تصعيد جديد بالبحر الأحمر..

غارات إسرائيلية على الحديدة ورد حوثي بصواريخ على تل أبيب

أعلن الجيش الإسرائيلي أن العملية جاءت لتعطيل ما وصفه بـ"بنى تحتية عسكرية" تُستخدم لتهريب الأسلحة الإيرانية عبر البحر الأحمر.

صورة من التحذير الإسرائيلي

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن

استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية، ظهر الثلاثاء 16 سبتمبر 2025، ميناء الحديدة اليمني الذي تسيطر عليه ميليشيات الحوثي، مطلقةً عشرات الغارات على بُنى تحتية عسكرية. وأكدت مصادر إسرائيلية أن ضربة قواتها استهدفت “موقعاً تحتياً عسكرياً” تابعاً للحوثيين في الميناء. وقالت إسرائيل إن الحوثيين يستخدمون ميناء الحديدة لنقل أسلحة إيرانية، وأن الهجوم يهدف إلى قطع هذه الإمدادات وتنفيذ حصار بحري وجوي عليهم. وفيما يلي ملخص أهم محطات المواجهة والأحداث المصاحبة:

التحذير والإخلاء قبل الضربات: صدرت نداءات إخلاء عاجلة من الجيش الإسرائيلي قبيل الهجوم، طالب فيها كل المتواجدين في ميناء الحديدة والسفن الراسية فيه بإخلاء المنطقة فوراً حفاظاً على سلامتهم.

تفاصيل الغارات الإسرائيلية: شنت الطائرات الإسرائيلية 12 غارة جوية استهدفت ثلاثة أرصفة تحميل رئيسية في ميناء الحديدة. استمرت الغارات نحو عشر دقائق وأظهرت مصادر محلية اندلاع حريق كبير في المرفأ وانتشار أعمدة دخان كثيفة. حتى الآن، لم ترد تقارير مؤكدة عن وقوع ضحايا أو أضرار في السفن المدنية المتواجدة بالميناء.

مبررات إسرائيل: بررت السلطات الإسرائيلية الهجوم بأنه جاء “رداً على هجمات الحوثيين المتكررة ضد إسرائيل”، متهماً الحوثيين بنقل أسلحةٍ إيرانية عبر ميناء الحديدة لاستخدامها في هجمات على إسرائيل وحلفائها. وأكد وزير دفاعها أن الغارات ستُستكمل لحين التأكد من بقاء الحصار المفروض على الميناء.

رد الحوثيين الميداني: أفادت قناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين بأن الدفاعات الجوية أطلقت صواريخ أرض-جو أثناء الهجوم، في محاولة لإسقاط الطائرات المهاجمة. ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث العسكري الحوثي يحيى سريع قوله إن “دفاعاتنا الجوية أجبرت الطائرات الإسرائيلية على الابتعاد”، مع أنه لم يقدّم دليلاً على ذلك. ويبدو أن الطرفين يتبادلان الرواية حول مدى نجاح الدفاعات الجوية اليمنية في صد الغارات.

خلفية الصراع والخطوات السابقة

يأتي الهجوم الإسرائيلي ضمن تصعيد مستمر بين إسرائيل والحوثيين منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023. ففي هذه الحرب، تبنّت الميليشيات الحوثية المسلحة في اليمن هجمات بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة ضد إسرائيل بحجة التضامن مع الفلسطينيين. كما استهدفت السفن المارة في البحر الأحمر، مما أدى إلى تراجع حركة الملاحة في هذا الممر الحيوي. ومنذ يوليو 2024 ردّت إسرائيل بسلسلة ضربات جوية على منشآت عسكرية واقتصادية تابعة للحوثيين داخل اليمن، شملت مستودعات نفط ومناطق مدنية، إضافة إلى محاولات اغتيال قيادات حوثية. وأفاد المتحدث العسكري الإسرائيلي بأن ردوده كانت على هجمات الحوثيين التي تضمنت إطلاق مسيرات وصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية.

في الأيام الأخيرة، تصاعد التوتر بعد قصف إسرائيلي في 10 سبتمبر استهدف صنعاء والجوف وقتل فيه أكثر من 40 شخصاً بينهم مسؤولون حوثيون. وكرد فعل، أعلنت إسرائيل الخميس أنها اعترضت صاروخاً وقذيفة أطلقتا من اليمن. ويسود توقع أن تواصل المواجهة التصعيد المتبادل في ظل تعثر مفاوضات هدنة بين حماس وإسرائيل وإصرار الطرفين على توسيع نطاق عملياتهما.

التبعات والتقييم

يُعدّ ميناء الحديدة العنصر الاقتصادي الرئيس في إيرادات الحوثيين، حيث تمر عبره كميات ضخمة من المشتقات النفطية والغذاء، ويرى المحللون أن تدمير بنيته التحتية سيزيد من معاناة المدنيين ويعقد وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الحوثيين. من ناحية استراتيجية، ترمي إسرائيل من وراء ضربة الحديدة إلى تعميق العزلة العسكرية على الحوثيين، ومنعهم من استعادة قدرة الاستيراد والتصدير عبر البحر. وأكدت تل أبيب عزمها على “الاستمرار في ضرب أي تهديد مهما كانت المسافة”، في تلميح إلى أن العمليات في اليمن قد تستمر طالما وُصِف الحوثيون بـ«التهديد الإرهابي» لإسرائيل.

بينما يعتمد الحوثيون على هذه المواجهة لتحسين موقعهم في الصراع الإقليمي والإسلامي المناصر للقضية الفلسطينية، قد تجد طهران في تصعيد المواجهة وسيلة لتعميق الضغط على إسرائيل إقليمياً. ورغم تبادل الاتهامات والضربات، لم يصدر حتى الآن موقف دولي مؤثر لوقف هذا التصعيد الجديد، مما يشي باستمرار موجة العنف في المنطقة.