لا مستقبل لاتفاق الرياض..
قراءة: التحالف العربي.. إعادة رسم الشراكة بين عدن والرياض

معين عبدالملك يحدد مستقبل اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية المؤقتة

لم تمض سوى يومين على إعلان المملكة العربية السعودية قرار وقف اطلاق النار، حتى استقبلت عدن، خبر ان مقاتلا جنوبيا من الذين انخرطوا في القتال في الحدود مع اليمن، قد قتل خلال معارك مع الحوثيين.
من المهم ان تسأل السعودية عن خروقات الهدنة الإنسانية في اليمن، خاصة بعد انضمام اليمن إلى الدول الموبوءة بفيروس كورونا، حيث تم تسجيل أول حالة في مصابة بالفيروس بحضرموت، وهناك أكثر من 120 حالة اشتباه.
وفق تحذيرات الصحة العالمية فأنه يتوقع حدوث انفجار كبير في ضحايا الفيروس باليمن، جراء ما تعانيه البلد من جراء الحرب وتدمير جميع المشافي وافتقار القلة لكافة الامكانيات العلاجية والسرية.
اليمن مقبلة على كارثة، بكل تأكيد، والأموال التي اعلنت السعودية انها قدمتها لليمن لمواجهة الوباء، بكل تأكيد لن تصل إلى السكان، فالفساد المالي المستشري جراء الحرب، لا يمكن ان يسمح بوصول الأموال الى مستحقيها في اعانة الأسرة الفقيرة التي تقطعت بها سبل العيش او على الأقل دعم البنية الصحية المدمرة كليا.
الهدنة الإنسانية المعلن عنها من طرف السعودية، تفتقد المصداقية، فهذه الهدنة لم تلبث الا ساعات قليلة، حتى دشن حلفاء الرياض في ارخبيل سقطرى معركة مؤجلة، بدأت باعتقال وخطف ناشطين وصحافيين واحتلال معسكرات أمنية.
احداث سقطرى التي تكشف رغبة حزب الإصلاح اليمني في السيطرة على الجزيرة وازاحة كل خصوم الحزب، تمهيدا لإزاحة السعودية التي تقدم قواتها "الواجب 808 كل سبل الدعم للمحافظ محروس.
تريد الرياض استخدام الإخوان كورقة في تحقيق اجندتها بالمهرة وسقطرى وشبوة وعدن، لكن مؤخرا بات من الواضح ان الإخوان يستخدمون السعودية لتحقيق مشروعهم.
السعودية دون رؤية، فالمهرة التي كانت بعيدة عن الصراع المسلح، حاولت الرياض الاشراف على ميناء شحن البري الذي يصف بأنه أبرز موانئ تهريب الأسلحة للحوثيين، لكن هذه المحاولة كشفت عن "هشاشة السعودية" في مواجهة خصومها.
هناك مؤشرات على ان اتفاق الرياض "قد أفشل فعلياً"، وقائد التحالف العربي في عدن "قوة الواجب 802"، لم يعد يهمه الاشراف على تنفيذ الاتفاق وبنوده الأولى، فالقوات التي كان من المفترض ان تنسحب من شبوة ووادي حضرموت وشقرة، ترفض الانسحاب وتعزز من وجودها بالمزيد من المقاتلين والأسلحة التي تصلهم من السعودية بكل تأكيد.
تواجه الرياض اختبارا صعبا للغاية، رئيس الحكومة اليمنية المؤقتة معين عبدالملك الذي نصبته خليفا لأحمد عبيد بن دغر المقال والمحال للتحقيق، قبل ان يعيده هادي كمستشار له.
الاختبار السعودي يتمثل في قدرة الرياض على الدفاع عن رئيس الحكومة الموالي لها، في ظل وجود وزراء يوالون المشروع القطري التركي، يتزعمهم وزير الداخلية أحمد الميسري.
يسعى رجل الاعمال النفاذ في الرئاسة اليمنية أحمد صالح العيسي إلى عزل معين عبدالملك، واستبداله بأحمد الميسري، على اعتبار ان الأخير "نائب رئيس الحكومة".
خمسة عشر وزيرا، قدموا وقعوا على عزل رئيس الحكومة اليمنية، وفي حال وفشلت الرياض في الابقاء عليه، فأن ذلك يشكل انتكاسة كبيرة، وانتصار سياسي لقطر التي تقف خلف التمرد على عبدالملك.
من مصلحة السعودية بقاء معين عبدالملك رئيسا للحكومة، كما ان ذلك يأتي في اطار اتفاق الرياض، وعزله من منصبه يعني الاعلان رسميا عن فشل اتفاق الرياض.
السعودية ليست في حاجة إلى الخسارة أكثر من خسارة محافظة المهرة التي نجحت قطر في عزل محافظها، واستبداله بأخر يخضع للأجندة القطرية التركية، او يمارس الصمت حيال دور انقرة والدوحة هناك.
من المهم للرياض ترك حالة الاستفزاز التي يمارسها قائد قوات الواجب 802 في عدن، فالسعودية يهمها اعادة تصويب المشهد العسكري والسياسي مع الجنوب.
من المهم جدا للسلام وتوحيد الجهود لمواجهة فيروس كورونا، هو اعادة ترميم الرياض لعلاقتها مع عدن، المجلس الانتقالي الجنوبي.
فقدت الرياض الكثير من اوراقها في شمال اليمن، ولم يتبق الا الجنوب، والتسوية السياسية القادمة، تحتم عليها الاحتماء بالجنوب، ولكن جنوب بحكم ذاتي بعيدا عن اطماع أي قوى سياسية مناهضة للجنوبيين وحقهم في السيادة على بلادهم، دون ذلك، ستخرج السعودية من المشهد دون فائدة وبخسائر كبيرة جدا، وقد تفقد ايضا الحلفاء في الاقليم والعالم، خاصة وان البديل الذين تدعمهم الرياض تضعهم الولايات المتحدة الأمريكية على قوائم الإرهاب.
الورقة الأخيرة بيد الرياض، والرهان الأكبر ليس على حكومة هادي، بل على الحلفاء الجنوبيين الذين يقاتلون في الحدود مع السعودية.
كما ان الجنوب قد لا ينتظر مزيدا من الوقت، وقد يشرع في سحب قوات خاصة تقاتل في الحدود مع السعودية وهي القوات التي توالي المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما اذا مضت الرياض في دعم مشروع الإخوان.
ويبقى اعلان هذا مرتبط ببقاء معين عبدالملك، وازاحته ايا كان البديل فهو اعلان رسمي لفشل اتفاق الرياض، وتبقى الخيارات أمام الجميع مفتوحة.