إيران بين المطرقة الأوروبية وسندان الأزمات..
أوروبا تهدد إيران بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة: استئنفوا المفاوضات فورًا
طالبت هذه الدول طهران بالعودة الفورية إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، مهددةً بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة القاسية في غضون ستة أسابيع إذا لم يتم ذلك. يأتي هذا الإنذار في وقت حرج، حيث تواجه إيران تحديات داخلية متفاقمة تتراوح بين القمع الشديد والتدهور الاقتصادي، مما يضع مستقبلها السياسي والدبلوماسي على المحك.

إيران تواجه ضغوطًا أوروبية لاستئناف المفاوضات النووية

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، حذرت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة النظام الإيراني من أنه يجب عليه استئناف المفاوضات الدبلوماسية بشأن برنامجه النووي على الفور، وإلا فإن الدول الأوروبية ستعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران خلال الأسابيع الستة المقبلة. ويأتي هذا التحذير في وقت تواجه فيه إيران أزمات داخلية متفاقمة، تتراوح بين القمع الوحشي للشعب والتدهور الاقتصادي، مما يجعل البحث عن بديل سياسي ديمقراطي أمرًا ملحًا.
صرّح عباس عراقچي، وزير خارجية النظام الإيراني، يوم الجمعة 18 يوليو، أن بدء المفاوضات مشروط باستعداد الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق "عادل ومتوازن ومفيد للطرفين". وأشار عراقچي، خلال مناقشته مع وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ورئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إلى أن على أوروبا أن تتصرف "بمسؤولية" وتتخلى عن "سياسات التهديد والضغط القديمة، بما في ذلك آلية العودة السريعة (snapback)". وبحسب وكالة رويترز، كانت هذه المحادثة هي الأولى منذ الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية في منتصف يونيو على المنشآت النووية الإيرانية. وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن الدول الأوروبية حثت إيران على العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي "قابل للتحقق ومستدام".
تُعدّ فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، إلى جانب الصين وروسيا، الدول المتبقية الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة - JCPOA)، والذي رفع العقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي. ووفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي، من المقرر أن ينتهي الاتفاق في 18 أكتوبر، لكن يمكن إعادة فرض العقوبات قبل هذا التاريخ من خلال آلية "العودة السريعة"، وهي عملية تستغرق حوالي 30 يومًا. وقد كررت الدول الأوروبية تحذيراتها من أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد، فإنها ستفعّل هذه الآلية لإعادة جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران.
منذ الغارات الأمريكية والإسرائيلية على إيران خلال حرب الـ12 يومًا، غادر مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) البلاد، مما زاد من تعقيد مراقبة البرنامج النووي الإيراني. وعلى الرغم من إشارات مسؤولي النظام الإيراني إلى استعدادهم للعودة إلى الدبلوماسية، لا توجد مؤشرات على استئناف وشيك للجولة السادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن. وقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن النظام الإيراني "متلهف جدًا" للتفاوض، لكنه أضاف أنه "ليس في عجلة من أمره" للتحدث مع طهران.
تشير جميع المؤشرات الداخلية والدولية إلى ضرورة وجود بديل سياسي ملموس للنظام الديني في إيران، خاصة مع تصاعد القمع الداخلي وتدهور الأوضاع الاقتصادية. يدرك النظام نفسه هذا الواقع، ولهذا يركز جهاز الدعاية الحكومي، بالتنسيق مع وزارة الاستخبارات، على حملات تضليل مكثفة لتشويه سمعة منظمة مجاهدي خلق، التي تُعد القوة المنظمة الوحيدة القادرة على تقديم بديل حقيقي للنظام الحالي. في المقابل، يكتسب "الخيار الثالث" الذي يطرحه المجلس الوطني للمقاومة—الذي يرفض الحرب والاسترضاء معًا—زخمًا كبيرًا كالمسار الوطني والمستقل الأكثر جدوى. هذا الخيار يقوم على رفض نظام ولاية الفقيه ويقدم رؤية لجمهورية ديمقراطية علمانية، تستند إلى مبادئ المساواة وحقوق الإنسان، وهو الوحيد القادر على إحلال السلام في المنطقة والتعامل مع جيران إيران بأسلوب سلمي وأخوي.
في ظل غياب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يبدو التوصل إلى اتفاق شامل قبل نهاية أغسطس—الموعد النهائي الذي حددته أوروبا—غير واقعي. ومع ذلك، أعرب دبلوماسيان أوروبيان عن أملهما في التوصل إلى استراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة في الأيام القادمة لتمكين المفاوضات مع النظام الإيراني. إن استمرار التوترات، سواء بسبب العقوبات أو الضغوط العسكرية، يعزز الحاجة إلى حل دبلوماسي يضمن استقرار المنطقة، لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرة إيران على الاستجابة لهذه الضغوط دون مزيد من التصعيد.