عمر علي البدوي يكتب:
تعنت حوثي وفرص مهدورة للسلام
على وقع الإنجاز الذي تحقق برأب الصدع بين حكومة هادي والانتقالي الجنوبي، وتطويق الخلاف بينهما قبل أن يتطور ويستفحل، بوقف شامل لإطلاق النار وإعادة الأمور إلى نصاب اتفاق الرياض، بوصفه الطريق الأفضل لتحقيق السلم ومواجهة الأولويات الضرورية للخروج باليمن من أزمته، تمكن تحالف دعم الشرعية في اليمن من اعتراض وتدمير ثلاثة صواريخ باليستية أطلقتها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من صنعاء باتجاه المملكة، ومجموعة من الطائرات المسيرة والمفخخة في طريقها إلى المدنيين داخل السعودية.
يرفض الحوثي أي فرصة للسلام وتجسير الهوّة بين الأشقاء، على الطريقة الإيرانية، فإن أنهار الدماء والفوضى والاضطراب هي شروط الأرضية المناسبة لإقامة مشروعه وتثبيت أركان حلمه بالسيطرة على أراض عربية جديدة.
في ظل ما تقاسيه طهران اليوم من إحباط الواقع المتزايد شدة وغلظة على مشروعها، يتخبط الحوثي في سلوكه التخريبي والعشوائي لتقويض فرص السلام والاستقرار في اليمن، وغرز أجندة إيران في الواقع المحلي، ورهن ملفه ومستقبله ومصيره بأولويات دولة خارجية.
ساعات فقط، تفصل بين الاعتراض الناجح للصواريخ والطائرات المفخخة الحوثية في سماء السعودية، وبين تقديم واشنطن مشروع قرار يدعو إلى تمديد حظر الأسلحة على إيران ويدين اعتداءاتها على أرامكو.
خطوة من شأنها زيادة الضغوط على طهران وإحباط مشروعها والمواصلة في تعريتها أمام المجتمع الدولي، لاسيما بقية العواصم التي تراهن على ما تتوهم من تعقل ورشد إيراني يمكن مفاوضته ومساومته لخفض ارتداداته الأيديولوجية وإسكات بنادق ميليشياته المتعطشة، ومن بينها الحوثي المعزول في اليمن، وحزب الله اللبناني الذي تحيط به المشكلات حتى تكاد تبتلعه؛ من الوهن في لبنان إلى قانون قيصر في سوريا، الذي يعده بجولة حاسمة من الخنق والتضييق.
لا تزال الرياض تحثّ الأطراف اليمنية قاطبة على الجنوح إلى التفاهم على صيغة جامعة للحل، وتدعم الفرص المفتوحة للسلام، وإرساء شكل الخروج من الأزمة. لكن تعنت الحوثي يتكرر مجددا برفضه مقترح المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الذي يدور في الكواليس والامتناع عن القبول بمقترحات ورقة السلام الأخيرة للمبعوث، بعد أن قبلت بها منذ فترة الحكومة الشرعية لليمن.
ويساعد التحالف دعم مقترحات السلم، بتخفيف حدة النزاعات البينية وتطويق النيران، ووقف وصول إمدادات السلاح لقطع الطريق على أي نوازع انتقامية أو تكسبية تريد لهذه الحرب أن تطول، دون أن تأبه لأوجاع اليمنيين أو استمرار انزلاق بلدهم نحو المجهول.
ولا تزال الحملات الدولية لتشويه السعودية مستمرة لتقويض عمل التحالف في اليمن، يقوم خصوم كل من الرياض وأبوظبي الإقليميون بتمويل ودعم مشاريع الدعاية السلبية وتشويه السمعة، عبر ادعاءات ومزاعم لا تنطلي على الحاذق بالشأن اليمني، ولعل رفع اسم تحالف دعم الشرعية من القائمة السوداء في قتل الأطفال بالأمم المتحدة خير استجابة عكسية لحملات التضليل والنكاية.