ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

الوجود الأميركي ضرورة الاستقرار

نيويورك

تعيش منطقة الشرق الأوسط على صفيح التفجير والإعتداءات المسلحة ليس فقط في قطاع غزة وإنما امتد لهيب وعصف الانفجار الذي تسببت مغامر حماس الإخوانية في 7 أكتوبر 2023، ومع انضمام مجانين آخرين الى المغامرة عبر الإسناد العسكري وتحديداً ما قامت به تلك الميليشات الحوثية في اليمن من اعتداءات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتحديداً عبر استهداف السفن المتجهة الى إسرائيل وفي مرحلة لاحقة الى أوروبا ودول شرق المتوسط عبر باب المندب، ومع اتساع اعتداءات تلك الجماعات وخصوصا ما اسموه المقاومة العراقية والحشد الشعبي عبر إرسال المسيرات والتي استهدفت القواعد الأميركية في إطار التوهم ان ذلك سيشكل عامل ضغط على الولايات المتحدة من أجل إعادة النظر في انتشار قواتها في منطقة الشرق الأوسط ناهيكم عن الضغط على إسرائيل من أجل إيقاف الحرب ، غير ان الاستهدافات التي طالت القوات الأميركية في سوريا والأردن على وجه التحديد دفع واشنطن الى اتخاذ قرارها في الإستمرار في التواجد في المنطقة ، لا بل ذهب بعض المراقبين الى مطالبة القيادة الأميركية بجناحيها المدني والعسكري الى تعزيز الوجود الأميركي في المنطقة ، وفي هذا السياق أعلن المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، أن الولايات المتحدة ستواصل العمل والحفاظ على الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، خصوصا في ظل ما تسببت به الحرب بين إسرائيل وحماس الإخوانية في قطاع غزة، وما انعكس كما ذكرت سابقاً الى انتشار حالة من انعدام الاستقرار في المنطقة ، لاسيما وانه طال العديد من الدول في المنطقة، نتيجة انضمام الميليشات التي تدور في الفلك الإيراني الى حلبة الصراع وخصوصاً الحوثي الذي توهم انه قادر على الايذاء كم يؤذي الشعب اليمني فكان ان ارسل الطائرات المسيرة في اتجاه ايلات في جنوب إسرائيل ناهيكم عن ارساله الصواريخ البالستية العمياء كما عقول قيادته ومن يشجعه على الأفعال .

وفي المعلومات انه ومنذ 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 قامت الميليشيات الحوثية بالاستيلاء والاعتداء على عشرات السفن التجارية عبر التعرض لها بالمسيرات المسلحة والصواريخ ، وذلك ما تسبب في تعطل الملاحة في البحر الأحمر من جهة باب المندب وخليج عدن ، إضافة الى ارتفاع التكاليف المالية للشحن ما أدى الى نشوء أزمة إقتصاديةنتيجة ارتفاع الأسعار.

من هنا وانطلاقاً من حرص الولايات المتحدة على الاستقرار وإعادته الى المنطقة وحفاظاً على المصالح الاقتصادية العالمية، الى انشاء حلف اطلق عليه "حارس الازدهار" من أجل ردع الميليشيات الحوثية واعادته الى صوابها، كما وجهت واشنطن الاتهامات الى طهران بتزويد تلك الميليشياتالحوثيين بالأسلحة والتمويل وهذا ما تنفيه طهران وان كانت الوقائع تؤكده حتى تصريحات قيادة الحوثي فاخرت أكثر من مرة بالدعم الذي تتلاقاه من إيران، فكان ان قام حارس الازدهار بشن غارات على الموقع الحوثية وتلك التي تتواجد في العراق وتورطت خدمة للأجندة الإيرانية باستهداف القواعد الأميركية في العراق وسورية.

هذا وتشير الأرقام ان الجيش الأميركي تعرض لأكثر من100 هجوم على الأقل في العراق وسوريا، كما تعرض مجمع السفارة الأميركية في بغداد لإستهداف في كانون الأول (ديسمبر)2023، وقتل ثلاثة أفراد في الخدمة الأميركية في قاعدة البرج 22 بعد ان استهدفتهم طائرة بدون طيار، ما دفع القوات الأميركية الى تنفيذ أكثر من 80 ضربة ضد الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة لهفي العراق وسورية.

ونتيجة تلك التطورات العسكرية في المنطقة واستهداف القوات الأميركية رأى  محللون ان الهجوم الذي استهدف القاعدة الأميركية في الأردن هو النتيجة الواضحة والمتوقعة للردود الأميركية الباردة تجاه أكثر من 150 هجوماًتعرضت له القوات الأميركية في سوريا والعراق، وأنه نتيجة التراخي الأميركي ما دفع تلك الميليشيات الى التجرؤرغم انه يؤكد المحللون ان القوات الأميركية قادرة على الرد وصد تلك الهجمات.

وفي سياق متصل كشف النقاب عن أن الولايات المتحدةبدأت مع العراق بإجراء محادثات قد تؤدي إلى انسحاب القوات الأميركية، في حين أن بعض أعضاء إدارة الرئيس بايدن يفكرون بالانسحاب حتى من سوريا، وهذا ما يستغربه المراقبون ، فيما المطلوب تعزيز الوجود للحفاظ على المصالح الاقتصادية وحتى السياسية للولايات المتحدة، وهذا التوجه أكده الجنرال الأمريكي المتقاعد، كينيث ماكينزيحيث قال أن التفكير في إنهاء وجود القوات الأميركية في المنطقة، يمكن أن يضر بشكل خطير بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، و يعطي الأمل لطهران بأن تنجح في تحقيق هدفها والمتمثل في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، وهذا ماذهب اليه العديد من المحللين بأنه ينبغي اتخاذ قرار رئاسي (أميركي)، ويتمثل في الالتزام بإبقاء القوات الأميركية سواء في العراق أو سوريا، وأن ذلك مهم للغاية لجهة منع داعش من استعادة دورها التخريبي، وأن الانسحاب الأميركي سيكون مثال آخر على الضعف الأميركي الذي لن يتردد الخصوم في استغلاله ، ولا يجب إعطاءهم هكذا فرصة.