"القوة الناعمة"..

كيف يُساهم استيراد القات الإثيوبي في تقويض نفوذ الحوثيين؟

"تقاطع المصالح بين الإخوان (حلفاء السعودية) والحوثيين (حلفاء إيران)، عرقل إدارة الرئيس اليمني المتنحي عبدربه منصور هادي، في اتخاذ إجراءات اقتصادية صارمة ضد الأذرع الإيرانية منذ بداية الصراع في العام 2015م"

سعر القات في إثيوبيا يعتبر رخيصاً مقارنة باليمن - عن وسائل إعلام

عدن

 ضجت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية، بخبر وصول القتات الحبشي إلى عدن (العاصمة)، خلال إجازة عيد الفطر، في أول محاولة ناجحة لكسر حالة الاحتكار التي يمارسها التجار اليمنيون الذين يقومون بتوريد "القات" من المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الأذرع الإيرانية، إلى مدن الجنوب المحررة.

وقال تجار محليون لصحيفة اليوم الثامن إن دخول القات الإثيوبي الشهير إلى الأسواق في عدن، كسر تماما حالة الاحتكار التي يمارسها التجار اليمنيون، خاصة خلال أيام العيد التي ترتفع نسبة متعاطي القات أكثر من أي وقت مضى، حيث تعد الاجازات العيدية فرصة للقاءات والاجتماعات التي قد تغيب طوال أيام السنة، ويعتبر القات، الوسيلة الوحيدة، لقضاء وقت أطول بين الأهالي والأصدقاء".

وأوضح بائع محلي للقات في سوق الشيخ عثمان لصحيفة اليوم الثامن أن نسبة الاقبال على أسواق القات انخفض خلال موسم "الشتاء"، حيث تتعرض المزارع لدرجة برودة عالية، توثر بشكل كبير على "اغصان القات"، ولكن المزارعين في العادة يلجئون إلى شراء كميات كبيرة من المواد الكيماوية التي تساعد شجرة القات على مقاومة الثلوج، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض لمتعاطي القات.

ولم تعلق السلطات المحلية في العاصمة عدن، حول استيراد القات الإثيوبي إلى العاصمة، حيث رفض مصدر مسؤول التعليق لصحيفة اليوم الثامن حول وصول هذه النوعية من القات، لكن أرجع الأمر الى ان السلطة المحلية ستخرج بتوضيح للرأي العام خلال الأيام القادمة.

وقال باعة يمنيون للقات في تعز "إن تدفق القات الإثيوبي إلى (العاصمة) أدى إلى انخفاض أسعار القات اليمني بشكل كبير، وهو بمصالح المزارعين والتجار اليمنيين، خاصةً أولئك الخاضعين لسيطرة الحوثيين في مناطق كتعز التي يعد القات فيها أبرز مصادر تمويل الحوثيين اقتصاديا، نظرا لرفع الاذرع الإيرانية قيمة الضرائب والجمارك على المزارعين والتجار".

الحوثيون يسيطرون على أسواق القات في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك الذي يورد إلى عدن. ولكن مع دخول القات الإثيوبي إلى السوق، يفقد الحوثيون السيطرة على جزء كبير من هذه الأسواق، حيث تُعد تجارة القات مصدرًا هامًا للإيرادات بالنسبة للأذرع الإيرانية وبالتالي، فإن انخفاض أسعار القات وفقدان السيطرة على أسواق القات أدى إلى انخفاض كبير في عائدات الحوثيين.

وبدأ بعض المستهلكين الجنوبيين في تفضيل القات الإثيوبي على القات اليمني، وذلك بسبب انخفاض سعره وجودته العالية، الأمر الذي يتوقع ان يتضرر الحوثيون من هذه الخطوة الاقتصادية التي جاءت في اعقاب إجراءات بنكية نفذها البنك المركزي على المصارف الخاصة والأهلية التي لديها مراكز رئيسية في صنعاء، وطالب مركزي عدن، تلك البنوك بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، قبل ان يتخذ إجراءات صارمة بشأنها.

 وتوقعت مصادر اقتصادية ان استمرار تفق القات الإثيوبي على عدن، قد يؤدي إلى فقدان الحوثيين للسيطرة على تجارة القات وبتالي ضعف اقتصادي كبير في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وضعف الاقتصاد من المتوقع ان يُؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي في المناطق الخاضعة لسيطرة الأذرع الإيرانية، وبتالي ارتفاع نسبة المعارضة للحوثيين في المناطق اليمنية التي تعتمد على زراعة القات كمورد اقتصادي في ظل تعثر الاذرع الإيرانية في توفير مرتبات للموظفين في تلك المناطق.

لم تتخذ الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا، إجراءات اقتصادية صارمة ضد الحوثيين، يعزو الأمر الى تقاطع المصالح بين جماعة الاخوان (حلفاء السعودية)، وحلفاء إيران في صنعاء، والذين حاولوا تعطيل عمل البنك المركزي عقب نقله الى عدن في العام الأول للحرب، حين أصروا على توريد موارد النفط إلى حساب في بنك سعودي بمدينة جدة الساحلية، ناهيك عن ان الجماعة التي تتخذ من مأرب مركزا لها، حرفت مسار الحرب العسكرية صوب عدن، بدلا من صنعاء، في مسعى لاستعادة السيطرة على العاصمة الجنوبية.

ورفضت الحكومة اليمنية التي يسيطر عليها إخوان اليمن، توجهات لفصل الاتصالات عن مركز صنعاء، حيث شكلت اهم الموارد الاقتصادية للحوثيين، بدعوى ان فصل الاتصالات عن صنعاء، مقدمة لتسهيل عملية عودة عدن الى الدولة الجنوبية السابقة التي يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي لاستعادتها منذ تأسيسه في العام 2017م، كأحد أبرز حلفاء التحالف العربي في مواجهة الحوثيين.

وخلال العام 2023، رفع الحوثيين من الضرائب على الصادرات والواردات الى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، بما في ذلك القات، خاصة في الحديدة وحجة.

وقدرت وسائل إعلام يمنية نسبة رفع ضرائب القات في محافظتي الحديدة وحجة إلى  150%.

وقالت مصادر يمنية إن الأذرع الإيرانية فرضت ضريبة 500 ريال يمني على الكيلوجرام، دون النظر إلى نوعية القات، حيث تُطبق الضريبة الجديدة على "القات الشامي" المتواجد في حجة ويباع بكثرة في الحديدة.

وقد أثار القرار استياءً واسعًا بين مزارعي القات في حجة وبائعي القات في الحديدة، حيث أكد إعلام محلي أن الاذرع الإيرانية اعتدت على عدد من الباعة عند مداخل الحديدة لرفضهم دفع الضريبة الجديدة، وقد سبق لجماعة الحوثيين أن فرضت العديد من الجبايات على المزارعين والبائعين في مناطق سيطرتها".