"اليوم الثامن" تستعرض تاريخ وزير دفاع والنائب والرئيس ..

تحليل: عبدربه هادي.. رئيس انتقالي سلم السلطة لكن آثار حكمه لم تنتسِ

الرئيس اليمين المعزول عبدربه منصور هادي - أرشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
  • دفعت "أبين" ثمن وصوله إلى الرئاسة ورفض دمج اللجان الشعبية في الشرطة

  • كان أحد أبرز ضحايا الانقلاب على "سالمين" حين عزله عبدالفتاح إسماعيل من أخر مناصبه العسكرية وعين في منصب يحتقر قدراته القيادية

  • يتسم "هادي" بالهدوء العاصف وهو شديد الثأر والانتقام بفعل خلق تحالفات خائطة

  • في 2006م، دعم مشروع التصالح والتسامح فانتقم منه صالح بطريقة خبيثة

  • تسلم الرئاسة من صالح فأسقطت "القاعدة" زنجبار وهددت بأسقاط لودر لولا مقاومة القبائل

  • بعد تسلمه السلطة.. سلاح الجو اليمني يقتل 40 قائدا عسكريا وشيخا قبليا مقربا من هادي في ضربة جوية قرب زنجبار

  • دخل في خلافات مع "صالح" بسبب "الأحمر" واختلف مع "الأخير" تقربا من الأول وفشل في التحالف مع الحوثيين

  • دبرت له عملية اغتيال هي الابشع في تأريخ الصراع السياسي بصنعاء نجأ منها بأعجوبة

  • رفض التحالف مع الجنوب تلبية لرغبة الإخوان الذين كانوا سببا في اجباره على تسليم السلطة

  • في عهده أبعدت "أبين" عن السلطة وحرمت من مشاريع إعادة الاعمار والتنمية بفعل تحالفاته الخاطئة

 

عبدربه منصور هادي الدنبوع المارمي ، قبائل "أل بليل الفضلية"، في محافظة أبين، ثالث أكبر محافظة جغرافية جنوبية بعد حضرموت والمهرة، اليوم الثامن تستعرض "القصة الكاملة لضابط انتقل خلال 28 عاماً من وزيرا للدفاع إلى الرئيس ليسلم السلطة أخيرا مكرها في انقلاب ناعم، ساهمت العديد من الظروف في حدوثه.

 

من الريف الى العاصمة

 

ولد "عبدالرحمن" وهو أسمه عند الولادة في الأول من سبتمبر (أيلول)، العام 1945 م، في قرية ذكين، في بلدة الوضيع عاصمة السلطنة الفضلية الثانية بعد زنجبار العاصمة الأولى.

انتقل الى عدن للدراسة وتخرج في 1964م من مدرسة (جيش محمية عدن) العسكرية الخاصة بالتأهيل وتدريب أبناء ضباط جيش الاتحادي للجنوب العربي، عقب ذلك ابتعث إلى بريطانيا، فالتحق بدورة عسكرية لدراسة المصطلحات العسكرية، ثم التحق بدورة عسكرية متخصصة لمدة عام ونصف، وفيها أحسن اللغة الإنجليزية، وتخرج سنة 1966م.

عاد إلى عدن ثم ابتعث إلى القاهرة لدراسة عسكرية متخصصة على سلاح الدبابات حتى 1970م، وفي عام 1976م ابتعث إلى روسيا للدراسة المتخصصة في القيادة والأركان أربع سنوات.

عمل قائداً لفصيلة مدرعات إلى أن تم الاستقلال سنة 1967م، وبعد الاستقلال عُين قائداً لسرية مدرعات في قاعدة (العند) في المحور الغربي للجنوب، ثم مديراً لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديراً لدائرة تدريب القوات المسلحة.

في سنة 1972 انتقل إلى محور (الضالع)، وعُين نائباً ثم قائداً لمحور (كرش)، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع اليمن الشمالي، ثم عاد إلى العاصمة عدن وعين مديراً لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعد لرئيس هيئة الأركان العامة.

 

هادي في عهد الانقلاب على سالمين

 

في الـ22 يونيو (حزيران) 1978، قاد عبدالفتاح إسماعيل الجوفي القادم من اليمن الشمالي، انقلابا مكتمل الأركان على الرئيس سالمين، انتهى الانقلاب بإعدام سالمين دون محاكم في 26 يونيو (حزيران) 1978م.

بعد الانقلاب على سالمين، نصب عبدالفتاح إسماعيل الجوفي نفسا رئيسا لليمن الجنوبي مستفيدا من تحالفات يمنية شمالية في عدن.

كان هادي أحد ضحايا الرئيس اليمني القادم من اليمن الشمالي، فابعد هادي من مناصبه العسكرية بدعوى علاقته بالرئيس سالمين الذي ينتمي إلى أبين.

بعد الانقلاب على سالمين واعدامه من قبل الجوفي الذي تولى الرئاسة ليدير الجنوب من قبل تحالفات سياسية وعسكرية وقبلية شمالية، جلبها إلى عدن، تحت شعارات القومية العربية والوحدة اليمنية، وقد سبق لهذه التحالفات القبلية ان رفضت تسمية الدولة عقب الاستقلال بدولة حضرموت، وأصرت على اليمننة.

 

هادي بعد عزل عبدالفتاح إسماعيل

 

لم يكن الجنوب راضية عن حكم الرئيس عبدالفتاح إسماعيل، وذلك في اعقاب ان خلق الكثير من الصراعات مع الجيران "اليمن الشمالي وسلطنة عمان"، وهو ما اضطر الجنوبيين الى عزله وفراره صوب موسكو، ليتسلم الرئيس علي ناصر محمد الرئاسة في "ابريل (نيسان) من العام 1980م،

كان عبدالفتاح الجوفي يمول حربا ضد اليمن الشمالي بهدف خلق مبررات لبناء تحالفات يمنية في الجنوب، حيث أسس فتاح ما كان يطلق عليه بالمقاومة اليمنية، التي حضرت بعد عزل فتاح لحربا ضد نظام علي ناصر محمد.

اما هادي المغضوب عليه من قبل نظام عبدالفتاح أسماعيل، فقد حصل في عهد الرئيس علي ناصر محمد في العام 1983م، على ترقية إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشئون الإمداد وبناء الإدارة في الجيش، ورئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفيتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة.

في 13 يناير، 1986، أدت أعمال عنف مسلحة في عدن بين مؤيدي علي ناصر ومؤيدي عبدالفتاح إسماعيل الذي عاد من منفاه طالبًا استعادة الحكم بالانقلاب، وهو ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية استمرت لمدة شهر أدت بدورها إلى إصابة الآلاف وإبعاد علي ناصر من السلطة ومقتل إسماعيل. وهروبه هو و6000 شخص إلى الجمهورية العربية اليمنية.  

 

الانتقال إلى اليمن ومشاركته في الحرب ضد عدن

 

انتقل هادي الى السوادية في محافظة البيضاء المجاورة للجنوب، حيث عمل مع قيادات عسكرية أخرى اغلبها من محافظة أبين، على لملمة شمل الألوية العسكرية الجنوبية هناك، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، وظل هادي في اليمن الشمالي حتى يوم 22 مايو (أيار) يوم تم توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية، وهي الوحدة التي لم تدم أكثر من عام حتى بدأت الازمات بين شريكي الوحدة اليمنية، وذلك في اعقاب تحالف نظام صنعاء مع تنظيم قاعدة الجهاد، او ما كان يعرف بالأفغان العرب الذين نفذوا عمليات قتل بحق مسؤولين جنوبيين، أدت الى اندلاع معركة في اليمن الشمالي بين قوات شمالية ضد قوات جنوبية في عمران وذمار.

وعلى اثر انقلاب "صالح" على اتفاقية العهد والاتفاق الموقعة في الأردن في العام 1993م،  عُين هادي قائداً لمحور البيضاء، تمهيدا لمشاركته مع قواته في حرب 1994م وفي مايو (أيار)، 1994م، أصدر صالح قرارا بتعيين هادي وزيراً للدفاع، ليقود قواته صوب عدن، وفي الـ4 من أكتوبر (تشرين الأول)، عينه صالح نائباً له، كمكافئة على مشاركته في الحرب ضد الجنوب، لكن هادي ظل نائب دون صلاحيات حقيقية.

 

هادي والجنوب

 

في الـ7 من يوليو (تموز) العام 2007م، اطلقت الحركة الوطنية الجنوبية "الحراك الجنوبي"، تندد بسياسة الاحتلال العسكري للجنوب، وقد سبق ذلك اعلان الجنوب مشروع التصالح والتسامح الذي ينهي خلافات وصراعات الماضي، وهو المشروع الذي أعلن هادي دعمه له بقوة ومولت بعض القيادات العسكرية كمساهمة منه لدعم المشروع.

وقالت مصادر مقربة من هادي لصحيفة اليوم الثامن "ان جهاز الأمن القومي اليمني الذي انشئه صالح، كان يتنصت على اتصالات عبدربه منصور هادي".. مؤكدة ان هادي أجري اتصالا هاتفا بشخصية عسكرية جنوبية في عدن، وحضهم على رفع صوتهم للمطالبة بحقوقهم، الا ان بعد ساعتين من الاتصال تعرضت حراسة هادي لاعتراض من قبل مسلحين مجهولين في وسط العاصمة اليمنية صنعاء وأطلقت عليهم وابلا من الرصاص وهو ما أسفر عن مقتل جندي وأصيب أخر، وهو ما فهمه هادي بان الحادثة لها علاقة بالاتصال بجمعية المتقاعدين الجنوبيين والمسرحين قسرا.

تصاعدت تظاهرات الحراك الجنوبي بشكل أكبر الأمر الذي دفع علي عبدالله صالح، الى منح هادي بعض الامتيازات المالية وتعيين بعض القيادات العسكرية الجنوبية في مناصب قيادية، ناهيك انه دفع ببعض أولاد شهداء الصراع بين علي ناصر وعبدالفتاح الى الخروج رفضا لمشروع التصالح والتسامح وتمسكهم بالوحدة اليمنية.

 

هادي والانتفاضة ضد صالح

 

في الـ11 من فبراير (شباط) العام 2011م، شهد اليمن انتفاضة شعبية عارمة بالتزامن مع انتفاضات مشابهة أطاحت بأنظمة تونس ومصر وليبيا وسوريا، وقد وقف النظام القطري بقوة خلف الانتفاضة اليمنية اسوة بالوقوف وراء انتفاضة مصر التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، وأتت بالإخواني محمد مرسي الذي اطيح به لاحقاً في حركة قامت بها القوات المسلحة المصرية.

 كانت انتفاضة اليمن العامل الأبرز في وصول الحوثيين الموالين لإيران الى صنعاء، غير انهم لم يرفعوا السلاح في وجه السلطات الا بعد ان تم شرعنتهم من قبل "هادي بعد أصبح رئيسا"، من مؤتمر الحوار اليمني المنعقد بين العامين 2013  و2014م، والذي اطلقه هادي كتأسيس لمرحلة انتقالية لنقل اليمن نحو دولة اتحادية من اقليمين قبل ان تصبح ستة على اثر موافقة هادي على توجهات قطرية بضرورة تقسيم الجنوب الى اقليمين.

هادي رئيس انتقالي ومبادرة خليجية

 

أعلنت الدول الأعضاء بمجلس التعاون العربي الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية في الـ3 من أبريل (نيسان) 2011م، ما سمي بالمبادرة الخليجية لتهدئة الانتفاضة التي امتطى جوادها تنظيم الإخوان والحوثيين، عن طريق ترتيب نظام نقل السلطة في اليمن. والتي انتهت بانتخابات رئاسية جديدة، قاطعها الجنوب.

كان هادي هو المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 فبراير (شباط) 2012. ورغم المقاطعة، نجح هادي في ان يصبح رئيسا لفترة انتقالية كان يفترض ان تنتهي في العام 2014م.

 

 

هادي وأبشع محاولة اغتيال في صنعاء

 

لم يكن تسلم هادي للسلطة في صنعاء، في ظل تصاعد التناحر بين حزب علي عبدالله صالح وتنظيم الاخوان.

كان هادي يعول كثيرا على وزير دفاعه اللواء محمد ناصر أحمد الحسني، لكن كانت اطراف الصراع في صنعاء، تخطط لإزاحة هادي، فالإخوان يرون في ازاحته فرصة للسيطرة على الحكم في حين يرى صالح ان إزاحة هادي قد يدفعه الى العودة للحكم ولو عن طريق نجله العميد أحمد علي عبدالله صالح.

وفي نوفمبر تشرين الثاني من العام 2012م، تعرض وزير الدفاع محمد ناصر احمد لمحاولة اغتيال اثر تفجير انتحاري سيارة مفخخة في سيارته عقب خروجه من اجتماع للحكومة، وقد انفجرت سيارة مفخخة في سيارة وزير الدفاع التي كان يقودها السائق في جين هو يتواجد في سيارة أخرى.

وفي الـ5 ديسمبر (كانون الأول) العام 2013م، تعرض هادي لأبشع محاولة اغتيال، حيث هاجم مسلحون مستشفى العرضي الذي يقع داخل مجمع وزارة الدفاع اليمنية، متنكرين بلباس عسكري ويحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة، مدعومين بسيارات تحمل متفجرات، ومعهم انتحاريين، ولم يتجه المسلحون لاقتحام مبنى وزارة الدفاع واتجهوا لمبنى المستشفى.

وتناقلت وسائل اعلامية عن ان العملية كانت تستهدف اغتيال الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي كان يقوم بزيارة للمستشفى واعتقلت السلطات اليمنية قياديين خططا للعملية خارج العاصمة صنعاء بعد فرارهم من مكان العملية.

وأسفرت العملية عن مقتل 56 شخصا غالبيتهم من الأطباء والممرضات، وإصابة 176 آخرين بجروح، وذلك حسب آخر معلومات أعلنت عنها اللجنة الأمنية العليا في اليمن، ومن بين القتلى طبيبان ألمانيان وآخران فيتناميان وممرضتان فيليبينيتان وأخرى هندية. وكشفت وزارة الدفاع اليمنية أيضا، عبر موقعها على الانترنت "26 سبتمبر نت" ، أن قريبا للرئيس عبد ربه منصور هادي لقي حتفه جراء الهجوم، ومن بين القتلى نجل شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي.

 

أبين وفاتورة وصول هادي إلى الرئاسة

 

دفعت محافظة "أبين" فاتورة كبيرة، كثمن وصول عبدربه منصور هادي إلى الرئاسة، حيث سلمت الأجهزة الأمنية التي كانت مرتبطة بنظام صالح، مركز زنجبار لتنظيم القاعدة المفترض، وهو الأمر الذي أدى إلى تشريد كل سكان المدينة إلى خارجها، لتلقي الحرب بظلالها على كارثة كبيرة وتدمير أكثر من اثنا عشر منزلا، لا تزال الكثير منها دون ترميم.

لكن لم ير هادي ان ما جرى في أبين يمثل انتقاما منه، بل أراد التنظيم التوسع إلى لودر، ليشن في مايو أيار 2012م، حربا واسعة على المدينة بهدف السيطرة عليها، غير ان قبائل العواذل – كبرى قبائل أبين – تصدت للتنظيم واجبرته على الانسحاب، لتقوم قبائل الفضلي بتحريك أكثر من 40 قائد عسكري وشيخ قبلي إلى زنجبار بهدف الضغط على القاعدة للانسحاب من زنجبار، الا انه وقبل وصول الوفد الى وادي حسان على التخوم الشمالية الشرقية لزنجبار يتعرضوا لقصف من طيران عسكري يمني اقلع من قاعدة الديلمي الجوية في صنعاء، دون علم هادي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية.

وعلى وقع الحرب بين القبائل وتنظيم القاعدة، شكلت القبائل ما عرف باللجان الشعبية، وهي تشكيلات مسلحة قبلية، لكن هذه التشكيلات كان مطروحا ان يتم استيعابها في الشرطة، غير ان هادي كانت له وجهة نظر بفرض المقترح بدعوى انه لا يريد يساهم في بناء قوات مسلحة ذات نزعة جنوبية، لكن بعد الانقلاب عليه من قبل الحوثيين، وجدت نفسه بحاجة لتحالف الجنوبيين في مواجهة الحوثيين.

 

 

 

 الخلافات مع الأحمر والتواطؤ مع الحوثيين

 

اتخذ "هادي" قرارا بالدعوة لما سمي بالحوار الوطني، وقد نجح في اقناع الجنوبيين بالمشاركة في المؤتمر بدعوى انه سيمنحهم "حكم محلي في إطار إقليم واحد"، غير انه وبعد نحو عام من الحوار، رفض تنفيذ ما وعد به رئيس مؤتمر شعب الجنوب، محمد علي احمد الذي أعلن انسحابه وفريقه من مؤتمر الحوار بعد ان اتهم هادي، بالانقلاب على ما تعهد به، ليرضخ هادي لشروط قطرية بضرورة تقسيم الجنوب الى إقليمين، بهدف طمس المشروعية الوطنية للقضية الجنوبية القائمة على حق استعادة دولة الجنوب السابقة.

اعترف هادي في مؤتمر الحوار بالحوثيين كطرف سياسي رئيسي في اليمن، قبل ان يدخل معهم في تحالفات، بهدف الاستمرار في السلطة رئيسيا، متكئا على الجنوب الذي يرفض كل اشكال الوحدة مع اليمن الشمالي.

في السابع من يوليو (تموز) العام 2014م، اسقط الحوثيون محافظة عمران وسيطروا على اكبر قاعدة عسكرية، وقاموا بإعدام قائد القاعدة العسكرية العميد حميد القشيبي، وعلى اثر اعلان الاذرع الإيرانية السيطرة على عمران، ذهب هادي الى هناك، وأعلن بان المحافظة قد عادت الى حضن الدولة، كاشفا عن خلافا مع قائد قوات الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر.

تحالف هادي مع الحوثيين، دفعه الى فتح قنوات تواصل مع إيران، حيث كشف الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد، عن لقاء وفد حوثي في العاصمة اللبنانية بيروت في العام 2014م، كانوا في طريقه الى طهران، لبحث إمكانية الحصول على مشتقات نفطية بسعر التكلفة.

لم تستمر علاقة هادي بالحوثيين، طويلا، حتى غادر قادة الإخوان على متن طائرة عسكرية إلى صعدة، في أغسطس (أب) العام 2014م، وتوقيع اتفاقية مع زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، نصت الاتفاقية على "السلام والتعايش والبدء في صفحة جديدة".

التحرك الإخواني دعا هادي، الى محاولة إعادة تحالفه مع صالح، الا ان الأخير لم يكن راضيا عنه خاصة بعد ان أصبح الحوثيون على مقربة من اجتياح صنعاء.

وفي الـ21 من سبتمبر (أيلول)، سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، دون أي مقاومة حقيقية من قبل قوات الفرقة الأولى مدرع وأجهزة الشرطة، لكن يمكن التأكيد على ان وزير الداخلية الإخواني عبده الترب وجه أجهزة الأمن والشرطة الى عدم مواجهة الحوثيين والسماح لهم بالدخول الى اقسام الشرطة وعدم الدخول في إشكالية معهم.

سيطر الحوثيون على صنعاء، فذهب هادي لتوقيع اتفاقية السلم والشراكة وعين القيادي الحوثي صالح الصماد مستشارا له، غير ان الحوثيين ذهبوا الى ابعد من الاتفاقية وفرضوا حصارا محكما على هادي وخاضوا مواجهات مع حراسته التي لم تصمد طويلا نظرا لقلة عدد المقاتلين الذين ينتمون الى الجنوب، لكن اليمنيين الشماليين لم يواجهوا الحوثيين.

وفي يناير (كانون الثاني) العام 2015م، فرض على هادي إقامة جبرية في منزل بشارع الستين في صنعاء، وامام هذا الحصار طلب من حكومة خالد محفوظ بحاح تقديم استقالتها، ليتبع الحكومة بتقديم استقالته.

وقبل ان ينظر البرلمان في استقالة هادي، دخل حزب علي عبدالله والاخوان والحوثيين في مفاوضات للتوافق على اختيار محمد سالم باسندوه رئيسا لليمن على ان يكون يدار من قبل الحوثيين.

وباسندوه هو رئيس حكومة التوافق وهو أول رئيس حكومة يقدم استقالته للحوثيين عقب السيطرة على صنعاء.

 

الحوثيون ومبرر غزو الجنوب

 

كان الحوثيون يرفعون شعاراً بأنهم يقفون مع الجنوبيين في تقرير مصيرهم، غير انهم كانوا بحاجة الى مبرر لغزو الجنوب، فما كان منهم الا التساهل في تهريب هادي بوساطة قبلية الى عدن، وفي يوم الـ21 فبراير (شباط)، 2015م، فر هادي الى عدن، فتبعه الحوثيون ليفر مرة أخرى الى الرياض التي يقيم فيها حتى تقديم استقالته.

وقد طالب هادي عقب وصوله عدن بتدخل قوات درع الخليج لمنع الحوثيين من السيطرة على باب المندب، وقد استجابت السعودية ومعها الامارات ومصر والبحرين وستة دول عربية وإسلامية أخرى.

كان المبرر للأذرع الإيرانية انهم يلاحقون "هادي"، غير ان هادي الذي اكتشف ان كل القوات اليمنية الشمالية في عدن قد أعلنت الولاء للحوثيين، قرر الهروب صوب سلطنة عمان ومنها الى الرياض.

ومع ذلك حشد الحوثيون ميليشياتهم صوب الجنوب وهاجموا عدن، لكن كانت السعودية قد قررت توجيه ضربات جوية للأذرع الإيرانية، ومنع سيطرتهم على عدن، التي أعتبرها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "خطا أحمر".

 

هادي من التحالف مع الجنوبيين إلى الارتماء في حضن الإخوان

 

عقد هادي تحالف استراتيجيا مع الجنوبيين، الذين انخرطوا في قوات المقاومة الجنوبية لمقارعة الحوثيين، كان علم الجنوب حاضرا في الحرب ضد الحوثيين الموالين لإيران، وشكلت المقاومة استراتيجية عسكرية نجحت في صد الحوثيين واخراجهم من عدن تحت وقع الضربات الجوية لطيران التحالف العربي، ناهيك عن مشاركة القوات المسلحة الإماراتية على الأرض في القتال الى جانب قوات المقاومة الجنوبية.

الا انه وبعد تحرير عدن في منتصف يوليو (تموز) من العام 2015م، تعرضت لعدن ضربات انتقامية وموجة اغتيالات كان تنظيم مفترض اطلق على نفسه تنظيم الدولة الإسلامية هو من يقوم بهذه الهجمات التي استهدفت قوات التحالف العربي ومقر حكومة خالد بحاح في فندق القصر بعدن.

هذه الهجمات دفعت الامارات الشريك الفاعل في التحالف العربي الى تبني الاستراتيجية الجنوبية في تشكل قوات أمنية وعسكرية حديثة فكانت قوات الحزام الأمني في عدن وأبين، وخاضت هذه القوات بقيادة منير اليافعي مواجهات عنيفة وشرسة ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، وتكررت تجربة مكافحة الإرهاب في شبوة ووادي حضرموت الذي كانت القوات اليمنية قد سلمته لتنظيم القاعدة.

وقد كان التحالف الذي انشئه هادي مع الجنوبيين من خلال تعيين قيادات عسكرية جنوبية في مناصب محافظي محافظات عدن العاصمة، التي عين فيها اللواء عيدروس الزبيدي، واللواء شلال علي شائع، ولحج عين د. ناصر الخبجي، والعميد عادل الحالمي.

تعرض محافظ عدن لعدة محاولات اغتيال بهجمات انتحارية غير انه كل هجوم كان ينجو منه بأعجوبة.

 

هادي يفض التحالف والشراكة مع الجنوبيين

 

اختار هادي وفريقه الإخواني الـ27 من ابريل (نيسان) 2017م، ذكرى اعلان نظام علي عبدالله صالح الحرب الأولى على الجنوب في منتصف تسعينات القرن الماضي، ليصدر جملة من القرارات ازاح على اثرها القيادات الجنوبية من مناصبها استباقا لمحاولة تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي شكل لاحقا ومضى الزبيدي في خلق تحالفات جنوبية لمواجهة تحالفات الشمال، الا ان هادي كان قد رهن قراره للإخوان عن طريق مدير مكتبه عبدالله العليمي، الذي يعد احد ابرز رجالات التنظيم الدولي في اليمن.

وشن الإخوان حروبا شتى تحت "شرعية هادي"، منها حرب الخدمات وقطع المرتبات على المدنيين والقوات الجنوبية، ناهيك عن تدشين مأرب في العام 2019م، حربا عسكرية واسعة كان الهدف منها السيطرة على عدن، غير ان التحالف العربي بقيادة السعودية كان له رأي أخر بعد ان وجه ضربة جوية لميليشيات الإخوان ومنع وصولها الى عدن.

ولم يكتف تحالف هادي بهذه الحروب، حتى سلم جزء من شبوة للحوثيين في صفقات سياسية واضحة كان الهدف منها التهام الجنوب.

 

اتفاق الرياض وتنصل شرعية هادي من الاعتزام

 

في الـ5 من نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2019م، وقع في العاصمة السعودية الرياض ما عرف بـ"اتفاقية الرياض"، بين حكومة عبدربه منصور هادي، وكان مبرر الإخوان ان سحب قواتهم من شبوة ووادي حضرموت سيساهم في ما اسموه بالانفصال، غير ان تسليم جزء من شبوة النفطية للحوثيين في صفقة سياسية قد قلب الأمور رأسا على عقب، الأمر الذي دفع المجلس الانتقالي الجنوبي الى التدخل المشروط بإزاحة حاكم شبوة الإخواني محمد صالح بن عديو من منصبه والتزام المجلس الانتقالي الجنوبي بطرد الحوثيين من كامل محافظة شبوة وهو فعلا ما تحقق ليعود المجلس للمطالبة بتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض المتمثل بحسب قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت.

وردا على هذه التحرك دفع الاخوان بقوات الحشد الشعبي في تعز الى حضرموت بهدف انشاء قوات أمنية اخوانية فيما إذا نجح الانتقالي في إزاحة قوات علي محسن الأحمر.

 

الإطاحة بهادي بانقلاب ناعم

 

كان يعتقد هادي ان السلطة قد سلمت له كرئيس مدى الحياة، فلا انتخابات يمكن ان تزيحه من منصبه ناهيك انه بات الوجه الأخير للشرعية وازاحته تبدو صعبة.

هذه الثقة هادي دفعته الى إزاحة أقرب المقربين منه من مناصبهم بدعوى انه لم يكونوا أوفياء معه، وأبرز من ازاحهم المهندس احمد الميسري، وزير الداخلية الأسبق.

نص اتفاق الرياض على ضرورة التشاور بشأن القرارات التي يتخذها هادي، غير ان الأخير سلم قرار التعيينات الى مدير مكتبه الإخواني عبدالله العليمي، وهو الامر الذي جعله يصدر جملة من القرارات التي رفضها المجلس الانتقالي الجنوبي، خاصة قرار تعيين احد قيادات الإخوان نائبا عاما.

شعرت السعودية ان قرارات هادي، باتت تعرقل أي جهد للدفع نحو هزيمة الحوثيين او تحقيق تسوية سياسية، وهو ما جعلها تدرس قرار نقل صلاحيات الرئيس ونائبه الى مجلس رئاسي.

واقنعت السعودية هادي بترك السلطة ودعت اليمنيين الى عقد مشاورات في الرياض، كانت خاتمة اليوم الأخير من هذه المشاورات التي استمرت لأكثر من عشرة أيام بنقل هادي صلاحياته الى مجلس رئاسي.

وبقرار تنحي هادي عن السلطة، يطوي الرجل الحقبة الأشد دموية، لكن هذا لا يعني ان الرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي لديهم عصاء سحرية لمعالجة القضايا اليمنية العالقة، فالمجلس جاء لمعالجة ازمة اليمن الشمالي، من خلال قتال الحوثيين او الدخول معهم في تسوية سياسية تنهي الصراع، ومع ذلك لا يعول على وجود عضو في المجلس هو عبدالله العليمي، الذي تربطه علاقة سلالية بالحوثيين، حيث قتل شقيقه قبل سنوات وهو يقاتل في صف الحوثيين.

ويتخوف يمنيون وجنوبيون من ان يكون هذه المجلس مقدمة لحرب أشد دموية خاصة ضد الجنوب الساعي نحو تحقيق الاستقلال والانسلاخ عن اليمن الهوية السياسية، خاصة بعد ان اصبح محررا من الحوثيين الموالين لإيران.