لأصحاب المقاهي والمطاعم والناس..

خبراء: دورات تدريبية لتذوّق المياه في مدن النبيذ الألمانية

للماء طعم ألذ من مذاق أجود الكروم

برلين

خبيران ألمانيان يستفيدان من حاسة التذوق ويشغلان وظيفة فريدة من نوعها تتمثل في تذوق المياه، ويقدمان دورات تدريبية في ذلك لأصحاب المقاهي والمطاعم والناس العاديين، مؤكدين أن الماء يحتوي على عناصر تختلف منافعها من شخص لآخر.

 تجاهل مارتن متسنجر كأسا من الشمبانيا باهظة الثمن مفضلا عليها كوب ماء. يترك خبير الذواقة السائل ينساب ببطء حتى يملأ تجويف فمه، ثم يبتلعه على مهل ليعلق قائلا “تحتوي على مذاق مكربن خفيف”، ثم يتشمم فوهة زجاجة المياه التي تحتوي على الغاز، ويضيف “ليس لها رائحة”. يعرب متسنجر عن رضاه: وهكذا اجتاز هذا النوع من الماء الاختبار.

ويعمل هذا الألماني، ومسقط رأسه مدينة درمشتاين بولاية راينلاند بالاتينات، في “ذواقة الماء”، وهي مهنة في منتهى الغرابة في منطقة تشتهر بصناعة النبيذ وبالتالي تشتهر بالخبراء في تذوق أنواعه المختلفة، لكن بالنسبة لمتسنجر تبدو هذه المفارقة في منتهى الطرافة، ويقول “الماء هو سر الحياة. هناك الكثير من الناس الذين يشربون القليل جدا ويسيرون في حالة جفاف تقريبا”.

ويستخدم الخبير الألماني خبراته في مجال المياه في مساعدة أصحاب الحانات والمطاعم، قائلا “أستطيع أن أقدم لهم أيضا اقتراحات حول الأسعار. لأن السوق ضيقة ويعتمد استمرار رجال الأعمال بها على نجاحهم”. كما يمكنه تقديم المشورة للأفراد العاديين، على سبيل المثال، أي نوع ماء يمكنهم شربه مع شريحة لحم منكهة بتوابل قوية.

وبّين متسنجر أن اختيار نوع معين من المياه يتوقف على تفاصيل كثيرة، قائلا “أولا، الماء الجيد يجب أن يكون طيب المذاق، ثانيا، يجب الاهتمام بمعرفة محتوى الماء فعلى سبيل المثال، الأشخاص الأكثر عرضة للشد العضلي، يتعين عليهم شرب مياه تحتوي على نسبة أعلى من المغنيسيوم، أما الذين يتعين عليهم الاهتمام بالعظام بصورة أفضل فيتعين عليهم الاهتمام بنسبة الكالسيوم في الماء، أما إذا كان هناك أشخاص يعانون من مشاكل في الهضم فيتعين عليهم تناول مياه تحتوي على أكثر من ألف ميليغرام من ملح السلفا”.

وأشار أرمين شويننبرجر، زميل متسنجر في هذا المجال، إلى أن هناك أنواعا كثيرة من الماء، وأنها غير متشابهة.

ويعتبر شويننبرجر (52 عاما) واحدا من بين 160 خبير ذواقة للمياه يحملون شهادة رسمية بذلك في ألمانيا وواحدا من اثنين من الخبراء يعيشان في منطقة ساري.

وقال الرجل الخمسيني “أصبح الماء هذه الأيام منتجا يخضع لقواعد وشروط عالم الموضة. لطالما استهلك الناس الكثير من المشروبات الحلوة أو القهوة أو الجعة، ولكن مع التوعية الكبيرة بفوائد شرب الماء العذب للصحة البدنية، يمكن القول بأن الماء يشهد ما يمكن وصفه بأنه عصر النهضة”.

ويعطي شويننبرجر دورات تدريبية للراغبين في التأهل لمهنة الذواقة وكذلك للمستهلكين العاديين للتعرف على أنواع المياه والفروق بين أنواعها، بالإضافة إلى أنه يعلم معالجي المياه وتجار الجملة، فضلا عن تخصصه في فرع مهم متعلق بالماء وهو تقديم استشارات لخبراء التغذية لتحسين عادة شرب الماء في بيئات مختلفة، سواء في الفضاء المدرسي أو في محيط العمل.

كما يقدم شويننبرجر منذ حوالي خمس سنوات عددا من المحاضرات بجامعة بادن فورتمبيرغ، في مدينة هايلبرون وكذلك في مركز تعليم الكبار بولاية سارلاند.

وأكد متسنجر أن عمل تذوق الماء أصعب بكثير من عمل تذوق الجعة أو حتى النبيذ.

وأضاف “يتطلب الأمر خبرة كبيرة لتمييز جميع الفوارقق”، مضيفا “تبدو الجعة مشوقة أكثر. الناس يقللون عادة من شأن الماء، يسري ذلك أيضا حتى على بعض خبراء عالم الطهي”.

وقال “لطالما كان الماء عنصرا حيويا بالنسبة لوجود البشرية، ويعتبر الماء المعدني هو القمة، الجائزة الكبرى، والإرث الثقافي”.

وعمل متسنجر منذ سن العاشرة في شركة تعبئة مياه معدنية، حيث كان والداه يديران شركة مشروبات كمشروع عائلي.

وأوضح “اضطررت للعمل على الكثير من المواد للحصول على شهادتي من معهد دومينز، بالقرب من ميونخ، حيث تدرس به علوم صناعة الماء المتخصصة في ألمانيا، ويضم كل فصل دراسي 20 طالبا يتعين عليهم تعلم كل ما يجب معرفته حول المياه المعدنية بمختلف أنواعها ومواصفاتها”.

وتشهد شركات المياه المعدنية حالة ازدهار في ألمانيا هذه الأيام، لدرجة اكتسب معها الماء أهمية اقتصادية لا جدال فيها.