عمر علي البدوي يكتب:

السعودية: لا تراجع عن مواصلة التغيير

تزامُن لا يبعث على الحيرة، تتخذه كل من طهران وأنقرة والدوحة ضد السعودية لإعاقة خطواتها التي تنمو وتتعمق نحو التغيير والإصلاح، وتحسين واقعها السياسي والاجتماعي والاستراتيجي للوفاء بتحديات المرحلة وشروط النجاح فيها.

عندما عجزت كل محاولات التشويش التي اتخذتها تركيا لتثبيط عزيمة الرياض في مزاحمتها على المنصة الإقليمية، لاسيما وأن الفشل الفادح الذي تكبّدته في قمة كوالالمبور وخسارة رهان استقطاب أضواء الزعامة الإسلامية إليها، أعادت إحياء ملف الصحافي جمال خاشقجي في الوقت الذي كانت تتحضر فيه الرياض لعقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين عبر الواقع الافتراضي لتطويق جائحة كورونا التي تهدد العالم.

تبدّدت المحاولة للتشويش وآلت للفشل وانعقدت القمة التي انصبت على تجهيز العالم لمواجهة الوباء وزيادة فعالية التفاهم الدولي عبر منصة مجموعة العشرين التي ترأسها السعودية في دورتها الحالية، وغصّت أنقرة بالطُّعم التي سعت لإلقائه في وجه العالم.

وهذا ديدن درجت عليه حكومة قطر منذ انطلاق المقاطعة، وهي تروج لكميات هائلة من الأخبار والدعايات السلبية تنطوي على قدر هائل من التحريض ضد ما تسميه الانفتاح غير المحسوب في السعودية، والتعويل على إثارة الحساسيات السياسية والاجتماعية في الداخل السعودي عبر الحملات الإلكترونية والإعلامية التي تبرع فيها وتسخر لها طاقاتها المتحفزة لوظيفتها الدعائية، لبرمجة المجتمع من خلال الضخ الكثيف والتكراري والمركز على معلومة معينة حتى تترسخ في العقل اللاواعي للمجتمع. ولكن هذا المسار القطري تذروه رياح الثبات على الموقف وثقة الرياض في خطواتها وإجراءاتها الجريئة والقفزات النوعية التي تتبناها في إطار الإصلاح والتغيير.

لقد زادت كمية الاستهداف الإعلامي في الفترة الأخيرة بعد خسارة الدوحة الكثير من رهاناتها على شق الصف وتأليب مجتمعات الرباعي العربي الذي يقف حائط صدّ ضد مخططاتها لاختراق الواقع العربي وتأبيد نفوذ الجماعات الإسلامية المنحسرة.

وقد سجّلت تلك المنصات الممولة قطريا، حالة إفلاس جديد، عبر استضافة معلقين يحملون صفة سياسية لتحليل إجراءات الحكومة السعودية في مواجهة كورونا والتعسف بتقديم تفسيرات شاذة تصب في الاتجاه المغرض الذي تتبناه الدوحة، وبمباركة الهجوم الحوثي الفاشل على المدنيين في السعودية، كتعبير صارخ عمّا سماه وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، بتماهي قطر مع المشروع الإيراني وأداته الحوثية في بلاده.

ورغم أن الدوحة أو أنقرة وطهران لن تستنكف عن شنّ حملاتها التحريضية على المنصات الإعلامية المفتوحة التي مولتها ورعتها لعقود، إلا أن شيئاً من هذه الأعيرة الهوائية لن تغرز أعواد التعثر في دواليب الدأب الذي تتخذه السعودية في الكثير من الملفات التي قطعت فيها أشواطاً كبيرة، مثل الإصلاح الاقتصادي وتعميق أفكار الاعتدال وشؤون المرأة وفرص الانفتاح الرشيد.

يشهد واقع اليوم بالكثير من الثمار المبكرة لخيار التغيير مثل زيادة ديناميكية العمل الحكومي، وحيوية المجتمع بعد تجاوز العوائق الثقافية، وهذا ما يشجع على الاستمرار في النهج والتمسك بالتزام الطريق.