أبها ميثاق تكتب لـ(اليوم الثامن):
الصحة في خطر مع ارتفاع درجات الحرارة.. الوقاية تبدأ من المنزل
مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في معظم مناطق اليمن، تتفاقم التحديات الصحية اليومية، لا سيما في ظل الانقطاعات المتكررة للكهرباء وصعوبة الاعتماد على وسائل التبريد، وهو ما يجعل السلامة الجسدية والوقاية من الإجهاد الحراري وضربات الشمس مسألة حيوية لا يمكن الاستهانة بها. في مثل هذا المناخ القاسي، يصبح الالتزام بالإرشادات البسيطة والمتاحة حبل النجاة الذي يفصل بين يوم مريح وآخر قد يحمل مضاعفات خطيرة على الصحة.
في ظل هذه الظروف، يُنصح بالبحث عن أبرد زاوية في المنزل، خاصة تلك البعيدة عن النوافذ أو أشعة الشمس المباشرة. فتح النوافذ ليلًا يسمح بتجديد الهواء، فيما يساعد إغلاقها مع الستائر نهارًا في الحفاظ على البرودة لأطول فترة ممكنة. يمكن الاعتماد على مراوح يدوية أو محمولة، ورش الماء البارد على الجسم، أو وضع قطعة قماش مبللة على مناطق التبريد في الجسم كالعنق والمعصمين. هذه الوسائل البسيطة والمجربة فعالة بشكل يفوق التوقعات في خفض حرارة الجسم.
الخروج خلال أوقات الذروة، وتحديدًا بين الساعة العاشرة صباحًا والرابعة عصرًا، يمثل مخاطرة لا يُستهان بها. فمن الأفضل تأجيل الأنشطة الخارجية إلى المساء أو الساعات الأولى من الصباح. وإذا دعت الضرورة للخروج في وقت الظهيرة، فيجب ارتداء ملابس قطنية فضفاضة وفاتحة اللون، مع استخدام واقٍ من الشمس لتجنب الحروق الحرارية.
الترطيب عنصر أساسي للحفاظ على توازن الجسم، لذا يُنصح بشرب الماء باستمرار وعدم انتظار الشعور بالعطش، فالجفاف قد يتسلل دون إشارات واضحة. وينبغي التقليل من المشروبات المنبهة أو السكرية، التي تُسهم في زيادة فقدان السوائل. وتُعد الفواكه الغنية بالماء، كالبطيخ والخيار، بدائل ممتازة لتعويض ما يفقده الجسم من سوائل.
في هذا السياق، تلفت الأخصائية النفسية الدكتورة حميدة سليمان إلى أن الجسم، أثناء الموجات الحرارية، يبذل مجهودًا إضافيًا للحفاظ على درجة حرارته، ما يرفع من حاجة الفرد إلى الراحة وتقليل النشاط البدني. لذا، من المهم تجنب أي مجهود بدني شاق، وخاصة الأعمال اليدوية أو التمارين في الأماكن المكشوفة خلال ساعات النهار. وفي حال ضرورة القيام بنشاط بدني، يُفضّل أن يكون في ساعات الصباح الباكر أو ما بعد غروب الشمس، مع فترات راحة متكررة وتناول كميات كافية من الماء قبل وأثناء وبعد المجهود.
من جهة أخرى، لا بد من التنبه لأي علامات تشير إلى بداية إصابة محتملة بالإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، مثل الدوخة، الصداع، الغثيان، التعرق الشديد أو توقفه، وتشنجات العضلات. هذه الأعراض لا يجب التهاون معها، بل تستدعي التدخل السريع وطلب المساعدة الطبية فورًا، خصوصًا لدى كبار السن والأطفال وذوي الأمراض المزمنة الذين يُعدون الأكثر عرضة للخطر.
إن مواجهة الصيف في اليمن لا تتطلب معجزة، بل وعيًا مجتمعيًا بسيطًا، وتدابير واقعية قابلة للتطبيق في مختلف البيئات. ويمكن من خلال هذا الوعي تجنب كثير من المخاطر الصحية الموسمية التي غالبًا ما تمر بلا توثيق أو تدخل. فالصحة مسؤولية فردية ومجتمعية في آن واحد، والتعاون في نشر المعرفة والتوعية يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا.
ختامًا، ندعو نحن في مؤسسة "اليوم الثامن للإعلام والدراسات" جميع المواطنين والجهات ذات العلاقة إلى نشر الوعي المجتمعي حول تدابير السلامة خلال موسم الصيف، وتعزيز ثقافة الوقاية كأساس لحماية الأرواح في ظل الظروف المناخية القاسية، والمساهمة في تقليل المخاطر على الفئات الهشة. فالصيف لا يمكن تفاديه، لكن يمكن التعايش معه بأقل الخسائر، إن أحسنا الاستعداد.