نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

قبول الاتفاق النووي.. مؤشر ضعف النظام الإيراني

في الاوقات الصعبة والحساسة التي يعلم المسٶولون في النظام الإيراني بالتهديدات والتحديات المحدقة بالنظام، وعدم إمتلاکه للقوة والقدرة الکافية على مواجهتها أو إجهاضها، فإن قادة النظام وعلى رأسهم الولي الفقيه خامنئي، يعلمون جيدا بأن الاستسلام أو الخضوع لتلك التهديدات والتحديات بصورة مباشرة، يعني إنتحارا علنيا للنظام، ذلك إنه يعلم بأن خضوعه يعني إعتراف علني بأخطائه ومغامرته وطيشه على حساب إيران والشعب الإيراني وذلك ما سيعجل بالضرورة إشعال نار الغضب الشعبي الإيراني الذي يحرص النظام ويحذر کثيرا على تفاديه.

منذ إنتهاء حرب الايام ال12 وهزيمة النظام فيها، ولاسيما بعد أن ظهر ضعفه وهزالة موقفه أمام خصومه لفقدانه أوراقا کان للأمس القريب يقوم بإستخدامها للإبتزاز والمساومة، فإن النظام وخوفا من إنفجار برکان الغضب الشعبي ضده فيما لو خضع للمطالب الدولية المتعلقة ببرنامجه النووي الذي هو بمثابة آخر أهم قلاعه بوجه بلدان المنطقة والعالم، ولذلك فإنه وفي هکذا حالات وأوضاع يمنح فرصة ملفتة للنظر لفاصل من الدونکيشوتية المفرطة لقادة النظام وبشکل خاص لقادة الحرس الثوري لإطلاق التصريحات المتشددة المتضمنة تهديدات مباشرة وغير مباشرة للأطراف الاخرى.

المثير للسخرية والتهکم، إن خصوم النظام صاروا يعلمون جيدا ولعه بالتهديدات الدونکيشوتية المستخدمة أساسا لذر الرماد في الاعين وإظهار قوة النظام أمام الشعب، وهذا ما قد لمسه العالم کله بعد الضربات النوعية لمواقع فوردو ونطنز وإصفهان، حيث منحوا الفرص للنظام کي يرمي صواريخه على قاعدة العديد في قطر ليتم تفجير صواريخه وهي في الجو کبالونات أو مفرقعات للتسلية.

لکن، من الواضح جدا إن النظام الإيراني يعلم جيدا بأن للصبر الدولي حدود بخصوص ما يريده من النظام بشأن المطالب المطروحة أمامه، ولذلك فإن النظام وبعد أن يقدم فاصله الاستعراضي ويطمئن بعض الشئ من هدوء الشارع الإيراني وعدم إنفجاره، فإنه يلجأ بطرقه وأساليبه الديماغوجية والسفسطائية للعودة الى ما کان بالامس قد غادره أو ترکه الى حين، أي المفاوضات النووية وعودة المفتشين الدوليين قبل ذلك، وهو ما ظهر واضحا في إتفاق القاهرة الذي تم إبرامه بين رافائيل غروسي، المدير العام للوکالة الدولية للطاقة الذرية وبين عباس عراقجي، وزير خارجية النظام، وهو إتفاق يظهر واضحا بأنه قد أنهى مرحلة الهزل والعبث للنظام ووضعه أمام الواقع المر وجها لوجه.

من هنا، وعلى أثر توقيع إتفاق القاهرة الذي مع کونه هشا ومٶقتا، لکنه أعاد الملف النووي للنظام مرة أخرى الى الواجهة وجعله مرکز إهتمام السياسة الدولية، وفي الوقت الذي يحاول فيه النظام الإيراني استخدام الغموض وعدم المرونة كأدوات للمساومة السياسية بهدف الخلاص من تداعيات آلية الزناد أو تأجيلها، تشدد القوى الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية على الشفافية والتعاون الكامل. إن الفجوة بين هذين النهجين، التي تعود جذورها إلى بداية الملف النووي لهذا النظام، قد دخلت الآن مرحلة جديدة؛ مرحلة لا يمكن أن تطول.

ومن دون شك فإنها مرحلة لن تطول، لأن النظام الإيراني ومهما بذل من مساع ومحاولات فإنه لا يتمکن من الهروب من جوهر القضية وفحواها الاساسي الکامن في المطالب الدولية بخصوص تخصيب اليورانيوم الذي وصل الى درجة ومستوى لا يمکن للبلدان الغربية بشکل خاص التزام الصمت حياله ويجب أن يحسم هذا الموضوع وحسمه لن يکون إلا بتقديم النظام لتنازلات أقل ما يقال عنها موجعة وهو يعلم آثار وتداعيات ذلك على الشارع الإيراني الذي من الممکن جدا أن يکون هذا التنازل بمثابة الشرارة المطلوب لإشعاله. 

ومن الجدير بالذكر أن هذا الموضوع قد لفت انتباه المتحدثين في التجمع والمظاهرة الكبيرة للإيرانيين في بروكسل بتاريخ 6 سبتمبر. ومن بينهم مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق، الذي قال في جزء من كلمته حول برنامج النظام النووي، مخاطباً الإيرانيين في الداخل والخارج: "أنتم لستم وحدكم. لم تُنسوا. إن يوم حريتكم أقرب الآن من أي وقت مضى. الشعب الأميركي، ومعه الملايين في العالم الحر، يقف إلى جانبكم حتى يتحقق ذلك اليوم".

وأشار بنس إلى أنّ عام 2025 شكّل نقطة تحول مصيرية، قائلاً: "لقد حُرم النظام من أخطر أداة ترهيب كان يملكها، أي البرنامج النووي، بفضل الضربة الحاسمة للقوات المسلحة الأميركية، وأصبح الشعب الإيراني أقرب إلى الحرية من أي وقت مضى".

وختاماً؛ أن الإيرانيين المناصرين للمقاومة الإيرانية، سينظمون مظاهرات خلال يومي 23 و 24 أيلول (سبتمبر)، بالتزامن مع عقد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وخطاب مسعود بزشكيان، الرئيس الدمية لخامنئي، في هذه الجلسة. صرخة الإيرانيين واحتجاجهم هي أن الشعب الإيراني يرفض هذا النظام برمته، ويعترضون على قبول الوفد الإيراني في اجتماع الجمعية العامة، ويطالبون بإسقاط هذا النظام القمعي وصاحب الرقم القياسي في الإعدامات. كما أن الإيرانيين والمقاومة الإيرانية يطالبون ببلد غير نووي وديمقراطي، ويدعون إلى السلام والأمن في بلادهم والمنطقة. وهو أمر يتناقض بشكل صارخ مع الطبيعة المغامرة لنظام ولاية الفقيه المستبد.