د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

لن تغرب شمسك يا مغربنا الحبيب !!

رغم فاجعة الزلزال في المغرب ..ورغم  الألم  وفقد آلاف الأرواح ، وتشرد مئات  العائلات، وحرقة الانتظار لمن يخرج  مَن تحت الركام حيا أو ميتا ، انه وجعٌ لا يشبهه وجع ونحن  نتذكر الزلزال الذي  دمّر قرىً بأكملها، وأكثر من نصف مبانيها وسكانها، في فاجعة عالمية، لم تحدث منذ قرون .  
كيف بنا يا مغرب العروبة ان ننسى.. كيف لنا ان نتجاوز تلك المشاهد الإنسانية التي أطاحت بنا جميعا، بين خوف وقلق وتوتر ومتابعة للأخبار والقصص المفجعة التي اجتاحتك ومست كل مواطن مغربي ، لم تغمض جفونهم للحظة انتظارا لمزيد من الناجين، وبحثا عن مكان آمن لمن هم يلتحفون  السماء  حيث اختلطت الدموع بركام البيوت والأطلال ، لتعلن للعالم أن  مدن أصابها الدمار، واوجعها الفقد ،مراكش ،مولاي إبراهيم،  وأغادير.. وقرى جبلية مشيدة  في سفوح الأطلس ومعلقة كالنجوم أصابها الزلزال، وهي عمق المغرب و تاريخه الكبير .
(مراكش) التي بناها المرابطون، وتارودانت أقدم وأعرق مدن المغرب، وسورها ثالث أعظم سور أثري في العالم) بعد سور الصين العظيم .
كم هي مؤلمة  شواهد  التاريخ التي اندثرت تحت الركام، لكننا لن ننساه ، لا بل سيبقى وستعود المغرب لتقف من جديد ومعها شواهق جبال الأطلس الكبير حيث تتمازج مدن العرب والأمازيغ) كما تتمازج الرياح والأشجار!!
ومنارات  المساجد عالية أبية لازالت ترفع الأذان ويتردد صداه في سفوح الجبال، ولا زالت أصوات الصبية الصغار تردد آيات من الذكر الحكيم  في كتاتيب القرآن ،والمدارس العلمية العتيقة .
التي يعبق بها عمق المغرب الثقافي والعلمي والديني، المغرب الإسلامي الأصيل الشامخ الذي تذكره قصص التاريخ، وترويه حكايات الأجيال .
وإذا نظرنا نقول أن ما دفن تحت التراب والردم والحجارة، وما دمّره الزلزال ليس أجسادا بشرية فقط، وإنما تاريخ وحضارة من الأمجاد، ومدن من الأرث الثقافي والديني وشعب مثابر كريم عظيم، بني على اسس دينية اسلامية عربية أصيلة، لونته شمس المحيطات بالسمرة وصفاء الأمواج، وشدة بأسها حتى لا تغيب شمسك يا مغرب .
شمس المغرب ستبقى ساطعة، وسيبقى الوجع حاضرًا، مثابرا على إعادة البناء، فلا يزال ابناء مغرب الشرق والغرب، يحفرون بأيديهم ومعاولهم، لينتشلوا جثثا ويبحثوا عن ارواح ربما لا تزال تنبض .
شمس المغرب وراياته  ستبقى خفّاقة، تقاوم الألم ورجاله الأشاوس  يعضون على جروحهم الدامية  ويمضون كالأسود، وهم يترحمون ونترحم معهم جميعا على أحبائهم وعلى من غاب ودفن تحت الانقاض، لن نعدّ ونحصي، فهي مجرد أرقام، لكننا نبكي ارواحا وأطفالا وجيلا حصد مأساة الزلزال، ومدنا توشحت بالسواد، وقرىً سوّيت بالأرض، وتحتها قصص وحكايات لن يمحيها التاريخ ولا الردم، ولا النسيان ولا الزمن .
ستبقى شمسك يا مغرب العروبة  هنا في القلب وفوق الرأس، وسيبقى شعبك يحمل صبره وألمه ويستمر بالبناء، وستعود الحياة، وستتلون حكاية الناس بقصص تكون قد رويت من قبل لمن بقوا أحياء وخرجوا أحياء من وسط الركام  ، وستعود شمس المغرب تسطع وتشرق من جديد .
علوي عمر بن فريد