د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

فلسطين بين الواقع والمأمول

رغم حرب الإبادة و الظلم الجائر والانتهاكات الغير إنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة تظهر للعالم بشاعة الطاغوت الأمريكي – الغربي وربيتهم إسرائيل اللقيطة ومحاولاتهم غرسها وتثبيتها في أرض الجهاد والرباط فلسطين ويأبى ذلك الله ورسوله والمؤمنين ذلك ما بقي رجل حي في فلسطين بل وما زال العالم يسمع صراخ الجنين منذ الولادة حتى حمل السلاح للجهاد ضد تلك العصابة اللقيطة ولو امتد بهم كفاح الأجيال حتى قيام الساعة كما يأمل الصهاينة ذلك في رواياتهم الأسطورية والخرافية وسنقوم بطرح هذه الأسئلة الافتراضية واجوبتها من ارض الواقع اليوم.

السؤال :
هل تنفق قوى الشرّ في هذا العالم الأموال الطّائلة وتستنفر وسائل الإعلام العامّة والخاصّة، لتشغلنا عن قضايا أمّتنا؟ وهل تبعدنا عن المعركة الحاسمة التي يخوضها المرابطون في أرض الإسراء؟ 
الجواب:
 إنّهم يخطّطون بمكر لينسونا قضية غزّة، وتصبح أخبارها مثل أخبار كأس أفريقيا وكأس آسيا !!
 فلسطين هي أرض الرّباط وهي شريان حياة قلوبنا وحياة أمّتنا في هذا الزّمان، ووالله لئن قطعنا هذا الشّريان لنكوننّ نحن من يموت، المرابطون قد تكفّل الله بتثبيت أقدامهم رغم الخذلان حتّى يأتي أمر الله، ونحن من نخسر إن قطعنا صلتنا بأرض الجهاد والرباط
أغلب المسلمين يتفاعلون مع قضايا إخوانهم، ويتألّمون لجراحهم، بعض الوقت، ويصرخون بأعلى أصواتهم يستجْدون حكام الأمّة ليفعلوا شيئا، لكنّهم لا يلبثون طويلا حتى يصابوا بالفتور، وتصبح أخبار الإبادة والمجازر عادية في يومياتهم، وربّما يمرّ الواحد منهم على خبر قتل العشرات في قصف صهيونيّ، فيقطّب جبينه ويحرّك لسانه ببعض الكلمات، ثمّ يمرّ بعدها مباشرة إلى أخبار كرة القدم ونتائج مباريات هذا الدوريّ أو ذاك، وربّما يمرّ على منشورات ومقاطع الضّحك، فيضحك ملء شدقيه، وينسى ما مرّ به من أخبار إخوانه المكلومين !!


السؤال :
هل مشروع إسرائيل الكبرى لم يعد حلما تلموديّا أو بندا سريّا على قائمة بروتوكولاتها الخفيّة منذ مؤتمر بال بسويسرا في 1897؟ 
الجواب:
 بل هو واقع ميداني تنفذه بقوة النار والدمار ضد إرادة الجميع، وكل الآليات الدولية المنوط بها حفظ الأمن والسلام الدوليين ليست في نهاية المطاف سوى أدوات جائرة، لإسنادها في معركتها الوجودية باسم حق الدفاع عن النفس، أو في حالة شلل وظيفي يتيح لها العربدة العسكريّة أمام شعب أعزل .
وفي كل الأحوال، لم نكن لنصدق وعود الأمريكيين بـ”حلّ الدولتين”، مع أنه ليس منصفًا تاريخيّا للقضية، ليقيننا أن الغرب لن يسمح بذلك، لأن وجود دولة فلسطينية كاملة السيادة هو قرار خطير ضد المشروع الصهيوني الذي يرعاه في المنطقة، وكل ما يسوّقه بهذا الصدد يبقى مجرد ذر للرماد في عيون العرب !!
السؤال :
هل إسرائيل تحاول تبريرَ سياساتها وجرائمها طَوال 75 عامًا، باعتبار أن شعبها كان ضحية إبادة جماعية تواجه الآن المحاكمة بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم أجمع ؟
الجواب:

 نعلم أن الولايات المتحدة -وهي الشريكة والداعمة الرئيسية لهذه الجريمة ستتدخل لو أعلنت المحكمة الدولية أن إسرائيل مذنبة، وستستخدم حق النقض (الفيتو)؛ لحمايتها في مجلس الأمن !!
وهذا لن يمنع وصول القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يمكن المطالبة بتعليق عضوية إسرائيل. وبغض النظر عن النتيجة، فإن مجرد وضع إسرائيل في هذا الموقف الدفاعي المستمر يمثل مكسبًا كبيرًا للقضية الفلسطينية .
ويزيد من قوة القضية ،أن جنوب أفريقيا التي رفعتها، لا يشكل المسلمون أكثر من 2% من سكانها. وهذا يدحض السردية الإسرائيلية الاختزالية التي تقدم القضية الفلسطينية باعتبارها صراعًا بين الإسلام والغرب المسيحي الحديث. وتعيد تقديمها بأبعادها الحقيقية كمسألة إنسانية عالمية !!
السؤال :
هل فشلت 22 دولة عربية و57 دولة إسلامية في القيام بمبادرة كما فعلت جنوب افريقيا ؟ 
الجواب:
موقف جريء ونبيل يسجل لجنوب أفريقيا التي تربى هذا الجيل من أبنائها في مدرسة نيلسون مانديلا بموقفه التاريخي من نظام الفصل العنصري الأبيض، وقد اختار هؤلاء الوقوف إلى جانب المقاومة العظيمة والنبيلة لسكان غزة وأطفالها ضد القمع والاحتلال والأيديولوجية الصهيونية والهيمنة العالمية والإبادة الجماعية، فشهادةُ هؤلاء – الذين عاشوا تجارب مماثلة من الاضطهاد – أكثرُ إحراجًا لإسرائيل، بل وتقتلع الخرافات التي تأسست عليها من جذورها !!
د . علوي عمر بن فريد