علي ثابت التأمي يكتب:
في رحاب الحرب
إنها البداية الّتي طال أمدها ودارت رحاها ولم تهتدي إلى بوابة النهاية، وظلت تقتات من أوساط الشعب وتقاسمه رغيفه المعدوم وزاده المتفاني. في رحاب الحرب تطاير الحلم وتلاشأت الأماني وأصبح عظيم الحلم يرتسم بين فطيرة خبز وشربة ماء، أمّا السعادة فقد أوصدت أبوابها بالغلاء الفاحش والوضع السيء.
وبين عيدي أكتوبر ونوفمبر العظيمين حالة من اليأس المحبط والجوع الكافر، ومن خلالهما خطابات تبارك للشعب العظيم أنه سيعانق فجر النصر عمّا قريب والشعب يقتات من براميل القمامة وفضلات المنظمات.
إنَّ الخطابات المزيّفة لا تسد رمق جائع ولا تحرر وطن. لقد ساقنا قدر التحالف وسذاجة الحمقى من أبناء جلدتنا إلى حياة بئيسة تعيسة لم يعرفها شعب الجنوب من قبل، حياة لا يتمنّى فيها الحي إلا الموت.
أصبحنا كما قال الشاعر البرغوثي:
وَيَحْمِلُني كالصَّقْرِ يَحْمِلُ صَيْدَهُ
وَيَعْلُو به فَوْقَ السَّحابِ يُطَاوِلُهْ..
فإنْ فَرَّ مِنْ مِخْلابِهِ طاحَ هَالِكاً
وإن ظَلَّ في مِخْلابِهِ فَهْوَ آكِلُهْ..
في كلا الحالتين نحن ميّتون فاختاروا لنا ميتة كريمة وأخرجونا من نفق الوهم الّذي تخدعونا وتخدعوا أنفسكم به.