سركول الجاف تكتب لـ(اليوم الثامن):

تحديات النظام الإيراني ونزع سلاح حزب اللة

 يسعى النظام الإيراني إلى تقديم نفسه كلاعب استراتيجي يتحكم بمصير المنطقة، من لبنان إلى اليمن، ومن القوقاز إلى باكستان. 

إلا أن هذه الصورة القوية ليست سوى قناع يخفي هشاشة النظام: نظامٌ يعاني من أزمات داخلية وضغوط خارجية، وعلى أعتاب تحولات شعبية عميقة. في لبنان، أصبحت مسألة نزع سلاح حزب الله، الذراع الرئيسي للنظام الإيراني، تحدياً دقيقاً. يتناول هذا المقال الوضع الراهن للنظام الإيراني، وسعيه للحفاظ على نفوذه الإقليمي، ومسألة نزع سلاح حزب الله في لبنان.

الجهود الخارجية للنظام الإيراني: استعراض قوة أم هروب من الأزمة؟

يسعى النظام الإيراني إلى تعزيز مكانته في المفاوضات الدولية من خلال ترسيخ نفوذه الإقليمي. في لبنان، يحاول حزب الله مقاومة الضغوط الأمريكية لنزع سلاحه من خلال مشاريع إعادة إعمار باهظة التكلفة. 

في اليمن، يستخدم النظام الحوثيين لإرسال رسائل عسكرية إلى إسرائيل والولايات المتحدة. كما أنه يعزز علاقاته مع دول مثل باكستان وأرمينيا لكسر عزلة البلاد الاقتصادية. 

لكن هذه التحركات، وإن بدت ذكية، تفتقر إلى القوة الحقيقية. 

يواجه حزب الله ضغوطًا داخلية وخارجية غير مسبوقة، والحوثيون عاجزون عن تغيير المعادلات الإقليمية الرئيسية، والعلاقات مع دول مثل روسيا لا يمكن أن تعوّض العزلة الناجمة عن العقوبات.

 هذه المناورات تُبدد موارد النظام دون حل مشاكله الأساسية.

 الأزمة الداخلية في إيران: غضب شعبي على وشك الانفجار

يعيش أكثر من 30 مليون شخص في إيران تحت خط الفقر، وقد أُجبر الآلاف على بيع أعضائهم لتأمين لقمة العيش. 

وقد حوّل التضخم المفرط والقمع السياسي شعارات النظام "المقاومة" إلى أداة لتبرير الفقر والظلم. 

فالنظام، الذي يدّعي مواجهة "الاستكبار العالمي"، يمارس أقسى أشكال الاستبداد ضد شعبه. وقد أضعف هذا التناقض شرعية النظام ووضعه في أزمة وجودية. 

وتكشف موجة الإعدامات (أكثر من 1750 منذ تولي مسعود بزشكيان السلطة) والاعتقالات واسعة النطاق (أكثر من 21 ألف شخص في الأشهر الأخيرة) عن خوف النظام من الانتفاضات الشعبية.

صوت المقاومة: احتجاجات في بروكسل ونيويورك

تجلّى الغضب الشعبي في مظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من الإيرانيين في بروكسل (6 سبتمبر/أيلول 2025) إحياءً للذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. أيّد المتظاهرون خطة مريم رجوي المكونة من عشر نقاط من أجل إيران ديمقراطية، وطالبوا بالحرية وإسقاط النظام، وحثّوا المجتمع الدولي على تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية. وستشهد نيويورك في  (23-24 سبتمبر/أيلول 2025) أيضاً مسيرات لآلاف الإيرانيين وكبار الشخصيات الأمريكية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتعد هذه المظاهرة الأكبر من نوعها بالنسبة للإيرانيين في أمريكا، احتجاجا على الإعدامات والبرنامج النووي للنظام وسياساته الحربية، وتدعم السيدة مريم رجوي "الخيار الثالث"، ألا وهو تغيير النظام من خلال الشعب والمقاومة المنظمة.

لبنان في عام 2025: تحدي نزع سلاح حزب الله

تأسس حزب الله في ثمانينيات القرن الماضي بدعم مالي وعسكري وسياسي من النظام الإيراني، وأصبح أداةً رئيسيةً لتحقيق أهداف طهران من خلال الهيمنة على المنطقة، ويؤمّن الحزب موارده المالية من خلال تجارة المخدرات وغسل الأموال، ويساهم في زعزعة استقرار دول مثل الأردن. 

ومع ذلك، أدت الحروب المتكررة مع إسرائيل وتدمير البنية التحتية في جنوب لبنان إلى تآكل الدعم الاجتماعي للحزب بين الشيعة. 

في أغسطس/آب 2025 ، وتحت ضغط من الولايات المتحدة ودول عربية مثل المملكة العربية السعودية، قدمت الحكومة اللبنانية الجديدة خطةً لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام. 

وتدعو هذه الخطة، المدعومة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، إلى نزع سلاح الجماعات المسلحة جنوب نهر الليطاني. 

إلا أن حزب الله، بدعم من النظام الإيراني، رفض الخطة وهدد بحرب أهلية.

دور النظام الإيراني في الأزمة اللبنانية

تستخدم إيران حزب الله كأداة للحفاظ على نفوذها في المنطقة. 

ونزع سلاح حزب الله تعتبر خسارة طهران لأحد أهم وكلائها الإقليميين. وقد أثارت تصريحات مسؤولين إيرانيين، مثل علي أكبر ولايتي، الذي وصف نزع سلاح حزب الله بأنه غير مقبول، غضب المسؤولين اللبنانيين. 

كما أثارت زيارة علي لاريجاني إلى لبنان في أغسطس/آب 2025 جدلاً واسعاً بسبب دفاعه عن تصرفات حزب الله وتدخله في الشؤون الداخلية اللبنانية. وتعكس هذه المواقف المتناقضة سعي إيران للحفاظ على نفوذها دون تصعيد التوترات الدبلوماسية.

المستقبل والتحديات

يواجه نزع سلاح حزب الله عقبات كبيرة، منها ضعف الجيش اللبناني في مواجهة أسلحة الحزب المتطورة واعتماده على إيران. 

إلا أن تراجع الدعم الاجتماعي والمشاكل الاقتصادية في جنوب لبنان وضعا حزب الله والنظام الإيراني في موقف صعب. كما أضعف سقوط نظام بشار الأسد في سوريا خط الإمداد اللوجستي الرئيسي للحزب. 

في غضون ذلك، تُصرّ الحكومة اللبنانية والأحزاب القومية، بدعم دولي وإقليمي، على احتكار الدولة للسلاح.

الخلاصة

يغرق النظام الإيراني في دوامة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ويواجه موجةً متصاعدةً من الاحتجاجات الشعبية وأنشطة "الوحدات الثورية". ويكشف تنفيذ أكثر من 1750 عملية إعدام منذ تولي بزشكيان السلطة، واعتقالات واسعة النطاق للمعارضين، عن خوف النظام من الانتفاضات الشعبية. 

كما يواجه النظام أزماتٍ مثل الانقطاع المتكرر للكهرباء، ونقص المياه، والتضخم الجامح، مما يُفاقم الغضب الشعبي.

في هذا السياق، يبرز بديل قوي ذو قاعدة شعبية واسعة، بقيادة مريم رجوي، التي تقدم برنامجاً من عشر نقاط لإيران ديمقراطية وإطاراً لحكومة ديمقراطية تحظى بدعم واسع بين الإيرانيين داخل البلاد وخارجها. هذه المقاومة المنظمة، التي تعتمد على الانتفاضات الشعبية وأنشطة "الوحدات الثورية"، تبرز كقوة حاسمة لإسقاط النظام وإرساء الديمقراطية في إيران. في لبنان، يُعدّ نزع سلاح حزب الله اختبارًا لاستقلال البلاد، ويمكنه، بدعم دولي وإقليمي، أن يُضعف نفوذ النظام الإيراني. مصير إيران ولبنان مرتبط بإرادة شعبيهما في تحقيق الحرية والاستقلال.

سرگول الجاف - كاتبة كردية عراقية