رسالة إسرائيلية بأبعاد سياسية..
دعوات إسرائيلية لتصفية قادة حماس في قطر: تحذير للدوحة أم تصعيد جديد؟
تصاعد التوتر بين إسرائيل وقطر بعد دعوة وزير الشتات عميحاي شيكلي، لاغتيال قادة حماس في الدوحة، بدعم من وزير الطاقة إيلي كوهين. التصريحات تحذير لقطر التي تعاني من تراجع نفوذها على حماس، وسط فشلها في فرض شروط التهدئة، مما يكشف أزمة تهدد دورها كوسيط وتؤثر على العلاقات الإقليمية.

حماس لم تتجاوب مع طلب قطري بقبول الهدنة لتجنب إغضاب واشنطن وتل أبيب.
أثار وزير الشتات الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، جدلاً واسعاً بتصريحاته يوم الأحد، 27 يوليو 2025، التي دعا فيها إلى اغتيال قادة حركة حماس المقيمين في قطر، في تصريح يُعتبر بمثابة رسالة تحذير للدوحة أكثر من كونه موجهاً لحماس. تأتي هذه التصريحات في سياق توترات متصاعدة بين إسرائيل وقطر، التي تُتهم بعدم قدرتها على الضغط على حماس للقبول بشروط التهدئة، مما يعكس إحباط تل أبيب من فشل الوساطة القطرية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
خلال مقابلة مع إذاعة "كول باراما"، دعا شيكلي إلى "خطة حسم" تشمل السيطرة الكاملة على شمال قطاع غزة، مع قطع الإمدادات الأساسية مثل الماء والكهرباء، ومنع عودة السكان إلى المنطقة شمال محور نتساريم. وأضاف بشكل صريح أن إسرائيل يجب أن تستهدف قادة حماس في قطر، متهماً الدوحة بتوفير "حصانة" للذراع الدعائية للحركة. تصريحات مماثلة أدلى بها وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي أكد أن أي قيادي في حماس، سواء داخل غزة أو خارجها، ليس له حصانة، مشيراً إلى إمكانية تنفيذ عمليات اغتيال خارج القطاع.
يأتي هذا التصعيد اللفظي في ظل فشل قطر في إجبار حماس على قبول شروط التهدئة التي تشمل نزع سلاح الحركة، منعها من حكم غزة، وترحيل قادتها السياسيين والعسكريين خارج القطاع. ويرى المراقبون أن هذا الفشل يعود إلى تراجع نفوذ قيادات حماس المقيمة في قطر على القيادات الميدانية في غزة، خاصة بعد مقتل قادة بارزين مثل إسماعيل هنية في طهران وصالح العاروري في بيروت خلال السنتين الأخيرتين. هذه العمليات أظهرت قدرة إسرائيل على تنفيذ اغتيالات مستهدفة خارج غزة، مما يجعل تهديدات شيكلي وكوهين ليست مجرد خطاب سياسي، بل تحمل دلالات عملياتية محتملة.
تكمن المشكلة الأساسية في تراجع قدرة قطر على التأثير على حماس. فقد أصبحت القيادات الحالية للحركة، التي تفتقر إلى الخبرة في التفاوض أو المناورة السياسية، أقل تجاوباً مع الضغوط القطرية. كما أن استمرار القصف الإسرائيلي والغضب الشعبي الفلسطيني من الأوضاع الإنسانية في غزة دفعا حماس إلى تبني سياسة "الهروب إلى الأمام"، برفض تقديم تنازلات بشأن قضية الرهائن. هذا الوضع جعل قطر في موقف حرج أمام الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث فقدت أوراق الضغط التقليدية، مثل تهديد قادتها بطردهم من أراضيها.
سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن اتهم قطر بانحياز وساطتها لصالح حماس، واصفاً إياها بـ"مظلة" تمكّن الحركة من المماطلة في إطلاق سراح الرهائن. وكتب نتنياهو على منصة إكس أن على قطر أن تختار بين "الحضارة" و"وحشية حماس"، داعياً إلى وقف "الحديث المزدوج".
هذه التصريحات تعكس غضب إسرائيل من نجاح حماس في استثمار المأساة الإنسانية في غزة لصالحها، حيث أدت الانتقادات الدولية إلى إجبار إسرائيل على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، مما جعل الحرب تبدو وكأنها موجهة ضد سكان القطاع وليس ضد الحركة.
قد تضطر قطر، تحت الضغط الإسرائيلي، إلى إصدار تصريحات تنتقد موقف حماس بشأن الهدنة، أو حتى التلميح بالانسحاب من الوساطة لاختبار مدى تمسك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدورها. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تزيد من تعقيد المشهد، خاصة أن قطر تواجه تحديات في الحفاظ على صورتها كوسيط محايد أمام اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، الذي يتهمها بدعم حماس مالياً واحتضان قياداتها.
تُظهر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة تصعيداً في الضغط على قطر، التي تجد نفسها في موقف صعب بسبب تراجع نفوذها على حماس. في الوقت ذاته، تعكس هذه الدعوات إحباط إسرائيل من استمرار قدرة الحركة على المماطلة واستثمار الأزمة الإنسانية في غزة. ومع استمرار الحرب وتعثر المفاوضات، يبقى السؤال حول مدى قدرة قطر على استعادة دورها كوسيط فعال، أو ما إذا كانت ستضطر إلى إعادة تقييم موقفها في ظل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية المتزايدة.