د. عمر الزيود يكتب لـ(اليوم الثامن):

النظام الإيراني وتهريب المخدرات: تهديد متصاعد للأردن

لا تُشكل تجارة المخدرات التي يستخدمها النظام الإيراني كأداة خطيرة لتقويض استقرار دول الجوار فحسب بل هي حرب مباشرة على المجتمعات، وقد استهدفت هذه التجارة جميع شعوب المنطقة بما في ذلك شعبنا في الأردن، لقد كانت ولا زالت حرباً شعواء موجهة ضد أبنائنا من خلال شبكات تهريب منظمة تستهدف زعزعة الأمن الاجتماعي والأمن الوطني العام، وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا مقلقًا في تدفق المخدرات خاصة حبوب الكبتاغون ومادة الكريستال وغيرها عبر الحدود السورية إلى الأردن بدعم واضح من ميليشيات مرتبطة بطهران.. حتى أن سوريا في حينها باتت مركزا لصناعة واستقبال وتوزيع المخدرات.

سوريا؛ مركزاً لـ إنتاج وتهريب المخدرات

منذ بدء الأزمة السورية تحولت سوريا إلى مركز رئيسي لإنتاج وتصدير الكبتاغون، وهو مخدر اصطناعي رخيص وذو تأثير قوي.. وتُظهر تقارير أمنية أن ميليشيا حزب الله بدعم من الحرس الثوري الإيراني تُدير عمليات تصنيع وتهريب هذا المخدر انطلاقًا من مناطق جنوب سوريا مثل درعا والسويداء، وتُستخدم وسائل متطورة في التهريب مثل الطائرات المسيرة إلى جانب الاعتماد على جماعات محلية مدعومة بتمويل وتسليح إيراني.

التحدي الأمني في الأردن

تشهد الأردن ضغوطًا متزايدة نتيجة تصاعد عمليات التهريب عبر حدودها الشمالية، وفي الآونة الأخيرة أحبطت السلطات الأردنية محاولات تهريب ملايين الحبوب المخدرة، وخاضت اشتباكات مسلحة مع مهربين مزودين بأسلحة متطورة، وتؤكد المعلومات الأمنية أن هذه العمليات ليست عشوائية؛ بل تُدار من خلال شبكات منظمة تحظى بدعم سياسي وعسكري من النظام الإيراني مما يجعلها تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأردني.

المخدرات كأداة سياسية

يستغل النظام الإيراني تجارة المخدرات ليحقق من خلالها إنجازات أمنية واقتصادية وسياسية، وتُعتبر هذه التجارة مصدر دخل غير مشروع لتمويل ميليشياته، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية التي تضرب اقتصاده حتى أصبحت القدرات المالية لهذه الميليشيات تعادل قدرات الجيوش النظامية، وتشير تقارير دولية إلى تورط الحرس الثوري بشكل مباشر في إدارة هذه الشبكات حيث تُستخدم الأرباح لدعم العمليات الإقليمية، والهدف الأساسي هو نشر الفوضى وزعزعة استقرار كل دول المنطقة ومنها الأردن التي تُعدّ حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة ودول الخليج.

استمرارية الاستراتيجية الإيرانية

اليوم وحتى في ظل التحولات السياسية المحتملة في سوريا تُظهر المؤشرات أن إيران تسعى لتثبيت نفوذها عبر شبكات التهريب التي أسستها على مدار سنوات، ويعمل الحرس الثوري على تمكين جماعات محلية وإجرامية لضمان استمرار تدفق المخدرات والأسلحة مستخدمًا المناطق الحدودية كأداة للضغط على دول الجوار.

الاستجابة الأردنية والإقليمية

تبذل الأردن جهودًا حثيثة لمكافحة التهريب، ولكن حجم التحدي يتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا أكبر، وقد دعت عمان إلى تعزيز التنسيق مع دول مثل السعودية والعراق لتفكيك هذه الشبكات من جذورها.. كما طالبت المجتمع الدولي بفرض ضغوط أقوى على النظام الإيراني لوقف دعمه لهذه الأنشطة، وتشير تقارير إلى أن تفشي المخدرات بدأ يؤثر على المجتمعات المحلية في جنوب سوريا مما ينذر بمزيد من الاضطرابات.

كانت عملية تهريب المخدرات بمثابة سلاح استراتيجي للنظام الإيراني موجها من أجل توسيع نفوذه وتهديد أمن واستقرار الأردن، ولم يكن الأمر في حينها مقتصراً على توزيع وتهريب المخدرات بل والسلاح أيضاً، ولا زالت جيوب مليشيات وعصابات المخدرات تتمركز على الأراضي السورية، وحتى تتمكن السلطات السورية الجديدة من بسط سيادتها الكاملة على كامل الأراضي السورية ستواجه المملكة تحديًا متصاعدًا يتطلب نهجًا شاملًا يجمع بين الإجراءات الأمنية والتحركات الدبلوماسية والتعاون الإقليمي، وبدون مواجهة حاسمة ستظل المخدرات المتدفقة من أيٍ من مناطق النفوذ الإيراني تهدد المجتمعات وتُغذي الفوضى بغض النظر عن المتغيرات السياسية الحالية في سوريا.

د. عمر الزيود/ نائب برلماني أردني سابق