استراتيجية تُستخدم للضرب في اللحظات الحساسة..
تفكيك تسريب عبدالله الشريف: كيف تعمل ماكينة الإخوان الإعلامية لإشعال الفوضى؟
رغم أن التسريب جاء بصيغة صادمة ومشحونة كما اعتاد الشريف تقديم محتواه، إلا أن طبيعة المادة وما رافقها من تفاعل كشفت سريعاً أن ما جرى ليس "كشف فساد" بقدر ما هو نموذج صريح لطريقة عمل الماكينة الإعلامية الإخوانية.
الاعلامي الإخواني عبدالله الشريف وصف التسريب بأنه "كشف صادم" يُثبت فساداً مهولاً في أعلى المستويات في العائلة المالكة السعودية
لم يكن تسريب عبدالله الشريف مجرد محتوى مثير للجدل على مواقع التواصل، بل كان تجسيداً حيّاً لطريقة تشغيل الماكينة الإعلامية الإخوانية التي تجيد استخدام لحظات التوتر لإطلاق حملات مرتبة بعناية لهدف واحد: إثارة الفتنة. ورغم محاولته الظهور بمظهر "كاشف الفساد"، إلا أن التفاعل الكثيف على منصة "إكس" سرعان ما كشف الخدعة وفضح أدوات وأساليب هذه الحملة، التي تفتقر لأي قيمة تحقيقية وتعمل فقط على إشعال الرأي العام باستخدام تسجيلات مشبوهة ومحتوى إنشائي بلا سند أو دليل.
التسجيل الأخير الذي زجّ فيه باسم الأمير سلطان بن مشعل بن عبدالعزيز، أحد أفراد العائلة المالكة غير الفاعلين في الشأن السياسي، كان نموذجاً على أسلوب الإخوان المعتاد: اختيار شخصية هامشية لتضخيم رواية مشحونة تُقدَّم للرأي العام وكأنها "فضيحة مدوية"، رغم أنها تفتقر لأي محتوى جاد أو معلومات موثقة. التسجيل الذي بثه الشريف في 13 نوفمبر 2025 ضمن حلقة بعنوان "تسريبات آل سعود"، لا يحمل أكثر من لهجة غاضبة واتهامات عشوائية دون وثائق أو سياق واضح.
كرّر الشريف في هذا التسجيل النمط ذاته الذي اتبعه في تسريباته السابقة، سواء تلك التي استهدفت شخصيات مصرية أو جهات أمنية، حيث يعتمد على صوت مجهول، وكلمات مسجلة بلا وجه أو مكان أو توقيت دقيق. يعتمد في كل مرة على الانفعال العالي والتعليق المسرحي ليغطي على فقر المضمون، مدفوعاً برغبة في إثارة أكبر قدر من الجدل في أقل وقت ممكن، لا بكشف حقيقة أو دفع نقاش جاد.
ما تضمّنه التسجيل من إساءات صريحة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتهجمات بلا دليل على وزير العدل وليد الصمعاني، إلى جانب إشارات إلى "محسوبيات وزواجات سياسية"، لم يكن سوى محاولات لبث الشكوك حول مؤسسات الدولة، دون تقديم أي وثيقة أو مصدر أو شاهد. وهذا ما يجعل التسريب في جوهره أداة دعائية لا أكثر، تهدف إلى النيل من استقرار المملكة بطريقة غير مسؤولة.
المثير أن الفيديو أعيد نشره بشكل واسع في حسابات معارضة تدور في فلك المشروع الإخواني، وبُثّ تحت وسم #تسريبات_آل_سعود لتحقيق الانتشار السريع، وهو تكتيك معتاد في حملات التضخيم. اللافت أن التوقيت لم يكن بريئاً، إذ تزامن مع نجاح السعودية في حملة مكافحة الفساد ضمن رؤية 2030، كما جاء وسط توترات إقليمية مع قطر وتركيا، الداعمتين الرئيسيتين للتنظيم، وهو ما يؤشر إلى وجود تنسيق واضح في إطلاق "الرسائل التخريبية" في لحظات حساسة.
وفقاً لرؤية العديد من المحللين، فإن الهدف من هذه التسريبات ليس نقل معلومة أو كشف فساد، بل التشويش على جهود الدولة السعودية ومحاولة تقويض ثقة المجتمع فيها. ويستند هذا النمط إلى أسلوب متكرر: تسجيلات ضعيفة ومبهمة، تغلّف بمصطلحات مثيرة، ثم تُطلق عبر قنوات التواصل كقنابل دخان لتشتيت الانتباه وخلق حالة من البلبلة.
وبالنظر إلى تكرار هذا النوع من "التسريبات"، يتضح أنها ليست حالات معزولة بل أدوات ضمن منظومة إعلامية تنفذ أجندات سياسية واضحة. لا يهم فيها المحتوى أو الحقيقة، بقدر ما يهم إثارة الغضب وزرع الشكوك والانقسامات، دون أي اعتبار لمصلحة الشعوب أو استقرار الدول.


