات الدولارات لتشويه صورة المنظمة. وقد ساهم التوافق الغربي مع نظام الملالي، وتغاضيه عن جرائمه، وصمت المؤسسات الغربية عن انتهاكاته، في تعزيز هذا المشروع. والمؤسف أن بعض الإعلام العربي انساق وراء هذا النهج، إما جهلًا بما يدور في دولة إقليمية جارة، أو مسايرة لتوجهات النظام العدوانية.
تأسيس المنظمة وخلفيتها الفكرية
تأسست منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في ستينيات القرن العشرين على يد مجموعة من المثقفين الإسلاميين، مثل محمد حنيف نجاد، سعيد محسن، وعلي أصغر بديع زادكان، بهدف مواجهة استبداد نظام الشاه. استلهمت المنظمة إسلامًا ثوريًا يدعو إلى العدالة الاجتماعية، وجمعت بين الفكر الإسلامي التقدمي المناهض للاستعمار والقيم الاشتراكية الديمقراطية. رفعت المنظمة شعارات مقاومة الاستبداد السياسي والتفاوت الطبقي، مما جعلها هدفًا للقمع من قبل نظام الشاه.
دور نظام الشاه وصعود خميني
في أواخر سبعينيات القرن العشرين، ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية، كان قادة مجاهدي خلق إما أُعدموا أو سُجنوا، بينما تُركت شبكة رجال الدين الوصوليين تتحرك بحرية. هذا الأمر سمح لخميني باغتصاب قيادة الانتفاضة الشعبية التي طالبت بالديمقراطية. ومن خلال اتفاقيات مع دول غربية، خاصة فرنسا وبريطانيا وأمريكا، تم نقل خميني من النجف إلى باريس ثم إلى إيران ليفرض نظام ولاية الفقيه، بينما كان الشعب الإيراني يطالب بالحرية.
مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية
بعد ثورة 1979، التي شارك فيها أنصار مجاهدي خلق في إسقاط الشاه، رحب المجاهدون بجميع التوجهات الوطنية الديمقراطية ودعوا إلى إقامة كيان سياسي عادل يتيح المشاركة السياسية للجميع. في مواجهة شهيرة بين خميني ومسعود رجوي، ذكّر رجوي خميني بقوله إن “حتى الماركسيين مسموح لهم بالمشاركة السياسية”. لكن المجاهدين سرعان ما تعرضوا للقمع بعد رفضهم ولاية الفقيه وانتقادهم استغلال خميني للإسلام. خلال العامين الأولين من الثورة، اكتسبت المنظمة شعبية واسعة من خلال صحيفة “مجاهد” (600,000 نسخة)، ونظمت مظاهرة ضخمة في طهران عام 1981 بمشاركة 500,000 شخص. رد نظام خميني بإطلاق النار على المتظاهرين وحملات إعدامات واسعة، تلتها فتوى الحِرابة عام 1988، التي أودت بحياة 30,000 سجين سياسي، معظمهم من أعضاء المنظمة.
البنية الفكرية للمنظمة
تجمع إيديولوجية مجاهدي خلق بين الإسلام الديمقراطي والحداثة السياسية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية، حقوق النساء، المساواة العرقية والدينية، ورفض ولاية الفقيه. يرون في الكفاح المسلح، في ظل وحشية النظام، وسيلة للتحرر من القمع. تعتبر المنظمة نفسها امتدادًا لنهضة الثورة الدستورية ونهضة الدكتور محمد مصدق، مع دور نسوي بارز بقيادة مريم رجوي كجزء أساسي من مشروع التغيير.
الحرب الإعلامية المضادة
أنفق النظام الإيراني مليارات الدولارات لتشويه صورة المجاهدين، متهمًا إياهم زورًا بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل من خلال أفلام ومسلسلات وكتب. تأثرت وسائل الإعلام العربية والغربية بسياسة الاسترضاء مع النظام، فتجاهلت أخبار المجاهدين أو شوهتها. بعد إزالة اسم المنظمة من قوائم الإرهاب في أوروبا وأمريكا (2009-2012)، وبفضل كشفها للبرامج النووية والإرهابية للنظام، بدأت بعض وسائل الإعلام تقدم تغطية أكثر توازنًا.
الموقف من التدخلات الإقليمية
كان مجاهدو خلق أول من كشف المشروع التوسعي لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، مؤكدين أن تحرير طهران هو مفتاح السلام الإقليمي. ورغم الدعاية المضادة، عززت المنظمة مكانتها الدولية كحركة مقاومة تقدم برنامجًا لإيران ديمقراطية غير نووية.
الصمود والمجلس الوطني للمقاومة
تمسك المجاهدون بمواقفهم ضد الاستبداد الديني، مؤكدين على الديمقراطية، التعددية، فصل الدين عن السلطة، والمساواة. في عام 1981، أسس مسعود رجوي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي قدم برنامجًا تقدميًا لنقل السيادة إلى الشعب. ورغم النفي والاغتيالات، حظيت المنظمة بدعم واسع من شخصيات ومؤسسات غربية.
خاتمة: إعادة تقييم الدور الإعلامي
قدم مجاهدو خلق نموذجًا فريدًا للمقاومة والثبات الفكري والسياسي والأخلاقي ضد قمع نظامي الشاه وولاية الفقيه. ورغم التشويه الإعلامي والضغوط الدولية، أكدوا أنهم البديل الديمقراطي الرئيسي لنظام الملالي. بات من الضروري أن تعيد وسائل الإعلام العربية والعالمية تقييم دور هذه الحركة بموضوعية، ليس فقط لتفنيد روايات النظام الإيراني، بل لإبراز دورها في النضال من أجل الديمقراطية والحرية، ولتعزيز المهنية الإعلامية.
التوسعي في العراق، سوريا، لبنان، واليمن، مؤكدين أن تحرير طهران هو مفتاح السلام الإقليمي، ورغم الدعاية المضادة عززت المنظمة مكانتها الدولية كحركة مقاومة تقدم برنامجًا واضحًا لإيران ديمقراطية وغير نووية.
الصمود والمجلس الوطني للمقاومة: تمسك مجاهدو خلق بمواقفهم ضد الاستبداد الديني مؤكدين على مبادئ الديمقراطية، التعددية، فصل الدين عن السلطة والمساواة، في عام 1981 أسس مسعود رجوي مجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي قدم برنامجًا تقدميًا لنقل السيادة إلى الشعب، ورغم النفي والاغتيالات (مثل قتل كاظم رجوي في جنيف) والضغوط الدولية حظيت المنظمة بدعم واسع من شخصيات ومؤسسات غربية، ولعبت وحدات المقاومة التابعة للمجاهدين دورًا بارزًا في الانتفاضات الأخيرة في إيران مما أثار رعب النظام.
ختاما.. قدم مجاهدو خلق عبر عقود من الصمود ضد قمع نظامي الشاه وولاية الفقيه نموذجًا فريدًا للمقاومة والثبات الفكري والسياسي والأخلاقي، ورغم التشويه الإعلامي والضغوط الدولية أكدوا للعالم اليوم بأنهم البديل الديمقراطي الرئيسي لنظام الملالي، وهنا بات من الرشد أن تُعيد وسائل الإعلام العربية والعالمية تقييم دور هذه الحركة بموضوعية ليس لتفنيد روايات النظام الإيراني المغرضة وإبراز دورها في النضال من أجل الديمقراطية والحرية فحسب بل من أجل إجلال رسالة هذه المؤسسات وعرض ذاتها بمهنية رصينة.