سالمة الموشي يكتب:

مشروع تمكين السعوديات

حظيت المرأة السعودية باهتمام كبير في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ونالت فرصا إصلاحية مختلفة، ويعكس المسؤولون في السعودية اليوم التوجه الإنساني والحقوقي تجاه النساء وتتوالى القرارات المنصفة تباعا حيث لم يعد هناك من مبرر للالتفات لأصوات أولئك الذين يسمون الأشياء بغير مسمياتها. في يناير المقبل ستكون المملكة العربية السعودية ضمن أعضاء المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة كعضو جديد في مجال تمكين المرأة، بعد أن فازت بالعضوية خلال الانتخابات التي جرت في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مقر الأمم المتحدة.

تتجه السعودية إلى تمكين المرأة في مجالات مختلفة وجعلها شريكا حقيقيا في التنمية والاقتصاد الوطني والبناء الاجتماعي الذي تتبناه رؤية 2030، وتتطلع النسويات لتكن فاعلات ومؤثرات في المرحلة المقبلة في السعودية.

الكثير من التغيرات والقرارات التي كانت في صالح النساء في السعودية كان لها، بشكل أو بآخر، علاقة بتأثير أصوات النساء ومطالباتهن المستمرة والواثقة بالحصول على الحقوق، وبالرغم من الجدل المثار حول كون هذا الحراك النسوي هو تمرد على المجتمع فإن النسويات أكدن مرات كثيرة بأن تناول النساء لقضايا تمس حياة المرأة عمليا، هو أمر لا يمس الرجل وليس له أية علاقة برواج فكرة محاربة المرأة للرجل أو الدين أو الانتقاص من المجتمع.

إن مثل هذه التجديفات التي يروجها المتشددون بخصوص النسويات ليست إلا تغييرا لحقيقة الأمر، إذ يتعلق الأمر في الواقع بكونه مطالبات بحقوق اجتماعية ومدنية وإنسانية لا تمس الآخر بشكل من الأشكال، سواء الرجل أو النساء اللواتي يقفن في الجانب الآخر الذي يجردهن من حقوقهن، معتقدات بأن هذه الأمر يمس الدين. النسوية ليست شرا ولا حربا على رجل أو مجتمع، وليست تشكيلا ثقافيا أو نقديا فقط بل هي حركة إنسانية لخلق حياة أفضل للنساء.

النسويات السعوديات اليوم أصبحن صوتا هاما يمكن وصفه بالقوى الناعمة التي يمكنها تحريك الرأي العام، ولم يعد سؤال “من أين نبدأ؟ وما هي الأولويات؟” يشكل هاجسا لهن، فقد أصبحت هناك مساحة وأصبح هناك من يمكنه التحرك من خلالها وأصبح هناك صوت وهناك من يصغي له. الحراك النسوي ليس ضروريا أن يبدأ من أروقة المثقفين أو الملتقيات الثقافية بل يمكنه أن يتحرك من مكان يوصف بأنه مركز الألم والأمل في الوقت ذاته.

 الحراك النسوي يتحرك من خلال بنية قاسية دينية وقبلية وأبوية تعكس تركيبة المجتمع ووضع المرأة السعودية بنسب متفاوتة، ولأنه ليس ضروريا أن يبدأ من مكان يحمل صفة ثقافية أو رسمية، فقد بدأ يتحرك ويفكك القيود والعوائق الذهنية التي تقيد النساء من منابر مختلفة وبلغة بسيطة وواضحة يمكن وصفها بأنها لغة الرأي العام الذي تمثله النساء. كان هذا المنبر منصة تويتر الذي يتيح لأية امرأة تؤمن بحقها الكامل أن تظهر وتخاطب المسؤولين في ما يتعلق بقرارات أو تحفظات تمس حياتها.

القرارات والأحداث تتسارع في ما يخص المرأة السعودية في الآونة الأخيرة أصبح هناك نافذة مفتوحة تطل منها النساء السعوديات. هي مساحة أقل مما نتطلع له لكنها أفضل مما كنا عليه، وفي كل الأحوال هي بمثابة الخطوات التي تؤدي بنا إلى الهدف المأمول.

قبل يومين أمر وزير العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل بوقف تقديم برامج توعية تقدم للنساء والرجال المقبلين على الزواج في أحد الجمعيات الخيرية، وكانت تقدم محتوى يؤيد ضرب المرأة وتأكيده كنوع من التأديب. الأمر الذي أنتج احتقانا لدى النساء المهتمات والناشطات في ما يخص حقوق المرأة وكرامتها الإنسانية.

النسويات هن من شكلن رأيا موحدا وجماعيا لرفض مثل هذه المعطيات، فقد قمن بنشر الآراء المعارضة والرافضة ما أعطى بعدا مختلفا لكل ما له علاقة بالمرأة السعودية، وهو ما أدى إلى تصريح وزير العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل بوقف المحتوى وإجراء مراجعة من قبل الوزارة على كافة البرامج التدريبية من هذا النوع وتأكيد الالتزام بالأنظمة الجديدة. مراحل التغيير تبدأ من اكتشاف الخلل وتبني تغييره وهي المرحلة الأهم في الحركة النسوية في السعودية. النسويات غيرن الكثير وساهمن في تحريك العديد من المتغيرات الحالية، وهن اليوم قوة تساهم في خدمة المجتمع وتنويره.

*العرب