وديع منصور يكتب لـ(اليوم الثامن):

الأثرياء الجدد !

أستاذ الجامعة الذي لم يحمل السلاح يوما ما ، ولم يطلق رصاصة واحدة طيلة عمره ، يعمل أجيرا الان في دكان صغير بالحي ، بعد أن كان يستدين منه لوقت طويل ، وحين عجز عن دفع ماعليه صار يعمل فيه كل يوم طيلة النهار ، ماعدا يوم الجمعة . يسمع من وقت لآخر بأن بعض تلاميذه اصبح لديهم حراسات يرافقونهم أينما ذهبوا . وأن أحد أبناء الحي المجاور صار من أصحاب العقارات بعد أن كان عاطلا عن العمل ، وواحد لم يسمع به من قبل أصبح من المسؤولين المهمين في الحكومة ، واخر من قيادات الثوار .
إنقطاع الكهرباء في الصيف لساعات طويلة ، وأصوات الرصاص في الليل أصبحا من الأشياء المألوفة ، والتي ومع ذلك تثير الغضب .
كانت هناك إمرأة طاعنة في السن تسكن بجوار بيته . كان والدها من أعيان هذه المدينة قبل عقود طويلة . توفي زوجها بجلطة دماغية ، اما ولدها فقد نزف كثيرا العام الماضي في مكان بعيد بسبب شضايا قذيفة . في بعض الأيام حينما كان ينتهي من عمله في الدكان كان يحرص أن يمر عليها حاملا معه القليل من اللوازم الأساسية لها ، وكان يطمئن أيضا انها مازالت على قيد الحياة .

فتح كتاب كان عنوانه ( الهويات القاتلة ) لكاتب فرنسي من اصل عربي ، أراد أن يكمل قرأة الصفحة التي توقف عندها يوم امس ، لكنه شرد بعيدا بأفكاره . أغلق الكتاب حين سمع صوت زوجته . قالت له كلاما سمعه منها كثيرا من قبل : الناس أصبحوا أغنياء وأنت ماتزال تقرأ الكتب !