افتتاحية حركة مجاهدي خلق:
إيران... خيبات متلاحقة
تتزايد تحذيرات اوساط الإيراني من اخفاقات المشروع الذي نصب ابراهيم رئيسي لتنفيذه، وتعيد الى الاذهان فشل رهان الولي الفقيه حين وقف منتشيا بالتنصيب، حديثه عن الجراحة التي اجراها في جسد النظام المهترئ، ووصفه لها في ذلك اليوم بانها “بداية نظامٍ مباركْ” جاءت من قلب حركة إنتخابات ذات مغزى.
يعلق نجل رفسنجاني والرئيس السابق لمجلس مدينة طهران محسن هاشمي على الانهيار الاقتصادي والوعود الفارغة التي يقدمها رئيسي للحد من تهاوي التومان بأن معدل التراجع في قيمة العملة الوطنية خلال العامين الاخيرين اكبر من المعدل الذي كان عليه في الفترة ما بين حكم القاجاريين وبداية الحكومة الثالثة عشرة، فقد كانت قيمة الدولار 23 الف تومان لدى تولي حكومة رئيسي مهامها ووصلت الى 50 الفا قبل اكمالها عامها الثاني.
يؤكد مهدي نصير المدير السابق لصحيفة كيهان على فشل الورقة الأخيرة للولي الفقيه ـ ورقة توحيد الحكومة ـ مما يعني انه لم يبق أمام النظام سوى تجرع السم، يعرب عن امله في “أن يتجرع المسؤولون كأس سم الإتفاق النووي على نحو عاجل” ويشير الى انهم سيجبرون على تجرعها إذا لم يتخذوا مثل هذا القرار في مأزقهم الراهن.
ويغمز احمد زيد ابادي المحسوب على التيار المهزوم من قناة خامنئي حين يشير الى نعته لقادة المملكة العربية السعودية بـ “الحمقى” و “الأشخاص غير اللائقين” و “البقر الحلوب” في يونيو 2017 وازالته اسم الشيخ نمر من شارع القنصلية السعودية في مشهد استجداء لتطبيع العلاقات مع السعودية، ويتوقع إن يكون تغيير إسم الشارع بداية تتلوها ازالة اسم الإسلامبولي، ومن غير المستبعد منع ذكر اسم الشيخ قاسم في وسائل الإعلام.
في إشارة إلى منزلقات الطريق التي يمشي فيها نظام الولي الفقيه تقول أقرب دوائر خامنئي ساخرة ان اياما مريرة ومؤلمة تنتظر الثوار الكبار، وتربط المصير المتوقع لحكم الولي الفقيه بالأزمة الاقتصادية، دعوة خامنئي المتكررة لتجرع سم الماضي، وفشل مشروع المجيئ برئيسي.
يرى عضو مجلس تشخيص النظام محمد رضا عارف مقدرة الشعب الذي جاء بالمسؤولين الى السلطة على سحلهم ارضا، بعيدا عن مجدها، محذرا من رسم خطوط وعلامات للايرانيين.
كانت لخامنئي حساباته المتعلقة بمنع الانتفاضة حين جاء برئيسي، لكن الظروف الموضوعية ـ المتمثلة بالازمة الاقتصادية، ازمات النظام مع المجتمع الدولي، وجود الطليعة الثورية للشعب الايراني، وحدات المقاومة التابعة للمقاومة الإيرانية التي الهبت الشارع في انتفاضات الغلاء، فاجعة انهيار مبنى متروبل في آبادان، واستشهاد مهسا أميني ـ اشعلت النيران التي احرقت “البداية المباركة” واوصلتها الى الجحيم.
تشهد ايران منذ 3 ابريل الحالي موجة جديدة من تسميم تلميذات وتلاميذ المدارس بعد قرابة شهر من توقف الموجة الاولى، بدأت في مدينتي نقدة وتبريز لتمتد إلى مدارس في أصفهان وقم وكوهنجان سروستان وبيرانشهر وسنندج وديواندره وسقز وقزوين وأردبيل وهفتكل والأهواز وأرومية، وبرديس في طهران.
تفيد التقارير بوفاة تلميذ في طهران وارسال المئات الى المستشفيات، في الوقت الذي يحاول المسؤولون في نظام الملالي النفي، حيث صرح وزير الداخلية احمد وحيدي بان الخبر غير مؤكد وينبغي إجراء تحقيق أكثر تفصيلاً، وأظهر مساعد وزير الصحة تواطؤ وزارته في الجريمة قائلا “كانت هناك منشطات تنفس لأقل من 10٪ من الطلاب” واعاد اسباب التداول في القضية الى ما وصفه بالإثارة، وخلق جو إعلامي.
تأتي هذه الإنكارات بعد ظهور الولي الفقيه في 6 مارس ـ اثر مرور 3 أشهر على بدء سلسلة التسميم في عشرات المدن ومئات المدارس ـ ووصفه للتسميم بالجريمة الكبرى التي لا تغتفر، ومطالبته الاجهزة المسؤولة بالبحث عن العقل المدبر للجريمة إذا كانت هناك ايد متورطة بالفعل.
اوحت تصريحات الولي الفقيه عن “العوامل والأسباب”، “الأوامر والمسؤولون” بان وراء الجريمة عصابات محلية تعمل بعشوائية، وفي برنامج تلفزيوني جلبوا واحدة أو اثنتين من التلميذات ليعترفن بأن التسمم كان من عملهم، واللافت للنظر هدوء عملية التسمم بعد تدخل خامنئي، مما اضطر بعض نخب ووسائل اعلام النظام للاعتراف بهذه المفارقات.
بين هذه الاعترافات ما جاء على لسان عضو البرلمان يحيى ابراهيمي في الايام الاخيرة من العام الماضي حين قال بوضوح “إنهم يلقون هذه القنابل على مدارس البنات فقط، يفعلون ذلك على نطاق محدد، بأهداف محددة” مشيرا الى تعرض 26 مقاطعة و 245 مدرسة لهذه الجرائم، ومؤكدا على انعدام الصدق واخفاء الامر عن الناس.
اعتاد دكتاتور الولاية المنهكة على ارتكاب الجرائم والممارسات الوحشية للابقاء على نظامه، بدء من الاعتداء بالأحماض على النساء والفتيات، ومرورا بالنشر المتعمد لفايروس كورونا من خلال حظر استيراد اللقاحات، دفعته خشيته من الانتفاضة وغضبه من الدور القيادي للفتيات والنساء الى موجة التسميم الاولى، وها هو يلجأ إلى تسميم الطلاب بسبب عجزه عن الحد من احتجاجات الشعب الايراني .
خوف الولي الفقيه من تأجيج الانتفاضة يدفعه الى استئناف الجريمة الكبرى التي لا تغتفر، لكن اللجوء إلى مثل هذه الاساليب المكشوفة يضع نظامه في عين العاصفة وامام غضب الشعب الإيراني الذي اطلق صرخته الرافضة لوجود حكومة تقتل الاطفال واظهر اصراره على دفن خامنئي تحت التراب.
ودعت السيدة رجوي مرة أخرى لجنة تقصي الحقائق الدولية ومنظمات الأمم المتحدة ذات الصلة مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمقرر الخاص لحقوق الإنسان والمقررة المعنية بالعنف ضد المرأة إلى إجراء تحقيقات مستقلة في هذا الصدد واتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الجريمة الكبرى التي استمرت للشهر الخامس.