بعد مرور أربعة أشهر من توقع الاتفاقية الإيرانية السعودية..؟
اتفاق بكين مارس/ آذار2023.. هل أصبحت الرياض الحارس الأمين لأذرع طهران في المنطقة؟
الصراع بين السعودية وإيران القى بضلاله على دول المنطقة سوريا اليمن العراق لبنان البحرين وتلك الدول كانت أكثر ضررا من التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية

سفير السعودية لدى اليمن محمد ال جابر مسؤول عن انشاء كيانات سياسية مناطقية في الجنوب - أرشيف

غالبا لا تنتصر وتنجح تلك الاتفاقيات والمعاهدات التي تأتي على حساب الشعوب وما جرى من تفاهمات إيرانية سعودية في شهر مارس من هذا العام تدخل في ذلك المسار حيث إن أربعة بلدان في الوطن العربي تحولت شعوبها وأنظمتها إلى ضحية لذلك الصراع الخفي والحرب الباردة بين إيران والسعودية وخسرت الكثير إنجازاتها الوطنية في سبيل الدفاع بقاءها ووجودها فسوريا واليمن ولبنان والعراق صارت حديقة خلفية ترمى إليها مخلفات الصراع السعودية الإيراني، وفي ليلة وضحاها أصبح في المواجهة وحدها وصارت قائدة التحالف والدرع العربي ليست من أولوياتها الحديث عن الأمن القومي العربي او الدفاع عن المقدسات والدين والعقيدة وهذا ما كشفت عنه الاتفاقية الأخيرة بين إيران والسعودية حيث تم تناسي تلك البلدان الضحية وذهبت ترتب مصالحها دون ان تذكر تلك الملفات العربية المهمة.
الأسئلة:
- ما سر تداعي عدد من الدول من إعلان تحالفاتها الأمنية مع إيران؟
- هل أصبحت السعودية الحارس الأمين لأذرع إيران في المنطقة؟
- ما مصير الدول والشعوب العربية المناهضة للسياسية الإيرانية في المنطقة العربية؟
- ماذا عن الدول العربية الخاضعة للهيمنة الإيرانية؟
- ماذا عن الجزر والأراضي العربية التي احتلها إيران؟ وهل أصبحت أحد الملفات المؤجلة؟
كل هذه الأسئلة تجيب عليها هذه القراءة التحليلية، لنستشرف التحديات والمخاطر التي قد تتجلى من مثل تلك التحالفات الهشة.
وفي سبيل تحقيق تلك القراءة لابد ان نعود الى اهم بنود تلك الاتفاقية؟ وماذا تحقق منها وما الذي لم يتحقق بعد؟ فقد ذكر البيان المعلن في ختام تلك التفاهمات " أن الجانبين اتفقا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001.
وقد تضمن الاتفاق اهم النقاط وهي:
- الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما.
- تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
- اتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
- اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمنية بينهما، الموقعة في 22/1/1422هـ، الموافق 17/4/2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2/2/1419هـ الموافق 27/5/1998 م.
- أعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
ماذا بعد التفاهمات السعودية الإيرانية؟
بعد مرور أربعة أشهر على الاتفاق الإيراني السعودي في بكين في 10 مارس/ آذار الماضي لإنهاء القطيعة الدبلوماسية واستئناف العلاقات، تؤكد مواقف الرياض وطهران سير البلدين قدماً في تنفيذ بنوده، إذ اتخذت بالفعل خطوات عدة لتطبيق عدد منها، وإن كان هناك إقرار بأن بعضها الآخر يحتاج إلى وقت أطول. وفي موازاة ذلك تطرح تساؤلات عمّا خفي من الاتفاق، لاستشراف تأثيره المستقبلي في مجمل العلاقات الإيرانية السعودية، والوضع الإقليمي المعقد وتوازناته وملفاته الساخنة في المنطقة العربية، بالإضافة إلى الدور الصيني، الذي ينظر له كضامن لتنفيذ الاتفاق.
والقارئ لما برزت بعد الاتفاق، خلال الفترة الماضية يرى معطيات ساهمت في ترطيب الأجواء وجعلها مريحة، منها:
- دعوات متبادلة بين كبار مسؤولي البلدين، وصدور مواقف إيجابية عنهما، تؤكد حرصهما على المضي قدماً في فتح صفحة جديدة.
- إجلاء السعودية الرعايا الإيرانيين من السودان، و"الحفاوة البالغة" التي تلقاها هؤلاء في جدة من قبل مسؤولين سعوديين.
- وتجلت عدد من المواقف التي أبدتها السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية تجاه الدول العربية المناهضة للمشروع الإيراني في المنطقة.
- التزام الإعلام الإيراني الرسمي وشبه الرسمي وكذلك إعلام أذرعة إيران في المنطقة العربية عن مهاجمة السعودية، واختفت من تغطياته تلك المفردات التقليدية، ليروج للاتفاق و"الابتعاد" السعودي عن الولايات المتحدة.
- إعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما"، فضلاً عن عقد وزيري الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك، وترتيب تبادل السفراء، ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
وما تحقق من نتائج في تلك الاتفاقية هي بالنسبة للمملكة العربية السعودية تنازلات استراتيجية فقد كانت تصرح دائما في إعلامها الرسمي إذ صرح الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية عام 2017، على عدم وجود نقاط التقاء مع النظام الإيراني ووصف نظام طهران بأنه قائم على "أيدولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره وأن السعودية هدف رئيسي للنظام الإيراني"، كما تعهد، في مقابلة عام 2017، بالعمل على نقل المعركة إلى داخل إيران.
هذا ما جعل عدد من الدول العربية تدخل في معمعة الحرب مع السعودية لما لها من مكانة دينية وسياسية في المنطقة وهناك كثير من الحلفاء العرب من اعلن المواجهة مع المشروع الإيراني في المنطقة وهناك حرب دامت عقد من الزمن قدم فيها العديد من التضحيات.
التحولات الكبرى والمفاجئة للمملكة والتي أثارت صدمة لدى الشارع العربي حين ادلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أبريل/نيسان 2021، تحدث فيها عن موقف بلاده من إيران نقاشا حول حقيقة تغير موقف الرياض من طهران والأسباب التي قد تقف وراء هذا التغيير.
وفيما بدا تبدلا ملحوظا في لهجة الرياض، قال ولي العهد السعودي في مقابلة تليفزيونية: "إيران دولة جارة، وكل ما نطمح له أن يكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران". وأضاف ولي العهد: "لا نريد وضع إيران أن يكون صعبا، بالعكس نريد إيران مزدهرة وتنمو، لدينا مصالح فيها، لديهم مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".
وفي إشارته لنقاط الخلاف مع طهران، قال محمد بن سلمان: "إشكاليتنا هي في التصرفات السلبية التي تقوم فيها إيران، سواء من برنامجها النووي أو دعمها لميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامج صواريخها الباليستية".
وبدا الأمير متفائلا بإمكانية الوصول إلى تفاهمات قائلا: "نعمل اليوم مع شركائنا في المنطقة وفي العالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات، ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقة طيبة وإيجابية فيها منفعة للجميع".
ولم يتوقف مدى هذا التغير في موقف ولي العهد السعودي مع ايران فقط بل امتد ذلك التحول الى المليشيات التي غرست في خاصرة الوطن العربي ومنها الحركة الحوثية الإيرانية المتطرفة التي وصفها الأمير محمد بن سلمان قائلا، "نتمنى أن يجلس الحوثي على طاولة المفاوضات للوصول لحلول تكفل حقوق الجميع.. الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة عروبية نتمنى أن تحيى فيه بشكل أكبر ويراعي مصالحه ومصالح وطنه".
الملفات ذات العلاقة
من المعلوم أن الصراع بين السعودية وإيران القى بضلاله على دول المنطقة سوريا اليمن العراق لبنان البحرين وتلك الدول كانت أكثر ضررا من التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية والتي مازالت حد اللحظة. ورغم تلك التفاهمات الإيرانية السعودية فقد ظلت تلك الملفات سر الكتمان بل ان هناك تصريحات تحيد تلك الملفات التي هي في الأساس مصدر الصراع في المنطقة" وتؤكد إيران أن محاور المباحثات مع السعودية كانت ثنائية، ولم تتطرق إلى ملفات إقليمية، مثل اليمن أو لبنان، فيما شهد اليمن خلال الفترة التي مضت، تطورات إيجابية باتجاه الهدنة، وزار وفد سعودي صنعاء وأجرى لقاءات مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
في هذا السياق نشر علي موسوي خلخالي، لـ"العربي الجديد"، إن "أي اتفاق يتناول جميع القضايا الخلافية"، مشيراً إلى أن الخلاف الإيراني السعودي حول الملف اليمني "كان في ذروته، وكان أحد مطالب الجانب السعودي المساعدة الإيرانية في معالجة هذا الملف"
ما سر تداعي عدد من الدول من إعلان تحالفاتها الأمنية مع إيران؟ حيث أعلن قائد بحرية الجيش الإيراني، الأدميرال شهرام إيراني، أن تحالفاً بحرياً إقليمياً سيتشكل قريباً، لافتاً إلى أنه سيضمّ إيران، والسعودية، وقطر، والبحرين، والعراق، وباكستان، والهند.
وقال، في تصريحات للتلفزيون الإيراني: إن "جميع دول شمال المحيط الهندي وصلت إلى قناعة بضرورة العمل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتحقيق الأمن بشكل مشترك من خلال تعاون لافت". وتابع، وفق ما نقلت وكالة "فارس" الإيرانية: "سنشهد قريباً أن منطقتنا ستخلو من أي قوة غير مبرر وجودها، وستكون شعوب المنطقة هي المسيطرة في مجالها الأمني باستخدام جنودها". ورداً على سؤال عن الدول التي تطلب أن تكون حاضرة في عمل إقليمي مشترك مع إيران، قال إيراني: "سبق لنا عمل مشترك مع عمان، والآن السعودية تتجه في هذا المنحى، وهنالك أيضاً دول الإمارات، وقطر، والبحرين، والعراق، وباكستان، والهند". وأضاف: "تقريباً كل دول منطقة شمال المحيط الهندي باتت تعتقد أنه ينبغي لها الوقوف إلى جانب جمهورية إيران الإسلامية، وتحقيق الأمن بشكل مشترك مع تآزر كبير.