إبراهيم الزبيدي يكتب:

الموت لإسرائيل وأميركا و"النصر" لإيران

لا بد أن يكون غبيا أو غافلا جاهلا أو انتهازيا كبيرا ولديه استعدادٌ فطري لخيانة وطنه وشعبه أيُّ فلسطيني يخدع نفسه وأهله، ويحاول أن يقنعهم بأن الحكام الإيرانيين صادقون في وعودهم للفلسطينيين التي ظل مرشدهم الأعلى الإيراني وكبار مستشاريه ومعاونيه يبشّرون بها، وبأنهم عازمون، فعلا، على تنفيذها في يوم من الأيام.

فمن أول يوم هبط فيه الخميني على أرض مطار طهران في العام 1979 وإلى اليوم وهذا النظام يروّج لفكرة تصدير الثورة، مؤكدا أن العبور من العراق إلى سوريا ولبنان ليس له سوى هدف واحد، هو تحرير الأرض العربية الفلسطينية، والثأر للشعب الفلسطيني، ومحو إسرائيل، وطرد أميركا من المنطقة كلها، وإقامة دولة العدل الإلهي الرشيدة بعد ذلك.

وتحت هذه الذريعة أصبح كل غزو يقوم به حرسُه الثوري لدولة عربية، مباشرةً، أو بواسطة أي ذراع من أذرعه العراقية واللبنانية والفلسطينية والسورية واليمنية التي أنشأها وموّلها وسلحها، إنما هو خطوةٌ على الصراط المستقيم المُوصِل، في النهاية، إلى فلسطين، وتحريرها من النهر إلى البحر كاملة دون نقصان.

ومن أول حربٍ خاضها نظام الخميني، مباشرة، بجيوشه وسلاحه مع غريمه صدام حسين في العام 1980، وما تلاها من حروب أخرى خاضها ورثتُه بالواسطة، وهو يمارس القتل والحرق والتهجير والتخريب والنهب والسلب، ويوسع دائرة نفوذه، فقط من أجل أن يصل إلى حدود إسرائيل.

حتى تحقق له ما أراد، وتمكّن، أخيرا، من إقامة الهلال الشيعي الذي وَعَدَنا بجعله قمرا، ثم وصل إلى شواطئ البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأصبح الكيان الإسرائيلي في مرمى صواريخه التي باركها الله ورسوله والإمام الغائب، وسط تهليل “أولاده” الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والسوريين واليمنيين.

ولكن الذي حصل هو أن كل الكوارث البشرية والمالية والسياسية والأمنية التي أنزلها الحرس الثوري وقائده قاسم سليماني وميليشيات أكرم الكعبي وقيس الخزعلي وهادي العامري وحسن نصرالله والحوثي بشعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، على مدى أربعين عاما، لم تكن من أجل فلسطين، ولا من أجل أيّ عربي أو مسلم آخر، حتى لو كان من أكثر الناس عبودية وولاءً له، وتفانيا في خدمة أهدافه القومية العنصرية الفارسية التي لن تتحقق.

فقد ثبت بالدليل القاطع الموثق المرئي والملموس أن هذا النظام أكذبُ أنظمة الحكم الغوغائية التهريجية الدكتاتورية التي عرفتها المنطقة والعالم، وأشدُّها قهرا لأهله وجيرانه، ولكنه أكثرها جبنا، أمام أعدائها، ونفاقا وانتهازية وتقية.فإسرائيل تصولُ صواريخها وطائراتها ومدافعها في سماء سوريا ولبنان، وتحصد كل يوم أرواح العشرات والمئات، من ضباطه وجنوده وأنصاره، وتدكّ العديد من معسكراته ومخابئ صواريخه وطائراته وميليشياته، وأميركا لا تكف عن إرسال هداياها الصاروخية القاتلة إلى مواقعه العسكرية وميليشياته، وهو لا يفعل شيئا سوى أن يأمر ميليشياته العراقية بإطلاق بضعة صواريخ خائبة على مبنى السفارة الأميركية في بغداد، أو على معسكرات أميركية في العراق، من أماكن مجهولة، كما يفعل اللصوص الجبناء.

وقد عثرت أجهزة الأمن الحكومية العراقية على منصة إطلاق الصواريخ داخل عجلة صغيرة، بعد أن نُقلت إلى هذا الموقع بعد استخدامها في موقع آخر.

وفي وقت لاحق، قالت مصادر الأمن الحكومية إن أحد الصواريخ قد انفجر في مقرّ الحشد الشعبي شرق بغداد، خلال محاولة إطلاقه على السفارة الأميركية، وقَتل ثلاثة وجرح اثنين آخرين.

وهنا نسأل، متى إذن ستزحف جيوش الوليّ الفقيه وميليشياتِه التي طالما تباهى بجبروتها لتمحو لنا إسرائيل، ولكي تعيد لنا فلسطين كاملة، وعاصمتُها القدس الشريف، وتطرد أميركا من المنطقة، كما وعدنا الإمام الخميني ووريثه الإمام علي خامنئي؟ الله أعلم.

ألم يأتِكم نبأ تمثال القتيل قاسم سليماني وهو يشير بإصبع كفه اليمين إلى فلسطين؟ وألم تطلعوا على آخر تصريح أدلى به أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، الجنرال محسن رضائي، قال فيه “نحن جادُّون في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، ولو ردّت إسرائيل على استهداف عين الأسد لساوينا تل أبيب بالتراب”؟

ولكن حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، طمأن الفلسطينيين، بصريح العبارة، فقال لهم في مقابلة تلفزيونية إن “هناك إمكاناتٍ كبيرة للقضاء على إسرائيل، لكن الظروف ما زالت غير ملائمة”.

ثم ماذا؟ وما الداعي للعجلة؟ فقد انتظروا فيلق القدس أربعين سنة لتحرير فلسطين ومحو إسرائيل، وليس صعبا عليهم أن ينتظروا أربعين سنة أخرى. وفي العجلة الندامة، وفي التأني السلامة، والله مع الصابرين.