على ضوء خطاب قناة سهيل..

تقرير: "الإخوان".. لماذا الحديث عن حرب طائفية في اليمن؟

تصر قناة سهيل لسان حزب الإخوان في اليمن على تصوير الحرب بإنها طائفية

صالح علي
كاتب جنوبي يكتب باسم مستعار

أكد متحدث باسم حزب الإصلاح اليمني (النسخة اليمنية من تنظيم الإخوان) بتبعية قناة سهيل الفضائية التي تبث من الخارج، الأمر الذي فتح الباب امام تفسير الخطاب الإعلامي للقناة المتحدث بما يصف نفسه بأكبر الأحزاب اليمنية، والذي يتبنى الخطاب العدائي ضد الجنوب.

ومنذ تحرير الجنوب من مليشيات الحوثي الإيرانية، دأبت قناة سهيل على مهاجمة الجنوب، ووصف الحراك الجنوبي بالداعي للانفصال والمناطقية، وهي الاوصاف التي تقول العديد من المصادر ان الهدف منها محاولة كسب القوى الشمالية الأخرى لمساعدته في احتلال الجنوب بذريعة منع الانفصال.

فالإخوان الذين سبق لهم ووقعوا وثائق تعايش وسلام مع الحوثيين، دأبوا على وصف الحرب ضد الجماعة المدعومة من إيران، بالحرب الطائفية، غير انهم يرحبون بالحوار مع الشيعة في الشمال ويهددون باجتياح السنة في الجنوب، في مواقف متناقضة، لكنها تؤكد الرغبة الإخوانية في احتلال الجنوب مرة أخرى، فالحرب ضد الحوثيين وان استخدموا الشعارات الطائفية، إلا ان شعارات للتمويه عن العلاقة التي تجمع حلفاء طهران والدوحة، وهي العلاقة التي يبرر الإخوان بأنها جاءت كردة فعل متوقعة على مقاطعة الدول العربية والخليجية لقطر، المتهمة بالتورط في تمويل التنظيمات الإرهابية.

تقارير وبرامج كثيرة تبثها قناة سهيل والتي تصور على ان الحرب في اليمن هي طائفية "بين السنة والشيعة"، فقد اتهم ناشطون ومغردون يمنيون جماعتي الحوثي والإخوان بالتحريض على القتال الطائفي بين السنة والشيعة في اليمن، مؤكدين أن ذلك هو ما تبحث عنه إيران؛ على غرار ما يحصل في العراق.

وجاءت الاتهامات في أعقاب إصدار قاضي الحوثيين فتوى بإباحة دم ممثل يمني إخواني، قال الحوثيون إنه أساء متعمَّداً لآل بيت رسول الله صلى عليه وآله وسلم.

وقال القاضي الحوثي عبدالكريم بن عبدالله الشرعي في منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "أفتي بإهدار دم الممثل محمد الأضرعي، وذلك لإساءته المتعمَّدة والمتكررة لآل بيت رسول الله صلى عليه وآله وسلم، وتناول كلاً من الإمام علي كرَّم الله وجهه، وفاطمة بنت محمد، والإمامين الحسن والحسين عليهما سلام الله، وعلى مدى شهر رمضان المبارك تنشر حلقاته الإساءة والفجور في الخصومة".

وأثارت تلك الفتوى الحوثية حالة من الجدل في أوساط اليمنيين، حيث انقسم المغردون إلى فريقين، فريق يدين الفتوى الحوثية وآخر ينتقد ما يصفه بالتحريض الطائفي للفنان الإخواني محمد الأضرعي.

وتبث قناة سهيل الفضائية برنامجاً ساخراً يعده الممثل والناشط الإخواني محمد الأضرعي، يوجه انتقادات حادة لمذهب الحوثيين (الشيعة).

وانتقد الكاتب اليمني مروان غفوري برنامج (غاغة) الذي تبثه قناة سهيل الإخوانية، موضحاً في منشور على فيس بوك: "ما فعلته قناة سهيل من خلال برنامج (غاغة) للفنان محمد الأضرعي يرتقي إلى درجة الجريمة الأخلاقية والوطنية، أغاني فوضوية بعبارات مثل: حوثي رافضي، أو حراكي سرسري وكوميديا رخيصة أمام خلفيات كتب عليها اسم (الحسين) وحلقات متتالية يرتدي فيها الأضرعي زي رجل دين شيعي عراقي، ومن خلاله يسخر من التشيع إجمالاً معتقداً بأنه إنما يكشف أوراق الحوثي".

وأضاف غفوري "الحوثية عصابة مسلحة تخوض حرباً ضد الدولة، لكن قناة سهيل جعلت منها مذهباً يخوض حرباً ضد السنة".

ووجه الكاتب الآخر صلاح السقلدي انتقادات حادة لقناة سهيل "في قناة سهيل يغني الفنان الإصلاحي محمد الأضرعي: حوثي رافضي.... وحراكي سرسري ..)، مع أنني لا أعرف ماذا تعني كلمة سرسري لكن أكيد هي كلمة بذيئة، يكفي أنها تذاع من قناة سهيل لنفهم معناه على هذا النحو".

وأدانت قناة سهيل التابعة للزعيم الإخواني حميد الأحمر الفتوى الحوثية، مؤكدة أن الأضرعي لم يسئ إلى أحد، وقال ناشطون يمنيون إن "ما يقوم به الحوثيون والإخوان هو تحريض على قتال طائفي في اليمن"، مؤكدين أن هذا هو ما تبحث عنه إيران.

ويعتقد الإخوان ان وصف الحرب في اليمن بصيغة طائفية، قد يجعل الحزب يتصدر المشهد في شمال اليمن، على اعتبار انه حزب إسلامي سني، في حين ان جماعة الإخوان في اليمن كقيادة وزعامة ومؤسسة لفرع التنظيم في اليمن، هم من الزيود وأبرزهم المؤسس عبدالله بن حسين الأحمر وزعيم الحزب الحالي محمد اليدومي ضابط المخابرات السابق، ناهيك عن أولاد عبدالله بن حسين الأحمر الذين ينتمون الى ما يعرف بالهضبة الزيدية.

وصف الحرب في اليمن بانها طائفية، ظهرت الى العلن منذ نحو عامين، حين أعلنت السعودية ومعها الامارات ومصر والبحرين المقاطعة لقطر، حذرت وسائل اعلام إخوانية تبث من تركيا من مغبة استهداف الإخوان على خليفة العلاقة مع قطر.

وهو ما افصح عنه ناشط إخواني مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال في تسجيل مرئي "ان الإخوان هم المدافعون عن أهل السنة، من التمدد الشيعي في اليمن".

وهو خطاب متجدد لخطاب مشابه بثته قناة الجزيرة في اليوم الأول لاحتلال صنعاء من قبل مليشيات الحوثي، حيث بثت قناة الجزيرة القطرية حلقة حوارية لأكثر من ساعة ناقشت فيه بيان أصدره تنظيم القاعدة الذي يعد الجناح العسكري للإخوان في اليمن.

وقدم الإعلام القطري القاعدة التي تقول تقارير إخبارية يمنية انها الذراع العسكري للإخوان، كقوة مناهضة للحوثيين الشيعة، غير ان عمليات تنظيم القاعدة ضد الحوثيين خاصة في جبهة البيضاء تراجعت، بعد المقاطعة الخليجية.

تعتقد العديد من المصادر السياسية التي تحدثت لـ(اليوم الثامن) "أن الإخوان أصبح يغازل النخب الدينية في السعودية، خاصة بعد اتهامات وجهت للتنظيم اليمني بعرقلة الحسم العسكري، وهي التهم التي يقول حزب الإصلاح انها تزيد من شعبيته لا تضعفه.

يصور الإخوان للسعودية، اليمن الشمالي على انها قد أصبحت في قبضة الحوثيين الشيعية، لكن اشتراطات الإخوان لقتال الحوثيين ربما ارتفع سقفها، فالتنظيم الموالي لقطر لم يعد يتحدث حرب لإعادة الشريعة المنقلب عليها الى صنعاء، بل ان المطلب بات احتلال عدن واستعادة الهيمنة العسكرية التي مفروضة على الجنوب لأكثر من ربع قرن.

يدفع الإخوان كتنظيم ومن خلال قناة سهيل عنه تهمة التحالف مع الحوثيين بالحديث عن "قتال سنة وشيعة"، وأصبحت القناة تتحدث عن وجود شيعة يهددون السعودية "السنية"، لكن اشتراطات الإخوان مقابل قتال الحوثيين هو السيطرة على الجنوب، الأمر الذي بات محيرا موقف المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف من ذلك.

فالجنوب الذي يصر على المضي في خيار الاستقلال، تصر قناة سهيل الناطقة باسم إخوان اليمن على ان القوات العسكرية المتخصصة في محاربة التنظيمات الإرهابية، هي مليشيات وتصر على ضرورة حلها، او الحاقها بقوات الجيش الذي أصبحت مأرب مركز قيادته.

ومن على شاشة قناة سهيل، هدد القيادي الإخواني صالح سميع، بالتحالف مع ايران، في حال اسمر التحالف العربي في رفض تسليم الجنوب للإخوان، ومع ذلك تستمر القناة في تقديم خطاب طائفي على ان الحرب في اليمن طائفية.

ووجه ناشطون إخوان يقيمون في تركيا انتقادات حادة للسعودية، وزعموا انهم يقدمون تضحيات كبيرة في سبيل الدفاع عن أمن السعودية ضد ما يصفوه بالمد الشيعي والفارسي.

وألمحت مواقع الكترونية الى ان سقوط حجور، يؤكد ان كل المدن الشمالية سقطت بيد الحوثيين، لكن اشتراطات الإخوان للدفع بالقوات العسكرية الموالية للزعيم الإخواني علي محسن الأحمر، لقتال الحوثيين لن يتم ما لم تمكن السعودية التنظيم من السيطرة على الجنوب، وهو ما يبدو مستحيلا ان يتم بطريقة سلمية، الامر الذي قد يعزز خيار الحرب، وهو ما ألمح اليه القيادي الإخواني محمد بالفخر الذي بشر بحسم عسكري قريب في الجنوب.