عبدالرزاق الزرزور يكتب لـ(اليوم الثامن):
العد التنازلي لنظام ولاية الفقيه وانعدام الخيارات
تؤكد الأنباء اليومية استمرار المقاومة المنظمة بينما يتشبث النظام بالإعدامات كآخر وسيلة للبقاء، وتستمر حملة "لا للإعدام" للأسبوع الثالث والتسعين في 54 سجناً في كافة أنحاء إيران بمشاركة فعالة من السجناء السياسيين من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ورفاقهم المناضلين شركاء الوطن والتوجه.. هذا الصمود يدل على عمق الشرخ بين السلطة والشعب، ويؤكد أن سياسة الإعدام لم تفشل في إخماد الانتفاضات فحسب بل أشعلت المقاومة من داخل السجون أيضاً.
الملالي يهربون من ضعفهم ومخاوفهم باللعب على مشاعر البسطاء
كجزء من مشروع الهروب من سقوط النظام الحتمي يأتي احتفال ملالي إيران بالذكرى السنوية لاحتلال السفارة الأمريكية في طهران.. لقد كان الهدف الرئيسي من احتلال السفارة الأمريكية هو إبعاد المجاهدين، ولفهم استراتيجية خامنئي الحالية يجب العودة إلى الجذور.. فكما تُظهر الوثائق التاريخية لم يكن الهدف الرئيسي من احتلال السفارة الأمريكية عام 1979 من قبل خميني وعصابته هو مواجهة "الاستكبار العالمي" بل كان "إخراج المجاهدين من الساحة" فهم أي المجاهدين هم الذين لم يصوتوا على دستور ولاية الفقيه ورفضوا الخط الأحمر لخميني منذ البداية، ولم تكن المشكلة الرئيسية للنظام هي أمريكا بل المقاومة المنظمة ضد الدكتاتورية، وإن إشعال الحروب والفتن ونشر الإرهاب الإقليمي اليوم هو تكرار لنفس الاستراتيجية بهدف الهروب إلى الأمام خوفاً من الانتفاضة الداخلية واحتواء الخطر الأكبر الذي وهو وحدات المقاومة وقد أشار سعيدي ضمناً إلى هذه النقطة بقوله" لولا احتلال وكر التجسس لكانت الثورة قد دُمرت قبل سنوات".
توسيع دائرة إشعال الحروب ورد الفعل الدولي.. وتهديد الإمارات وأزمة النظام المالية
يسعى النظام بقوة لتوسيع الأزمة في المنطقة تماشياً مع خط "الحرب" الذي طرحه خاتمي، والتهديد الأخير الموجه ضد الإمارات العربية المتحدة هو دليل على ذلك؛ لكن المعلومات الجديدة تكشف عن عمق استراتيجية إشعال الحروب لدى نظام ولاية الفقيه.. وتقرير الأمم المتحدة بشأن اليمن يتحدث عن "تزايد غير مسبوق في التعاون" بين الحوثيين المدعومين من إيران والجماعات المسلحة مثل الشباب الصومالية والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، ويصف التقرير الحوثيين بأنهم جزء من "شبكة عابرة للحدود" تساهم في زعزعة استقرار المنطقة، ويؤكد التقرير أن "التحالف القائم بين الحوثيين وإيران وحزب الله وحماس لا يزال نشطاً" ويُشير التقرير أيضاً إلى أن اليمن تحولت إلى "مركز إقليمي للأسلحة" حيث يدير الحوثيون شبكات لتهريب الأسلحة إلى القرن الأفريقي بل ويقدمون تدريبات فنية لعناصر الشباب حول صناعة القنابل والطائرات المسيرة.
في هذا السياق أكد الممثل الأمريكي الجديد للشؤون الشرق أوسطية في تصريحاته على ضرورة وقف تمويل النظام للإرهاب عبر المؤسسات المالية الإقليمية، وأن الضغط على النظام من خلال قطع شرايينه المالية في دول مثل الإمارات هو إحدى الأدوات الجدية التي تزيد من كوابيس الولي الفقيه، وكذلك هناك قلق من أن تستمر سياسة خلق الأزمات التي تضع المنطقة على أعتاب "حرب ثانية" لكن هذه المرة ليست حرباً خارجية مفروضة بل حرباً يُشعلها النظام بنفسه من الداخل لأجل البقاء.
اشتداد الأزمات الداخلية.. الفقر والفساد وفضائح 4 نوفمبر
على الساحة الداخلية يواجه النظام أشد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.. فالفقر والفساد الممنهج دفعا المجتمع إلى حافة الانفجار، وبينما يحاول النظام أن يُظهر نفسه قوياً من خلال مسرحيات حكومية مثل مراسم 4 نوفمبر فإن الواقع هو أنهم يقوضون أنفسهم.. الخطابات الفارغة والمُكررة لا تزيد النظام إلا فضيحة، والشعب لم يعد ينخدع بهذه الشعارات في ظل أزمة المعيشة والفساد والاختلاسات الضخمة.
لقد أثبتت انتفاضة نوفمبر 2019 أن نقطة تحرك الشعب لم تعد سياسية فحسب بل اقتصادية ومعيشية.. فالفساد والفقر يعملان كقنبلة موقوتة وسيكونان إلى جانب أنشطة وحدات المقاومة أرضية لانتفاضة أكثر اتساعاً وشمولا.. فالوضع الراهن هو نقطة تلاقي جميع أزمات النظام من ضعف القيادة، وأزمة الخلافة، المأزق الدولي، والغضب الشعبي المتفجر.. كل شيء يشير إلى أن حرب التحرير الثانية مقدَّرة، وأن لحظة الإطاحة بالنظام باتت أقرب من أي وقت مضى.
عبدالرزاق الزرزور - محامي و ناشط سياسي فعال سوري


