التكلفة والنتائج والتداعيات في اليمن 2025..

عملية "الفارس الخشن": مليار دولار لوقف هجمات الحوثيين.. هل نجحت أم فشلت؟

في الفترة الممتدة من مارس إلى مايو 2025، شهد اليمن تصعيدًا عسكريًا لافتًا تمثل في حملة أمريكية مكثفة ضد جماعة الحوثيين. أُطلق على هذه العملية اسم "الفارس الخشن" (Operation Rough Rider)، وجاءت ردًا مباشرًا على الهجمات الحوثية المتكررة على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى استهدافهم لإسرائيل.

ضربة سابقة في اليمن

صنعاء

شهدت الفترة من مارس إلى مايو 2025 تصعيدًا عسكريًا كبيرًا في اليمن، حيث نفذت الولايات المتحدة حملة عسكرية مكثفة ضد جماعة الحوثيين في شمال اليمن، تحت اسم "عملية الفارس الخشن" (Operation Rough Rider).

جاءت هذه العمليات ردًا على هجمات الحوثيين على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر واستهدافهم لإسرائيل، في سياق التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة. يستعرض هذا التقرير تفاصيل العملية، نتائجها، والتداعيات الإقليمية بناءً على تقرير صادر عن مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (ACLED) ومصادر أخرى.

تفاصيل العملية العسكرية

الفترة الزمنية: بدأت العملية في 15 مارس 2025 واستمرت حتى 5 مايو 2025، مع إعلان وقف الغارات الأمريكية في 6 مايو 2025 بعد اتفاق تهدئة بوساطة عمانية.

حجم العملية: شملت العملية 461 غارة جوية وهجمات بطائرات بدون طيار، استهدفت مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، بما في ذلك:

رادارات وأنظمة دفاع جوي.

منصات إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

منشآت تخزين أسلحة ومراكز قيادة في صنعاء، الحديدة، تعز، وصعدة.

القوات المشاركة: نفذت العمليات بواسطة طائرات مقاتلة من حاملة الطائرات "هاري إس. ترومان" في البحر الأحمر، إلى جانب طائرات هجومية ومسيرات أطلقت من قواعد إقليمية. انضمت المملكة المتحدة إلى العمليات في 30 أبريل 2025.

النتائج والخسائر

الخسائر البشرية:

مقتل 515 شخصًا على الأقل، منهم:

384 مقاتلًا حوثيًا.

131 مدنيًا.

أفادت مصادر حوثية بمقتل 53 شخصًا على الأقل وإصابة حوالي 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال، في غارات بدأت في 15 مارس 2025.

الأهداف المدمرة:

تدمير منشآت عسكرية رئيسية، بما في ذلك منصات صواريخ وطائرات مسيرة، وورش تصنيع أسلحة في صعدة.

استهداف قادة عسكريين حوثيين، بما في ذلك مسؤول عمليات الطائرات المسيرة، لكن لم يتم القضاء على القيادة الوطنية للجماعة.

التكلفة المالية: قدرت تكلفة العملية بحوالي مليار دولار في أقل من ثلاثة أسابيع، مع استخدام ذخائر بمئات الملايين من الدولارات.

السياق والأسباب

هجمات الحوثيين:

شن الحوثيون أكثر من 190 هجومًا على سفن تجارية وعسكرية في البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023، تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة، مما أدى إلى تعطيل 30% من حركة الحاويات البحرية العالمية.

استهدف الحوثيون إسرائيل بـ 24 هجومًا في مايو 2025، بزيادة 33% عن أبريل، وأعلنوا حصارًا رمزيًا على ميناء حيفا.

الأهداف الأمريكية:

حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر.

ردع الحوثيين عن استهداف السفن التجارية والعسكرية.

إرسال رسالة إلى إيران وحلفائها بجدية الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات الإقليمية.

ردود الفعل

الحوثيون: أدانوا الغارات واعتبروها "جرائم حرب"، وتعهد المتحدث العسكري يحيى سريع بالرد، حيث استهدفوا حاملة الطائرات "هاري ترومان" بـ 18 صاروخًا وطائرة مسيرة في 16 مارس 2025.

إيران: نفت تقديم دعم مباشر للحوثيين، لكنها حذرت من رد "حاسم" إذا استهدفتها الولايات المتحدة.

إسرائيل: نفذت 13 غارة جوية على مواقع حوثية في صنعاء، الحديدة، وعمران في مايو 2025، ردًا على الهجمات الحوثية.

المجتمع الدولي: دعمت دول مثل نيوزيلندا الغارات لدعم الأمن البحري، بينما عارضت أحزاب المعارضة في نيوزيلندا العمليات لعدم وجود تفويض أممي. سلطنة عمان عارضت التصعيد وحذرت من تأجيج الوضع.

التداعيات الإقليمية

التهدئة الهشة: أدى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة عمانية في 6 مايو 2025 إلى توقف الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، لكن التقرير حذر من أن التهدئة "هشة" وقد تنهار إذا وسع الحوثيون عملياتهم أو اختبرت الأطراف الخطوط الحمراء.

تصعيد ضد إسرائيل: رغم التهدئة في البحر الأحمر، زادت الهجمات الحوثية على إسرائيل، مما يشير إلى تحول استراتيجي نحو استهداف البنية التحتية الإسرائيلية.

التأثير الاقتصادي: تسببت هجمات الحوثيين في تحويل 60% من سفن الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، مما زاد تكاليف الشحن العالمي.

التوترات مع إيران: رأى محللون أن الغارات تهدف جزئيًا إلى إرسال رسالة إلى إيران بشأن برنامجها النووي والصاروخي، مما قد يؤثر على مفاوضات نووية مستقبلية.

التحليل والتقييم

فعالية العملية: رغم التكلفة الباهظة والدمار الواسع، أشارت تقارير إلى محدودية تأثير الغارات في إضعاف قدرات الحوثيين بشكل دائم، حيث واصلوا هجماتهم على إسرائيل وحافظوا على بنية قيادتهم.

التحديات الاستراتيجية: أظهرت الحملة صعوبة تحقيق حسم عسكري ضد جماعة متمركزة في جغرافيا جبلية معقدة، مع استمرار الدعم الإيراني.

المخاطر المستقبلية: حذر تقرير ACLED من أن أي تصعيد حوثي أو خرق للتهدئة قد يؤدي إلى تدخلات عسكرية أوسع، مما يعيد إشعال التوترات الإقليمية.

كانت عملية "الفارس الخشن" واحدة من أكبر العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية. ورغم تحقيقها نجاحات تكتيكية، مثل تدمير بنى تحتية حوثية ووقف هجمات البحر الأحمر مؤقتًا، إلا أن النتائج الاستراتيجية ظلت محدودة.

التهدئة الحالية تبدو هشة، مع استمرار التوترات بين الحوثيين وإسرائيل، واحتمالية تجدد التصعيد إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. يبقى الوضع في اليمن معقدًا، حيث تتشابك الأبعاد المحلية والإقليمية، مما يتطلب نهجًا دبلوماسيًا وعسكريًا متوازنًا لتحقيق استقرار دائم.