د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

مؤتمر إيران حرة في واشنطن.. خارطة طريق ترسم صورة الجمهورية الديمقراطية

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن في السبت 15 نوفمبر 2025 انعقاد مؤتمر "إيران الحرة 2025" الذي نظّمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في لحظة سياسية مفصلية تهدف إلى رسم خارطة طريق واضحة لانتقال إيران نحو جمهورية ديمقراطية بعد عقود من الحكم الاستبدادي، وقد جمع المؤتمر بين قيادات المعارضة ومسؤولين دوليين بارزين وأكاديميين متخصصين لتقديم رؤية شاملة تُبرز البديل السياسي القادر على قيادة المرحلة المقبلة.

مريم رجوي: التغيير ضرورة تاريخية

افتتحت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخَبة للمقاومة الإيرانية المؤتمر بكلمة مفصلية أكدت فيها أنّ النظام الإيراني يعيش أواخر شتائه السياسي، وأن محاولة إصلاحه لم تعد سوى وهم يتكرر منذ أربعة عقود، وشددت السيدة مريم رجوي على أن التغيير لن يأتي عبر حرب خارجية ولا عبر تسويات دولية بل من خلال المقاومة الشعبية المنظمة التي تشكّل "الخيار الثالث" لإسقاط النظام.

وركّزت رجوي على نقاط محورية ضمن خطة النقاط العشر التي تطرحها المقاومة: فصل الدين عن السلطة، والمساواة بين الرجل والمرأة، وضمان حقوق الأقليات القومية والدينية، وبناء علاقات دولية تقوم على عدم التدخل واحترام السلم، والتزام إيران المستقبلية بكونها دولة خالية من السلاح النووي.. كما أعلنت أن المجلس الوطني للمقاومة مستعدّ لتولي حكومة انتقالية لمدة ستة أشهر تُشرف على انتخابات حرة وصياغة دستور جديد.

مواقف دولية داعمة.. رفض الاستبداد ورفض المهادنة

حظي المؤتمر بمشاركة شخصيات سياسية بارزة رسّخت الدعم الدولي الواضح لخيار التغيير الديمقراطي وقد شارك في المؤتمر:

مايك بومبيو

أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو أنّ النظام الإيراني "أضعف مما يبدو" وأن بقاؤه يعتمد على القمع الداخلي وليس على الشرعية السياسية، ودعا المجتمع الدولي إلى وقف سياسة المهادنة التي سمحت للنظام بالتمدد داخلياً وإقليمياً مشيراً إلى أن التغيير الحقيقي يجب أن يأتي من خلال الشعب الإيراني نفسه ومن خلال المقاومة الإيرانية المنظَّمة.

جون بيركو

أما جون بيركو الرئيس السابق لمجلس العموم البريطاني فقد وصف نظام طهران بأنه نظام أمضى أربعة عقودٍ ونصفًا غارقًا في القمع والفساد مؤكداً أنّ الحديث عن إصلاح داخلي للنظام ضربٌ من الخيال، ورفض بيركو أي طرح لعودة الملكية في إيران مشيراً إلى أن الشرعية يجب أن تكون لمن دفع الثمن دماءَ وسجون ونضال في إشارة منه إلى المقاومة الإيرانية.

كارلا ساندرز

وفي كلمتها أكدت السفيرة الأمريكية السابقة كارلا ساندرز أنّ البديل الديمقراطي ليس مجرد فكرة بل واقع تنظيمي قائم مشيدةً بالدور المحوري لنساء المقاومة الإيرانية، وقالت إن النظام يخشى "القوة الحقيقية" المتمثلة في منظمة مجاهدي خلق لا في رموز منفى أو أسماء إعلامية لأنهم يملكون مشروعاً واضحاً وجمهوراً يدعمهم.

باتريك كينيدي

وشدد عضو الكونغرس الأمريكي السابق باتريك كينيدي على أنّ قضية إيران ليست قضية محلية فقط بل "معركة عالمية من أجل الكرامة الإنسانية" وأكد أن زيارته لمعسكر أشرف 3 كشفت له مستوى التنظيم والالتزام لدى المقاومة ومدى استعدادها لقيادة المرحلة الانتقالية.

رؤية أكاديمية واستراتيجية للمستقبل

شارك في المؤتمر أيضًا علماء وخبراء إيرانيون بارزون قدّموا تحليلات معمقة حول إمكانية الانتقال الديمقراطي.. وأبرز هؤلاء أكاديميون من جامعات أمريكية مرموقة تناولوا جذور الصراع في إيران، وتاريخ الحركة الديمقراطية فيها منذ الثورة الدستورية مؤكدين أن وجود برنامج سياسي شامل يجعل البديل الديمقراطي المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مشروعا قابلاً للتطبيق فور سقوط النظام.. هذا وقد تناولت الجلسات قضايا جوهرية مثل: إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإطلاق الحريات العامة، وإصلاح الاقتصاد المنهار، ومواجهة الفساد المستشري، ووضع إيران في إطار سياسي جديد بعيد عن التوسع الإقليمي والحروب بالوكالة.

أهمية المؤتمر ودلالاته

يحمل مؤتمر "إيران الحرة 2025" أبعاداً سياسية وفكرية عميقة أبرزها:

  1. إجماع واسع على عدم قابلية النظام للإصلاح.
  2. تأكيد شرعية البديل الديمقراطي المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
  3. وضع خارطة طريق عملية لمرحلة ما بعد سقوط النظام.
  4. توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي بضرورة الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كشريك أساسي في عملية الانتقال السياسي.
  5. التأكيد على أن التغيير لن يأتي من الخارج بل من الداخل بدعم سياسي دولي وليس بوسائل عسكرية.

خلاصة القول..

إن مؤتمر واشنطن لم يكن مجرد تجمع سياسي بل إعلان عن مرحلة جديدة في مسار النضال الإيراني.. فقد قدّم للمجتمع الدولي صورة واضحة لبديل ديمقراطي متماسك، ولرؤية سياسية قابلة للتطبيق، ولإرادة شعبية تُصرّ على تحرير إيران من الاستبداد، وبذلك يمهّد هذا المؤتمر الطريق نحو جمهورية ديمقراطية حديثة تحترم حقوق الإنسان وتعيد للشعب الإيراني مكانته الطبيعية بين شعوب العالم.

د.سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي