د. علوي عمر بن فريد لـ(اليوم الثامن):
مسارات
1- وزير الري في عهد الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم يفترش الأرض اليوم ويتسول في شوارع بغداد وقد هده المرض وكبر السن وألجأته الحاجة إلى ذلك !!
تخيلوا معي لو كان هذا الوزير في أي حكومة يمنية في هذه الأيام .. كيف سيكون وضعه المادي ؟
هل سيتسول مثل هذا الوزير ويجلس مثله على الرصيف ينتظر صدقات المحسنين ؟
كلا وألف حيث صنف اليمن من أكثر الدول فسادا في العالم حسب تصنيف دولي تصدره منظمة الشفافية الدولية ..ويحتل اليمن المرتبة 167 من بين 177 دولة إذ حصل على 18 درجة فقط من 100 ؟؟!!!
لجنة سعودية تكشف أكبر عملية فساد عسكرية في مأرب وقد كشفت اللجنة تسجيل 120 ألف جندي وهمي في محافظة مأرب وحدها ..وقد أدى هذا الفساد إلى إخفاقات كارثية في جبهات القتال التابعة للشرعية !!
هل صدق الشاعر يوم قال «نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا» أو أن الزمن تغير فعلاً؟
أنا أقول إنه ثمة تغيير في الزمن وبالتالي تغير البشر، كأن الزمن لم تعد فيه بركة فالسنة تجري بسرعة فلا نكاد نلحق بها، حتى لو ركضنا معها لا نصل، لأنها تمر بشكل سريع مثل البرق لا تحس به. وكثير من البشر لم يبق همهم إلا مصلحتهم .. وراح زمن الطيبين الذي كان فيه البشر في كل العالم يفكرون في مصلحة بعضهم البعض. . ولكن نلاحظ كل القيم التي عشنا وتربينا على أساسها راحت واختفت، أصبح المال كل شيء وإذا كان عندك المال والسلطة فأنت القوي في زمن لا يرحم أحداً..لقد ولى زمن الأخيار والطيبين ..وولت معه قيم الطيب والنزاهة والسماحة وإنكار الذات !!
عندما كان الأوائل يلتزمون بمعايير الصدق ويطبقون العدالة حتى على أنفسهم : فهذا عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين في عهد بني أمية كان لديه قنديل يضاء من زيت الدولة يستعمله أثناء عمله الرسمي ، وقنديل آخر زيته من ماله الخاص ، يستعمله في شؤونه الخاصة ؟؟!!!ّ
------------------
2- في هذا الزمن الردي تباع الأحذية فوق أرفف زجاجية في محلات مكيفة وتباع الكتب فوق الكراتين في الشوارع على الأرصفة ..اعلم أننا قد أولينا أرجلنا أهمية أكثر من تنمية عقولنا فأصبحنا إلى ما نحن فيه اليوم !!
______
طالما وضعنا على هذا الحال ستبقى العقول فارغة والأرجل دافئة والبطون متخمة والنفوس محبطة ..لأننا فضلنا الحذاء على الكتاب !ّ!ّ
فكيف سنلحق بالأمم الراقية التي يولون الكتاب عناية فائقة كما يلي : أوردت الدراسات أن عدد الكتب المؤلفة سنويًا والمتوافرة للطفل العربي لا تزيد على 400 كتاب، مقارنة بالكتب المؤلفة والمتوافرة للطفل الأمريكي مثلا، والتي فاقت 13260 كتابًا في السنة، والطفل البريطاني 3837 كتابًا، والطفل الفرنسي 2118 كتابًا، والطفل الروسي 1458 كتابًا في السنة الواحدة.
وأفادت الدراسات أن كل 20 مواطنًا عربيًا يقرؤون كتابًا واحدًا فقط في السنة، بينما يقرأ كل مواطن بريطاني 7 كتب أي 140 ضعف ما يقرأه المواطن العربي، أما المواطن الأمريكي فيقرأ 11 كتابًا في السنة أي 220 ضعف ما يقرأه المواطن العربي.
وانتهت الدراسات إلى أن إجمالي ما يتم تأليفه من الكتب سنويًا في الدول العربية لا يساوي أكثر من 1.1% من الإنتاج العالمي السنوي من الكتب، بينما يزيد عدد سكان الوطن العربي مقابل سكان العالم بنسبة 5.5!!
_____.
3- ليتنا نعتبر !!..
ﺟﺎﺀ ﻃﺎﺋﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻛﺔ ماء ﻟﻴﺸﺮﺏ, فوﺟﺪ ﺃﻃﻔﺎﻻ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ, فاﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻏﺎﺩﺭ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ وابتعدوا. ...ﻭلكن ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺫﻭ ﻟﺤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ, ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻄائر ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺬﺍ ﺭﺟﻞ ﻭﻗﻮﺭ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺫﻳﻨﻲ.. ﻓﻨﺰﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻟﻴﺸﺮﺏ.
ﺭﻣﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺑﺤﺠﺮ ﻓﻔﻘع ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ! ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﻄائر ﺇﻟﻰ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺷﺎﻛﻴﺎً. استدعى ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ وقاﻝ له: ﺃﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ عند هذﺍ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ عندما ﺭﻣﻴﺘﻪ؟
ﻗﺎﻝ : لا ﻓﺄﺻﺪﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ حكمه ﺑﻔقع ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ.ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ اعترض قائلا: ﺇﻥ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﺗﺆﺫني، ﺑﻞ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻫﻲ من ﺧﺪﻋﺘﻨﻲ. ﻟﺬﺍ ﺃﻃﺎﻟﺐ ﺑﻘﺺ ﻟﺤﻴﺘﻪ حتى ﻻ ينخدع بها ﻏﻴﺮﻱ!!ﻟﻮ ﺣﻀﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﺍ، ﺗﺮﻯ ﻛﻢ ﻟﺤﻴﺔ كان ﺳﻴﻄﺎﻟﺐ بقصها؟!!
(التاريخ يُحاكم الجميع وأثرك هو خير من يُدافع عنك)
________
4- ﺳﺄﻝ صحفي الكاتب الكبير ﻋﺒﺎﺱ محمود ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ:
من ﺃﺷﻬﺮ أﻧﺖ أم محمود ﺷﻜﻮﻛﻮ ؟؟
رد اﻟﻌﻘﺎﺩ ﺑﺎﺳﺘﻐﺮﺍﺏ: ﻣن ﺷﻜﻮﻛﻮ ؟؟
فنقل ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻟﺸﻜﻮﻛﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ
قال ﺷﻜﻮﻛﻮ : اذهب ﻟﻠﻌﻘﺎﺩ ﻭقل له
ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺻﻴﻒ
ﻭأنا سأﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ
ﻭﻧﺸﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ستتجمع ﻋﻠﻰ ﻣﻦ فينا أكثر؟
فنقل الصحفي ﻟﻠﻌﻘﺎﺩ ﻛﻼﻡ ﺷﻜﻮﻛﻮ
فقال ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ : أذهب وقل ﻟﺸﻜﻮﻛﻮ :
ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺻﻴﻒ
ﻭﻳﺨﻠﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺭﻗﺎﺻﺔ تلبس ﺑﺪﻟﺔ ﺭﻗﺺ
ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ الثاني ﻭﻳﺸاهدها المارة على أيهما سيتجمعون ﺃﻛثر؟؟!!
رسالة العقاد لها مغزى كبير ومهمة جدا في زماننا وواقعنا إن الناس لم يعودوا يهتموا بالقيم والمُثُل ويعطوها حقها ..أصبحوا مع الأسف الشديد يلهثون خلف الإسفاف والابتذال حتى أصبح اجتماع الناس وتجمهرهم هو مقياس النجاح!!
لكن ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ليست بكثرة المصفقين والمهللين.. ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍلتي تضيفها ﻟﻠﻤجتمع ورحل العقاد وشكوكو وبقى الدرس :
د.علوي عمر بن فريد