"اليوم الثامن" تقدم قراءة في ضوء البدء بمشروع وادي حسان بأبين..

"الإمارات" واستراتيجية الأمن المائي والغذائي وتجلياتها في اليمن والجنوب (تقدير موقف)

تهدف استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036 إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف العادية والطارئة. وبهذه الطريقة سوف تساهم هذه الاستراتيجية في ازدهار المجتمع وتقدمه والحفاظ على نمو الاقتصاد الوطني

الشيخ المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان - رحمه الله

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

االمقدمة: يعتبر الأمن الغذائي من الأمور الملحة لتحقيق النمو الاقتصادي في أية دولة. من الأهمية وضع خطط وسياسات تشجع مختلف الصناعات على الابتكار لتوفير الحلول لتأمين الغذاء الصحي والمفيد للشعوب، وإيجاد سبل العيش المستدام، ودعم التنمية الزراعية والريفية مع المحافظة على حماية البيئة. ويهدف هذا التقرير إلى النظر في المواقف العظيمة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة لليمن من ثمانينات القرن الماضي حين سعت قيادته الحكيمة إلى توفير الأمن الغذائي للشعب اليمني وقد اختارت مدينة مارب نظرا لطبيعتها الجغرافية الصحراوية، ومناخها الجاف، ونقص المياه والأراضي الصالحة للزراعة فيها، وذلك في ظل النمو السكاني المتزايد وارتفاع الاحتياجات الاستهلاكية.

 وسيرا على نهج زائد الخير المؤسس سار الأبناء فها هو محمد بن زائد يستهد أبين الخير في مشروع زراعي عملاق يحي به أرض فلاة وهو العهد الذي بذلته تلك الاسرة العربية الاصيلة امام اخوانها العرب ليس في اليمن فقط بل في معظم دول العالم.

المطلب الأول:

استراتيجية الأمن المائي والغذائي لدولة الإمارات     

تهدف استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036 إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف العادية والطارئة. وبهذه الطريقة سوف تساهم هذه الاستراتيجية في ازدهار المجتمع وتقدمه والحفاظ على نمو الاقتصاد الوطني. تستهدف الاستراتيجية مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية التي تهدف إلى:

خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21٪

زيادة إنتاجية المياه بنسبة 69٪

حفض ندرة المياه بمقدار 3 درجات

زيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%.

تتكون استراتيجية الأمن المائي 2036 من ثلاثة برامج عمل استراتيجية تتناول معالجة المخاطر عالية الخطورة المتعلقة باستهلاك المياه:

برنامج إدارة الطلب على المياه

تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية في استهلاك المياه في المناطق الحضرية

خفض الهدر من شبكة المياه

ترشيد الاستهلاك الفردي للمياه

تقليل الطلب على المياه المحلاة

زيادة كفاءة استخدام المياه في الزراعة

تقليل الضغط على المياه الجوفية المستخدمة في الزراعة.

برنامج إدارة الإمداد المائي

توفير الاحتياجات المائية المستقبلية بصورة مستدامة

زيادة استخدام تقنيات تحلية المياه

زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة

التوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة

تشجيع أنظمة حصاد مياه الأمطار

الحد من استخراج المياه الجوفية.

برنامج إنتاج وتوزيع المياه للطوارئ

ضمان الوقاية والاستجابة الفعالة لحالات الطوارئ المائية

ضمان الاستجابة الفورية لحالات الطوارئ المائية

استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء

وهي مبادرة وطنية طويلة المدى أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،  في يناير 2012 تمهيداً لبناء اقتصاد أخضر في دولة الإمارات تحت شعار "اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة"، ومن خلال هذه المبادرة أبدت دولة الإمارات التزامها بريادة العالم في مجال التنمية المستدامة.

يوجد مخاطر محتملة لنقص الغذاء والأزمات التي قد تترتب على الأحوال الجوية وما ينتج عنها من نقص حاد في الموارد الطبيعية. تركز استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء على إيجاد حلول مستدامة لمعالجة هذه التحديات.

بالإضافة إلى ذلك، يقوم المعهد العالمي للنمو الأخضر (GGGI) من خلال عضوية 28 دولة على خلق فرص للابتكار في مجال الزراعة، وتخفيف مخاطر تغير المناخ وإنشاء نظام بيئي غني بالإنتاج الغذائي المستدام. وتعد دولة الإمارات واحدة من الأعضاء المؤسسين للمعهد العالمي للنمو الأخضر، وتلعب دورًا فعالاً في تبادل المعلومات والموارد الخاصة بأساليب الزراعة الخضراء لاستخدامها في الأنظمة الغذائية الزراعية في المنطقة.

الزراعة والاستزراع المائي

تشكل الزراعة تحديا ضخمًا في دولة الإمارات بسبب موقعها الجغرافي والتحديات الطبيعية التي تواجهها الدولة. تواصل دولة الإمارات بذل جهود مضنية للتغلب على هذه التحديات من خلال استراتيجياتها الهادفة إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للأراضي المزروعة، وجودة المنتجات المحلية التي تعززها الممارسات والحلول المبتكرة، مثل الزراعة المائية، والزراعة العضوية، والاستزراع المائي.

تعمل وزارة التغير المناخي والبيئة باستمرار على تعزيز مشاريع الإنتاج الزراعي من خلال:

توفير المتطلبات الزراعية مثل البذور عالية الإنتاجية، والأسمدة المركبة، ومحسنات التربة، والبذور العضوية، ولوازم الزراعة، والمعدات المستخدمة لاختبار المياه وأغراض الري

رفع الوعي حول تبني الأساليب الزراعية الحديثة التي تحافظ على موارد المياه والتربة في الدولة

إدخال عدد من التقنيات الحديثة المتعلقة بالزراعة المائية بما يكفل مواكبة المزارعين لأحدث التطورات في أساليب الزراعة المائية والعضوية.

توقيع مذكرات تفاهم استراتيجية لدعم الزراعة والإنتاج المحلي من خلال:

صندوق خليفة لتطوير المشاريع لدعم المزارعين والاستزراع المائي

مؤسسة الشارقة لدعم الرواد من المزارعين، والنحالين، والصيادين

مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشجيع المشاريع الريادية للمزارعين، والنحالين، والصيادين

شركة "ANHB" جنرال تريدينج ذ.م.م. لدعم وتنمية قطاع نحل العسل في دولة الإمارات

مجموعة اللولو العالمية ذ.م.م. لتشجيع تسويق المنتجات الزراعية لدولة الإمارات

تعاونية الاتحاد لدعم وترويج مجموعة المنتجات العضوية بالإضافة إلى تنظيم المنتجات المائية.

ماجد الفطيم هايبر ماركتس.ذ.م.م لتسويق المنتجات الزراعية المحلية.

 

يساهم الجهد المشترك بين مركز الأمن الغذائي-أبوظبي وأعضاء التحالف مثل مركز خدمات المزارعين بأبوظبي، وصندوق أبو ظبي للتنمية، وغيرهم من الأعضاء في تعزيز الشراكة بين القطاعين  العام والخاص في معالجة التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي، ومسؤولية الشركات في هذا الإطار.

يتضمن الاستزراع المائي زراعة الكائنات الحية في المياه العذبة والمياه المالحة في ظل ظروف خاضعة للرقابة، وهو ما يتعارض مع الصيد التجاري المعني بحصاد الأسماك البرية. وقد أبدت دولة الإمارات اهتمامًا مستمرًا بالموارد البحرية والحفاظ على بيئاتها الطبيعية. يعتبر الاستزراع المائي أحد الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية في جميع أنحاء العالم، حيث يلعب دوراً محورياً في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية الاحتياجات البشرية من البروتين بتكاليف وبفترة أقل نسبياً من منتجات البروتين الحيواني الأخرى.

ووفقًا لما أشارت إليه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، تمثل منتجات الاستزراع المائي حوالي 50٪ من نسبة الاستهلاك العالمي للأسماك في عام 2018.

حظي الاستزراع المائي على اهتمام حكومة الإمارات وذلك بإنشاء مركز أبحاث البيئة البحرية في أوائل 1980 وذلك بهدف تعزيز الأمن الغذائي والتنمية البحرية المستدامة في دولة الإمارات. يضم مركز الشيخ خليفة للأبحاث البحرية الذي تأسس في عام 2014 العديد من المرافق بما في ذلك مفقس مغلق متكامل ومجهز بأحدث التقنيات المتطورة المستخدمة عالمياً وبطاقة إنتاجية تبلغ عشرة ملايين أصبعية من الأسماك المحلية سنويًا. سيلعب هذا الإنجاز دوراً رئيسياً في تطوير وتعزيز تكنولوجيا الاستزراع المائي في دولة الإمارات والمنطقة.

ولا تزال صناعة استزراع الأحياء المائية في الدولة في مراحلها الأولى حيث بلغ إجمالي إنتاجها 1,239.7 طن عام 2016. وقد وضعت دولة الإمارات إطارًا تنظيميًا متكاملًا لقطاع استزراع الأحياء المائية في شكل كتيب تفصيلي يتضمن أهم الجوانب القانونية، مثل الشروط العامة لمزارع استزراع الاحياء المائية، ومتطلبات السلامة والصحة المهنية بها، وإطار جودة وسلامة منتجاتها. ومن المتوقع أن يساهم هذا الإطار التنفيذي في تحقيق أهداف القطاع، وتعزيز صناعة استزراع الأحياء المائية لخلق فرص استثمارية جديدة.

وفي سياق تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في الحد من الجوع وتعزيز الأمن الغذائي، أعلن صندوق خليفة لتطوير المشاريع عن برنامج زرعي الذي ركز على توفير التدريب وخدمات التسويق لدعم وتشجيع المواطنين على التفكير في الاستثمار في القطاع الزراعي وتطويره.

وسعيًا لتأمين الإمدادات الغذائية والوقاية من تقلبات السوق، فقد استثمرت حكومة الإمارات أيضاً في المشاريع الزراعية في الخارج والداخل عن إعلانها عن التملك الحر بنسبة 100% للاستثمارات الأجنبية في مجال الزراعة في دولة الإمارات.

بنك الإمارات للطعام

أطلقت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية (MBRGI) بنك الإمارات للطعام وهو مؤسسة خيرية غير ربحية في عام 2017. ويهدف بنك الإمارات للطعام إلى إنشاء طريقة تضمن جمع فائض الطعام الطازج من الفنادق، والمطاعم، ومحلات السوبر ماركت بشكل فعال وصحي، وأن يتم تخزينه وتوزيعه على المحتاجين. وسوف يخفض ذلك بقدر كبير من هدر الطعام الذي بلغت قيمته حديثًا 13 مليار درهم سنويًا في دولة الإمارات. كما أن بنك الإمارات للطعام الذي تشرف عليه بلدية دبي يعمل مع شبكة من المنظمات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية لضمان تلقي المحتاجين للطعام.

المبادرات العالمية وأثارها

 

بعد أزمة أسعار المواد الغذائية في عام 2007 - 2008، بدأت دولة الإمارات بشراء وتأجير الأراضي خارج حدود الدولة، وخاصة في شرق إفريقيا. وبدعم من الشركات التجارية الزراعية الخاصة، والعقود الحكومية المباشرة كفلت تلك التدابير توفير الإمدادات الغذائية في حالات الأزمات والوصول إلى القواعد الأساسية للإنتاج الغذائي.

تعاونت دولة الإمارات مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) في المساعدة في تنمية المرأة الريفية في ليبيريا. حيث تمول دولة الإمارات مبلغ أربعة ملايين دولار أمريكي لتوفير إنتاج محسّن ومستدام للدواجن والخضروات.

تلعب المساعدات الغذائية دورًا مهمًا لدولة الإمارات، حيث خصصت منذ عام 2015 مبلغ 1.74 مليار دولار للمساعدات الغذائية.

 كان للمساهمات المقدمة إلى مصر لإنشاء صوامع للقمح تأثيرًا في خفض تكاليف الغذاء في مصر وزيادة قدرتها على تخزين القمح ومنع هدره.

تم المساهمة بحوالي 1.74 مليار درهم كمساعدات سلعية لدعم برامج المعونة الغذائية والأمن الغذائي في اليمن استجابة إلى خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2018 (YHRP).

 

المطلب الثاني:

تجليات استراتيجية الأمن المائي والغذائي لدولة الإمارات في اليمن والجنوب

 

يعود بداية التدخل الحكيم لحكيم العرب لإنقاذ سد مأرب إلى شهر إبريل من 1982 عندما خصصت دولة الإمارات العربية المتحدة قرابة 3 ملايين دولار أمريكي بشكل عاجل لمساعدة المنكوبين الذين تضرروا من الفيضانات في اليمن، بيد أن الشيخ زايد، رحمه الله، أدرك أن المساعدة على المدى القصير لا تحل المشكلة، لذا تبرع شخصياً في وقت لاحق من الشهر ذاته بالأموال اللازمة لإعادة بناء سد مأرب، وبذلك وضع حلاً نهائياً للمشكلة الأساسية التي كانت تواجه اليمن ويعجز عن حلها، والمتمثلة في إعادة الدور التاريخي لمأرب.

في عام 1984 قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة أموالاً إضافية لمواصلة العمل في بناء السد، وفي الثاني من شهر أكتوبر من العام نفسه وضع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد حجر الأساس لمشروع ينهي الدمار الذي تسببه الفيضانات ويجدد خصوبة آلاف الهكتارات من الأرض الصالحة للزراعة مستقبلاً، وبعد عامين قام الشيخ زايد بافتتاح السد الذي انتهى العمل فيه قبل التوقيت المقرر له، والذي امتدت فوائده إلى جزء كبير من اليمن.

ولم يتوقف دعم الشيخ زايد لاستكمال سد مأرب حيث تم في 25 نوفمبر 2002 في العاصمة صنعاء توقيع اتفاقية تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع السد بتكلفة قدرها 87 مليوناً و820 ألف درهم على نفقة الشيخ زايد الخاصة للإسهام في ري أكثر من 10 آلاف هكتار من المساحات مزروعة بالمحاصيل.

وتؤكد شخصيات سياسية وحكومية واجتماعية وقبلية يمنية من مختلف التوجهات الحزبية على مدى خلود المشاريع والمساعدات والمساهمات الإنسانية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، التي تم تنفيذها وإنشاؤها على الأراضي اليمنية، وظلت باقية في وجدان وأذهان كل اليمنيين من دون استثناء، إذ إن الدعم الذي قدمه الشيخ زايد أكد عروبة وأصالة وكرم ومساهمة الشيخ زايد، في تنفيذ المشاريع الخيرية ودعم التنمية الاقتصادية الشاملة في الوطنين العربي والإسلامي بشكل عام وبلاد اليمن بشكل خاص.

ويقول وزير الإدارة المحلية السابق علي محمد اليزيدي، إن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، امتلك نزعة إنسانية أصيلة تجسدت في عمل الخير حتى أصبحت صفة تلازمه ولصيقة به، وفي اليمن لا تزال الألسن تردد لقب (زايد الخير)، كلما جاء ذكر الرجل الطيب على أفواههم، مشيراً إلى أنه «منذ زيارة الشيخ زايد، رحمه الله، الأولى إلى اليمن في بداية الثمانينات من القرن الماضي، والعلاقات الأخوية بين اليمن والإمارات تزداد متانة، مستمدة ذلك من مقومات الدين وصلات القربى والتاريخ المشترك والجوار الجغرافي، ومنذ ذلك الحين ودولة الإمارات تقدم الدعم السخي لليمن عن طريق المساعدات التنموية والإنسانية».

ويرى أن من أبرز نتاج تلك العلاقة الطيبة بين البلدين، كان مشروع إعادة بناء سد مأرب القديم على نفقة الإمارات وبتوجيهات من الشيخ زايد في العام 1984 وهو المشروع الذي أعاد الألق لأرض سبأ وحضارتها التليدة، وكان بحق أحد أكبر المشاريع الإنمائية في اليمن، إذ شهدت المنطقة المحيطة بالمشروع نهضة زراعية ما زال اليمنيون ينعمون بثمارها حتى اليوم.

أولا: زائد الخير وإعادة تأهيل سد مارب

نال الشيخ زايد بن سلطان مؤسس ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة شرف إعادة بناء سد مأرب العظيم، ذلك السد الذي قامت عليه حضارة مملكة سبأ التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز " لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ" صدق الله العظيم.

ولم يكن نيل الشيخ زايد شرف إعادة بناء سد مأرب عفوياً ولكن لما يحمله من خير وحب لأمته العربية وولاء لأرضه وموطنه الأصلي الذي ينتمي إليه وينتسب له أرض مأرب منبع العرب.

 نبذة تاريخية عن سد مأرب القديم 

سد مأرب هو سد مائي قديم يعود تاريخه إلى بدايات الألفية الأولى ق.م، ويعتبر سد مأرب أحد أقدم السدود في العالم وكان يروي ما يقارب 24,000 آكر (قرابة 98,000 كم مربع) وعده الباحثون معجزة تاريخ شبه الجزيرة العربية، ولكنه ليس الوحيد الذي بناه السبئيون وليس الأقدم إذ أظهرت الآثار أن السبئيين حاولوا حصر المياه والاستفادة من الأمطار منذ الألفية الرابعة ق.م، إلا أن السد الشهير نفسه يعود إلى القرن الثامن ق.م.

وهو واحد من أهم السدود اليمنية القديمة التاريخية، بالإضافة إلى سد جفينة وسد الخانق وسد أضرعة وسد مرخة وسد شاحك. بني السد من حجارة أقتطعت من صخور الجبال، حيث نحتت بدقة، ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة ببعضها البعض، واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر متراً، وقطرها حوالي أربع سنتمرات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة.

حسب التنقيبات الأثرية، فإن السد تعرض لرابع انهيار على الأقل آخرها كان في العام 575 ولم تبذل جهود لترميمه من ذلك الحين بعد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياته.

ويعتبر سد مأرب من أرقى السدود من الناحية الهندسية. وقد قام المهندسون بمعاينة طبيعة الأرض قبل إنشاء السد، ثم بنوا عليها المخطط الهندسي الذي هو عبارة عن حائط حجري ضخم أقيم في مربط الدم عند مخرج السيل من الوادي، وبني على زاوية منفرجة، ممتدًا من الجنوب إلى الشمال مسافة ستمائة وخمسين مترًا، وله فتحات وأبواب تُفتح وتُغلق حسب الحاجة لمرور الماء منها المسايل المتصلة بها لإرواء الحقول والبساتين والمزارع.

وقد كان انهيار سد مأرب حدثا تاريخيا، وذُكر في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز :"  لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" صدق الله العظيم.

ترتب على ذلك فشل نظام الري، ما أدى لهجرة ما يصل إلى 50 ألف شخصاُ من اليمن إلى مناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية.

-     شرف إعادة بناء السد

في أواخر العام 1986م أعلن رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تبرعه بإعادة بناء وتأهيل وتوسيع سد مأرب، لتبلغ مساحة بحيرته 30 كيلومتر مربع، ويسع 400 مليون متر مكعب من الماء، ويروي حوالي 16000 هكتار من الأراضي.

وقد نال الشيخ زايد شرف اعادة بناء سد مأرب التاريخي ولا يزال معلماً شامخاً للسبئيين القدامى وللشيخ زايد بن سلطان ونال شرف كبير وتاريخ عظيم لن يناله حاكم ولا زعيم مهما بناء وشيد لما لسد مأرب من تاريخ عظيم نال شرفه وانفرد به الشيخ زايد.

وفي عام 2003م بدأ العمل في المرحلة الثانية من مشروع قنوات إعادة تأهيل سد مأرب بطول 69 كيلو متراً بتكلفة بلغت 23 مليون و910 آلاف دولار أمريكي بتمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية.

وجاء تدخل حكيم العرب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لإعادة كتابة التاريخ وأسطر المجد للسد إيماناً منه بالدور العظيم الذي أداه في الماضي وأن عليه اليوم القيام بدور لا يقل عن الدور الذي كان عليه قبل قرون من الزمن.

شرف إعادة السد إلى الحضن العرب

ما ان احتلت مليشيا الحوثي التابعة لإيران سد مأرب وحولته وكل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى مستعمرة تابعة للفرس، حتى انتفض ابناء الشيخ زايد ولم يتوانوا في القيام بواجبهم تجاه مهد العرب واقتفوا أثر والدهم ودخلوا بقوة عسكرية برية وجوية إلى جانب ابناء اليمن حتى تمكنوا من استعادة سد مأرب وأعادوه إلى الحضن العربي.

جاء ذلك بعد أن حاول أعداء التاريخ إعادة كتابته بطريقة مشوهة، فبعد ثورة اقتلعت جذور الرئيس السابق علي عبدالله صالح العام 2011، عاد ليتحالف مع قوى أكثر ظلامية، وعوضاً عن لعب دور تنموي في بلاد مملكة سبأ، أحال صالح والحوثيون منطقة مأرب بسدها وأرضها الجغرافية إلى ساحة للقتل والتدمير.

حضرت دولة الإمارات العربية من جديد لتعيد الحياة إلى سد مأرب ومملكة سبأ العظيمة وإلى الشعب اليمني بأكمله بعد أن أطبق الظلاميون على هذه الأرض وحولوا خيراتها إلى يباب.

ومثلما أعاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحياة إلى مأرب وملأه بالماء والحياة معاً، تصدى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لحمل راية والده مجدداً ليروي أرض سد مأرب بالدماء الطاهرة للشهداء، الذين لبوا نداء الواجب العروبي وذهبوا إلى مأرب، تماماً كما ذهبوا إلى عدن وبقية مدن اليمن ليساهموا في إزاحة الظلام الذي يسيطر اليوم على اليمن بحكم ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح.

قدمت دولة الإمارات المتحدة خيرة رجالها على أرض مأرب، وروت دماء العشرات من كواكبها أرضها بالقرب من السد الذي أعاد الشيخ زايد إحياءه من جديد، ولا يزال أبطال القوات المسلحة مرابطين في مأرب، ولن يعودوا إلا باكتمال النصر الذي وعد به صقر الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة استكمالاً لمسيرة المؤسس.

لقد وعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد باستعادة سد مأرب، واستعادة المجد الذي زرعه المؤسس والمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وكان له ما كان، عندما حققت المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني، المدعوم بقوات التحالف العربي تقدماً على أرض المعركة بالاستيلاء على منطقة سد مأرب بالكامل ليتحقق بذلك صدق وعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد برفع علمي اليمن والإمارات على السد.

وكما نال الشيخ زايد شرف إعادة بناء سد مأرب نال عيال زايد شرف إعادة سد مأرب إلى أحضان العرب.

 

المطلب الثالث

"سد حسان".. عطاء إماراتي ومشروع استراتيجي الحياة الزراعية لأبين

 

 

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء رشاد العليمي التوقيع على تنفيذ مشروع سد حسان الذي تموله دولة الإمارات العربية المتحدة، في واحد من أهم المشاريع الاستراتيجية التي يمكن ان تفيد سكان دلتا أبين ارضا وانسانا بكثير من المنافع الاقتصادية خاصة أن أكثر من70%في الدلتا يشتغلون بالزراعة وما تخلقه من فرص عمل وتؤمن دخول في كل مراحل العملية الزراعية".

وقال العليمي إنه جرى التوقيع على انطلاق المرحلة الأولى لإنشاء سد حسان في محافظة أبين، الذي يمثل أهمية استراتيجية في عودة الحياة الزراعية إلى أبين.

وقال العليمي "بينما يواصل الإرهابيون وداعموهم ممارساتهم المميتة، تتبدى الحكمة والقوة في أشقائنا الأوفياء بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين يؤكدون التزامهم بجعل بلدنا أكثر أمانا، واستقرارا، ورخاء، وليس مصدرا للموت، والجوع، والخراب كما يريده النظام الإيراني"

وأضاف "قد سرني هذا اليوم التوقيع على انطلاق المرحلة الأولى لإنشاء سد حسان في محافظة أبين بتمويل إماراتي، كمشروع استراتيجي من شأنه أن يمثل دفعة قوية للقطاع الزراعي في المحافظة، ولأمننا الغذائي والمائي بصورة عامة عملا بشعارنا المشترك يد تبني، ويد تحمل السلاح".

وأشار إلى أن "هذا التوقيع كان ضمن أسبوع حافل بالعطاء السعودي الإماراتي الذي سيتوج بالتوقيع على تعزيز البنك المركزي بوديعة وتعهدات مالية قيمتها ثلاثة مليارات دولار، مؤكدين اعتقادنا الراسخ وثقتنا المطلقة بشراكة استراتيجية من أجل المستقبل الذي يستحقه أطفالنا، ونساؤنا، ورجالنا، لا ما يريده الإرهابيون".

تعمل الإمارات في دعم مشاريع تحقق مستقبل واحد من العيش الكريم واستفادة الشعوب من ثرواتها، وأبين معروفة بثرواتها الزراعية والحيوانية ضمن اهداف الأمم المتحدة لضمان معززات دعم المجتمعات في مناطق الازمات والحروب".

ودأبت أبوظبي برئاسة رئيس الدولة محمد بن زايد

وقال صالح قاسم الامير مستشار اللجنة التحضيرية للاتحاد التعاوني لمزارعي الجنوب بان  إعادة بناء سد وادي حسان الزراعي اهمية كبيرة لزراعة والمزارعين ويساهم في تنظيم الري لمساحات واسعة من الاراضي الزراعية الواقعة في اطار السد والتشجيع على استصلاح الاراضي البور والاستفادة من مياه السيول التي تذهب حالياً هدراً الى البحر ، وسوف يساهم في زيادة وتحسين الانتاج الزراعي وتحسين مستوى الدخل للمزارعين ورفد السوق المحلي بالمنتجات الزراعية المختلفة ويساهم في مكافحة الفقر من خلال تشغيل عدد كبير من الايادي العاطلة عن العمل من ابناء المحافظة .

وأشار إلى ان المشروع حلم ظل يراود ابناء ابين فترةً طويلة. وظل حبيس ادراج نظام الاحتلال منذ عام 1994م يرحل من عام الى عام ومن حكومة الى حكومة ووعود كاذبة ، ولم يقدم نظام الاحتلال لمحافظة ابين الابية ابين النضال والخير والعطاء إلا الموت والدمار اثناء تصدير الارهاب والارهابيين تحت حماية قوى الفساد والفاسدين".

ضمن استراتيجية تنفيذ المهام المستقبلية للاتحاد العام لمزارعين الجنوب الاهتمام بتشييد السدود والحواجز المائية ، والسدود التحويلية والاهتمام بالري السيلي والحفاض على التربة من الانجراف والحفاض على منشئات الري القائمة وصيانتها والحفاض عليها لتساهم في تحقيق الامن الغذائي والتنمية المستدامة".

 

-     النتائج  

1-     تقوم دولة الإمارات بخطوات جوهرية لتحقيق الأمن الغذائي، وضمان وجود قطاع زراعي مستدام رغم التحديات الطبيعية المختلفة.

2-     إن الهدف الأساسي لدولة الإمارات هو ضمان سهولة الحصول على الغذاء الصحي والنافع والآمن لجميع مواطنيها والمقيمين فيها.

3-     تعمل دولة الإمارات من خلال رؤية طويلة المدى لتهيئة بيئة مستدامة للأجيال القادمة، ما يعزز التزامها الريادي في مجال الأمن الغذائي.

4-     الهدف واضح والطريق ممهد والساعة تدق، لا مجال للتردد، كثيرون يتكلمون ونحن ننجز.

5-     ساهمت الرؤية في الاستراتيجية للأمن الغذائي والمائي لعدد من البلدان العربية.

6-      نالت اليمن نصيب الأسد من تلك المشاريع لاسيما في مجال بناء السدود التي ابتدأ في ثمانينات القرن الماضي.

7-     يظل هدف دولة الإمارات العربية المتحدة على صعيد علاقاتها التأريخية والمتجددة مع المجتمعين الإقليمي والدولي بما يضمن مصالح الشعوب بدرجة رئيسية.

8-      يمثل سد وادي حسان بأبين واحد من أبرز المشاريع الإماراتية في الجنوب، وهو يقدم حلولا جذرية لمشاكل الزراعة وافتقارها لتأمين الأمن المائي.

9-     جاء مشروع وادي حسان في وقت يشهد العالم مهددات مناخية وجفاف ويندرج ضمن خطة الامارات لتعزيز الاعتماد على الثروات الطبيعية وتقليص أي مصادر صناعية لإحتياجات الشعب .

10-  يظل دور الامارات في اليمن ومناطقه تنمويا وتطويريا بالدرجة الأولى ومصلحتها من هذا النوع من الدعم هو ان يتحقق الاستقرار المجتمعي في محيطها ما يضمن ديمومة التطوير الاستقرار السياسي والأمني .