خالد العبد يكتب لـ(اليوم الثامن):

مؤسسة الشرعية في اليمن بين التخاذل والاستحواذ

 هناك من يخلط ولا يفرق يين مفهوم مؤسسة الحكومة ومفهوم مؤسسة الدولة .. الحكومة هي المؤسسة المعنية بالادارة التنفيذية المباشرة لشئون المواطن؛ والحكومة هي من يتحمل المسئولية الكاملة تجاه ما يعانيه المواطن، وهي - اي الحكومة في اليمن - تتحمل كل ما يعانيه المواطن اليمني في الجنوب، والشمال، والشتات على السواء بسبب ممارساتها للفساد والافساد من اوسع الابواب، كما ان الحكومة اليمنية تتحمل المسئولية الكاملة عن تعطيل مسار العملية السياسية من خلال - الى جانب الفساد والافساد - سعيها الحثيث الى جر البلاد والعباد الى مزيد من الفوضى والانفلات في شتى مجالات الحياة، وكما لم يعد خافيا على احد ارتباط الكثير من عناصر الحكومة ورموزها الكبيرة بالتنظيمات الارهابية ودعمها لنشاط الارهاب والجريمة المنظمة في اليمن والمنطقة، وهذا ذكرته تقارير اعلامية على لسان مسئولين من دول غربية كبرى .

واما الدولة فهي تعتبر مظلة الجميع وسفينتهم للنجاة .. كيف ؟ .. في وضع اليمن الذي يعاني من ازمات واختلالات سياسية، واقتصادية، واجتماعية عميقة معقدة زاد من تعقيداتها السلوك المتبع في ادارة الدولة الذي اتسم، على مدى عقود من الزمن، بالاقصاء والتهميش بعد ممارسة سياسة الضم والالحاق والتوسع مما ولد حالات من الغبن والشعور بالدونية والانتقاص وعدم المواطنة المتساوية بين افراد المجتع، وفاقم منها الدخول بطريقة عاطفية اكثر منها عقلانية في مشروع وحدة سياسية بين الدولتين القائمتين في الشمال والجنوب في سنة 1990م وفشلت ولم تدم بسبب انقلاب الطرف الشمالي الذي بدأ بممارسة سياسة الاجداد المتمثلة في الاقصاء والتهميش للطرف الجنوبي الذي تمت الاغتيالات والتصفيات لكادرة العسكري والمدني منذ الايام الاولى للوحدة، وتم اخراجه من الشراكة التي تمت على اساسها الوحدة السياسية بين الطرفين مما دفع بالطرف الجنوبي الى تنظيم صفوفه للخروج في ثورة قادها الحراك الجنوبي، وتهيئت معها المناخات شمالا للخروج عن الصمت الذي دام قرونا من الزمن، فخرج الشماليون في ربيع السنة 2011م، وقبلهم قادت الحركة الحوثية تمردا على نظام صالح وخاضت معه ستة حروب في صعدة . وبعد ان ازدادت التعقيدات في المشهد اليمني وكادت ان تصل بالبلاد وتنتقل بها في السنة 2011م الى وضع اللا دولة والدخول في صراعات قبلية ومناطقية تفرغها من المؤسسة السياسية (الدولة) كاداة يتمكن من خلالها الآخرون (المجتمع الدولي والاقليم) من التواصل مع الاطراف للتوصل الى حلول ومعالجات لكل القضايا والازمات، سارع الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وربما اكثر من غيرهم من الهيئات والموسسات الدولية والاقليمية، واسهموا الى حد كيير في انقاد اليمن من الوصول الى الفراغ الساسي الذي سيعقد من المشكلات، وتم التوصل الى صيغة تضمن الحفاظ على مؤسسة الدولة كمؤسسة سياسية واطار سياسي يتم معه وفيه وضع الحلول والمعالجات لمختلف القضيايا والازمات بين مختلف الاطراف اليمنية. تمثلت تلك الصيغة في المبادرة الخليجية وآليتها النفيذية التي وضعت شكلا للاطار السياسي الذي يمثل كل الاطراف السياسية والمتمثل في مؤسسة "الشرعية" التي تخاذل بعض الاطراف عن الانخراط فيها مما سهل لبعض الاطراف من الاستحواذ عليها في صورة تمثل اختطافا للمؤسسة (الشرعية) والتحكم في قرارتها وتجييرها لمصالحه السياسية الخاصة .
ولا شك اليوم، بعد التدخل المباشر للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والمشاركة الايجابية لدولة الامارات العربية المتحدة، ومعهم المجتمع الدولي، ووضع اليمن تحت "البند السابع" من الميثاق الاممي، وما وصلت اليه الاحوال في اليمن، لاشك ان الجميع سيستمرون في مد يد العون للحفاظ على مؤسسة "الشرعية" وبقائها - (في مفهومها السياسي ونكرر في مفهومها السياسي) - كاطار جامع لجميع الاطراف السياسية،، والعمل من اجل ضرورة اشراك جميع الاطراف المعنية فيها للانخرراط في العملية السياسية الهادفة الى وضع الحلول المرضية العادلة لمجمل القضايا .. والله من وراء القصد ..

خالد العبد
عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي
عضو مشارك في مؤتمر الحوار الوطني